فقدت الحركة التشكيلية المصرية الأسبوع الماضي الفنانة مريم عبدالعليم التي تعتبر من أبرز فنانات الجيل الثاني في فن الجرافيك المصري. مرت الفنانة بعدة مراحل فنية بدأت بالواقعية التعبيرية مستوحية فيها المدرسة المصرية القديمة للفن الفرعوني ومتناولة موضوعات مصرية وأفريقية وفي مراحلها الأخيرة لجأت الي التكوين المسطح ذي البعد الواحد وإلي الاختزال والإيجاز المتعمد. وهي تتميز في تناولها المتنوع للخامات والتقنيات الجرافيكية إلي جانب استخدامها لعنصر اللون بمهارة واقتدار. وأقوي ما عندها هو التصاقها المصحوب بأحداث يومياتها من سياسية واجتماعية الي طبيعية وعاطفية, فهي مصرية في رؤيتها لأشياء الحياة وفي تفاعلها مع تربة الأرض. مريم عبد العليم تؤكد لنا أن هناك شيئا مهما وجديا لأن محفوراتها ثرية برؤية تستغل أجمل ما في الطبيعة للتعبير عن بواطن انفعالاتها المرهفة الي حدود الانفعالات, إنما دون حدوث هذا الانفجار, فالعقل يسيطر باستمرار علي تصميم كل قطعة. إنها ابنة الاحداث ويوميات الحياة, الا أنها تتوصل دائما الي تخطي عقبة الوقوع في خطري الفلكلور والرواية. فهي تحترف أصعب طرق العطاء, أي البحث عن الذات دون الدخول في أجواء ما يحيط بها أو وسائل التعبير الطبيعية التي وصل إليها فن الحفر الحديث. تقول الفنانة مريم عبدالعليم: عادة ما تخرج الفكرة لبناء الصورة من خلال التفكير النفسي, فمررت بعدة مراحل كانت للاحداث المحيطة بي أثر كبير علي إخراجها, ومن منطلق هذه الأحداث كانت تلك المراحل التي بدأت بتأثري بالشارع المصري وما يحوية من العربات, الإنسان الحيوان, عجلة الحياة, العجلة من الصباح الي المساء لذلك لعبت العجلة دورا كبيرا في بناء أعمال فترة النصف الأول من الستينيات ثم النصف الثاني وتتوالي الاحداث السياسية من ثورة التصنيع الي دخول المرأة, الانتخابات وانضمامها للحقل السياسي ثم نكسة1967. أما من حيث التكنيك كان الإدخال التحسيسي الفوتوغرافي إثراء لأعمالي الفنية, ثم جاءت رحلاتي للأراضي المقدسة وزيارة بيت الله الحرام واداء فريضة الحج وتلك المواقف الرهيبة مما كان له الأثر الكبير علي اختيار الموضوعات والبناء الفني للعمل في استعمال الكتابات بجمالها وتعبيرها( آيات قرآنية) أحاديث لفظ الجلالة السلام والإرهاب( موضوعات الساعة). حيث دائما الفنان الصادق يعيش الاحداث ويتأثر بالبيئة والحضارات التي يعيشها. يقول عنها د.أحمد نوار: قليلة هي الأسماء التي تركت بصمات واضحة في مجال فن الجرافيك سواء عالميا أو محليا ومع ذلك يظل اسم الفنانة مريم عبد العليم مقترنا بالتميز في عالم الجرافيك في مصر. لذلك ليس غريبا علي الفنانة مريم عبدالعليم هذا التمثيل المشرف في المحافل الدولية فقد حصلت علي سبيل المثال لا الحصر علي الجائزة الكبري لبينالي النرويج لفن الجرافيك عام1984 وحظيت باختيار متحف( أنديانا بولس) للفنون ممثلة لمصر عن قارة أفريقيا. والفنانة مريم عبد العليم من مواليد الإسكندرية1930 وحصلت علي بكالوريوس كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان1954, وماجستير(M.F.A) في الجرافيك والطباعة من جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدةالامريكية عام1957, ودكتوراه الفلسفة من جامعة حلوان. بالإضافة الي دراسات في تاريخ الفنون من جامعة جنوب كاليفورنيا, ودراسات من معهد(Pratt) نيويورك. عملت كمدرس للتصميمات المطبوعة وهي مؤسسة قسم الجرافيك بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية منذ إنشائها عام1985,. ... وسعد متري كما فقدت الساحة الفنية التشكيلية الفنان الكبير سعد متري الذي يعد من المثالين القلائل الذين برعوا في تشكيل البورتريه النحتي التمثال الشخصي, النحت الميداني وقد أجاد استخدام أدواته من خلال التفاصيل الكلاسيكية والدقة في الملامح والنسب الشخصية. من أبرز التماثيل تمثال وفاء للأم حيث أبدع الفنان في تخليد تذكار والدته من الذاكرة والتي توفيت وهو بعد في الرابعة عشرة من عمره, لأن الأحداث الوطنية تفجر أيضا طاقات الفنان فقد جاء تمثال الرئيس مبارك معبرا عن مرحلة السلام وقد أبدع الفنان في تشكيل ملامحه بدقة متناهية فيه من روح الفنان رمز السلام ورؤيته المستقبلية وسعي لتأكيد هذه الفكرة من خلال تفاصيل دقيقة للوجه, بالإضافة إلي يد الرئيس مبارك اليمني التي تعبر عن تحية سلام العالم واليد اليسري التي تحتضن وتمسك بحمامة السلام, وله أيضا بورتريهات نحتية لزعماء مصر جمال عبدالناصر وأنور السادات محمد نجيب الذي انتهي من العمل فيه قبل وعكته الصحية الأخيرة. ومارس الفنان سعد متري التصوير الزيتي فقدم تكوينات لونية رائعة لتجلي العذراء وللقديسين وعيد الميلاد المجيد, بالإضافة للمناظر الطبيعية. والفنان سعد متري من مواليد المنصورة1924 وتخرج في كلية الفنون الجميلة( تخصص نحت) وكان الأول علي الدفعة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولي1952, كما حصل علي دبلوم كلية الفنون الجميلة قسم النحت1953, ودبلوم المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين بدرجة امتياز1953, والتحق بمرسم الأقصر1955, واشترك في معرض مع بعض الفنانين التشكيليين بالزقازيق1959, والتحق بسلك التربية والتعليم الأميري بالقسم الثانوي1952, ثم أصبح مستشارا فنيا للمدارس الأجنبية بالقاهرة اشترك في معرض' مصر في عشر سنوات'1962, وله تمثال بالمتحف الزراعي بطول230 سم له تمثال للأديب نجيب محفوظ بمبني الأهرام.