بدء تصويت المصريين في الخارج ب30 دائرة ملغاة بأحكام القضاء لانتخابات النواب    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن في 30 دائرة لانتخابات النواب    تايلاند تشن غارات جوية ضد الجيش الكمبودي بعد اشتباكات حدودية دامية    تصاعد التوتر في الشرق الأوسط ومسار "خطة ترامب" بين إسرائيل وأميركا ( تحليل إخباري )    طقس اليوم الإثنين.. تحذيرات من حبات برد وبرق ورياح قوية    اليوم.. محاكمة 7 متهمين بقضية خلية مدينة نصر الثانية    نتنياهو يشكك في قدرة القوة الدولية على نزع سلاح "حماس"    انسحاب إيران من سوريا قبل سقوط الأسد..كواليس الساعات الأخيرة    يلا سبووورت ⛹️ بث مباراة عمان وجزر القمر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة والتشكيل المتوقع    أسعار السمك اليوم الاثنين 8-12-2025 في محافظة الأقصر    انكماش اقتصاد اليابان في الفترة من يوليو إلى سبتمبر    2026 عام الانطلاقة الجديدة لحديقة الحيوان.. والعودة لاتفاقية سايتس    نهال عنبر تنعى صديقة عمرها: قلبي موجوع ومش مصدقة إنك مشيتي    شاب يقتل والدته بتهشيم رأسها لخلافات أسرية في مدينة الشيخ زايد    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    أفضل الطرق الطبيعية لملء الفراغات في الحواجب الخفيفة    وزير الحرب الأمريكي يتجاهل سؤال الصحفيين حول ضرب فنزويلا    ملفات ساخنة وأحداث مُشتعلة فى تغطية خاصة لليوم السابع.. فيديو    نتنياهو: مفاوضات جنوب سوريا تتواصل مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    ماسك يشبّه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    شئون البيئة: مصر ستترأس اتفاقية برشلونة للبيئة البحرية خلال العامين القادمين    "قطرة ندى" للشاعر محمد زناتي يفوز بجائزة أفضل عرض في مهرجان مصر الدولي لمسرح العرائس    لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    ياهو اليابانية.. والحكومة المصرية    مجموعة التنمية الصناعية IDG تطلق مجمع صناعي جديد e2 New October بمدينة أكتوبر الجديدة    أمريكا: اتفاق «قريب جدًا» لإنهاء حرب أوكرانيا |روسيا والصين تجريان مناورات «مضادة للصواريخ»    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر ديسمبر 2025    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    أوندا ثيرو: ميليتاو قد يغيب 3 أشهر بعد الإصابة ضد سيلتا فيجو    إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى وسيصنع التاريخ بحصد كأس أمم إفريقيا    أشرف صبحي: قرارات الوزارة النهائية بشأن حالة اللاعب يوسف ستكون مرتبطة بتحقيقات النيابة    غرفة عقل العويط    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    رئيس "قصور الثقافة": السوشيال ميديا قلّلت الإقبال.. وأطلقنا 4 منصات وتطبيقًا لاكتشاف المواهب    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا «بتاع لقطة»    كم عدد المصابين بالإنفلونزا الموسمية؟ مستشار الرئيس يجيب (فيديو)    كيف يؤثر النوم المتقطع على صحتك يوميًا؟    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018    احذر تكرار قيد المولود يعرضك للحبس وفقاً للقانون    وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    3 أكلات يجب تجنبها لتحسين مقاومة الأنسولين    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل شيء ممكن في نيويورك جميل ملاعب
نشر في نقطة ضوء يوم 30 - 12 - 2015

لم يكن يخطر في بال جميل ملاعب يوماً أن عالمه اليومي الذي أنشأه بالحب والسجيّة الطليقة وحَفرَ تفاصيله على مهجة القلب في كتابه «قريباً من الوطن»، سوف يعاود ظهوره ليدخل في نسيج أعماله في فن الغرافيك GRAPHIC ART، التي نفّذها خلال سنوات الدراسة في معهد برات PRATT في نيويورك (طباعة حريرية، حفر على الخشب وليتوغرافيا...)، وأن حكاياته التي جزّ عشبها وأنبت زهورها ستعود وتطفو من جديد على سطوح غائرة وبارزة، بِصُوَرِها وكائناتها وعناصرها، كي تعكس تجليات يومياته بحلوها ومرّها «بعيداً من الوطن». والمعرض الذي تنظمه ندين بكداش لمحفورات جميل ملاعب وأعماله المائية في غاليري جانين ربيز (من 13 كانون الثاني/ يناير إلى 5 شباط/ فبراير 2016) تعكس مساراً فنياً متأرجحاً بين مرحلتين متباعدتين زمنياً، غير أن ما يجمعهما هو تيمة واحدة ألا وهي مدينة نيويورك.
في المرحلة الأولى (1984- 1987) كان جميل يواجه صدمة الحداثة النيويوركية بالعودة إلى ما يشبه براءة مفردات الحياة القروية التي اعتاد أن يجسّدها في أعماله من خلال موتيفات الطيور والأشجار والحدائق والنساء والزخارف. لذلك نجد في محفوراته عالمين متناقضين ينازعان بعضهما بعضاً في الاستيلاء على فضاء العين، ربما ليس على نحو صراع الشرق والغرب، بل بما يشبه رحلة بول غوغان إلى ما وراء البحار لاستلهام طبيعة الشعوب البدائية والغموض السحري للحضارات القديمة في مواجهة زيف الحياة الباريسية المتمدنة وهمومها وشجونها.
ولكن قلق جميل لا يعدو كونه غريباً يفتش عن نفسه، بين أسلوبه المعتاد على التلقائية - الفطرية من جهة ومؤثرات مدرسة نيويورك التي أسست لفنون ما بعد الحداثة من جهة أخرى. لذا تبدو علاقته بتجارب فناني النيو- دادائية والبوب آرت علاقة وطيدة تدور في فلك أيقونية الصورة وعالم المفردات motif البصرية التي تعبّر عن وقائع الحياة اليومية للمجتمع الأميركي ذي الطبيعة الاستهلاكية: إشارات أرقام أخبار النشرة الجوية منظر السنترال بارك من هنا نصب الحرية من هناك ناطحات مانهاتن... دولارات وأحذية وماركات تجارية ودولاب الحظ وتعليقات صحافية ثم حديقة وطائر وشمس وصقيع... إذاً هي صور من حياة استهلاكية بلا سياقات محددة يتم توليفها بمنطق تجميعي دلالي، قائم على تداخل المسطحات وتكرار الأشكال (متعاكسة ومتعامدة).
وكثيراً ما تتردد عبارة New York وكثيراً ما تتقاطع صور النساء مع كتابات شعرية متحررة (متراصة ومبعثرة وعشوائية) تملأ فراغات المطبوعة وتسيّدها بطوابير من سطور نابضة بالرقة تفيض بالمعاناة والضغط النفسي، ليست إلا الوجه الآخر والخفي لفنان يعرف كيف يستنطق نفسه ويصادقها.
هذه المثاقفة في اكتشاف الحضارة الجديدة التي وصفها جميل في إحدى نصوصه ب «الحضارة العدوانية»، دفعته إلى المضي في تحدي ذاته، حتى أضحى ما ينقشه ويكتبه على سطوح محفوراته شبيهاً بالمونولوجات أو اليوميات، إذ أنها تعكس نضجه المبكر ووعيه بمحاولات إيجاد صيغ فنية معاصرة تواكب الاتجاهات العالمية في فن الغرافيك، وتؤكد في الوقت عينه على ثراء خصوصيته الشرقية. فجميل ملاعب على رغم قلقه كانت له عين تصِفُ وتنتقدُ ما يحيطها، ولكن سره أنه كان شخصاً واثقاً ومتفائلاً لذا ظهر عالمه مطمئناً وممتعاً وعلى جانب من التسلية.
لعل السر أيضاً يكمن في فن الغرافيك نفسه، الذي لطالما كان الميدان الذي يحلّق فيه جميل ملاعب ويبرع، لا سيما في ما يخص الحفر على الخشب وكيفية تسليمه زمام الأمر لبداهته في تقسيم العالم إلى حقول أفقية مثل أرض خصبة مهيأة للحرث، أو بطريقة عمودية شبيهة بالشلالات الهابطة من أعلى قمة في المخيلة. هكذا تتراءى الناطحات الشاهقة المتعامدة على الآفاق الوهمية لجسور نيويورك التي تربط بين ضفتي الحقيقة واستعاراتها الشعرية وأوهامها وسحاباتها الرمادية التي تفيض بعبارات البوح العاطفي وتزدحم بالصور والتفاصيل لكأنها في سباقٍ مع الزمن... في عصر السرعة والحركة والازدحام وسط عالم الدعاية والاستهلاك والشهرة.
ونيويورك مدينة المال والتجارة صانعة نجوم السينما وملوك الجاز، هي المدينة الساحرة ذات السطوة التي يبدو فيها الإنسان صغيراً ومسحوقاً تحت أقدام ناطحاتها وهو يوجّه ناظريه إلى الأعلى ليراها واقفة متألقة مثل فسيفساء ألوان وأضواء خاطفة.
ثم كان لجميل ملاعب رجعة أخرى إلى نيويورك في عام 2015 ولكن هذه المرة بشَعرٍ أشيب وتجربة عميقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.