في معرضه المنعقد حاليًا بجاليري بيكاسو تحت عنوان "بلقيس"، ينتصر الفنان التشكيلي مصطفى رحمة بريشته للمرأة، بطلة معرضه الذي ضم 45 لوحة فنية. يقول "رحمة" عن معرضه: تعمدت أن أقدم المعرض عن بلقيس في إطار استعادة التاريخ القديم، وكذلك من باب الاختلاف عما قدمته سابقاً، مضيفًا: باستمرار أحاول أن أعيد للمرأة حقوقها التي سلبت على مدار السنوات الماضية. ويضيف: للمرأة مكانة مميزة تليق بها ومن هنا احتلت أغلبية لوحاتي، لكن اللافت أن تاريخها يبدو أنه كتب بالمقلوب، بمعنى وجودها الكلي بالتاريخ. ويستطرد: هناك نساء أدرن شئون بلاد وإمبراطوريات من خلال تربعهن على عروشها، بل شكلن مع الرجل كتابة التاريخ الذي نعرفه، بل وقمن بتغييره في أحايين كثيرة، وبعضهن جاءتنا أخبارهن عبر أساطير رويت شفاهية كبلقيس الملكة السبأية وغيرها كثيرات. ويتساءل: ماذا حدث للمرأة في مصر، بعدما ظهرت في العشرينيات من القرن الماضي بما يليق بها ويتوافق مع تاريخها المدون في المعابد القديمة، تاركة لنا جمالاً تحسد عليه؟ ويضيف: المرأة في بلدي لم تعد ملهمة لرسام أو شاعر، مختار المثال أنتج كل منحوتاته الخالدة والمرأة نموذجه الأثير، كذلك محمود سعيد الفنان الرائد الذي أظهر جمالهن برغم التفاوت الطبقي بينهن، فيما جاء الآن محطمو التماثيل وزرعوا في صدور نسائنا تحريم الفنون كلها. ويستدرك: هل تستقيم الحياة من دون فنان يستلهم أعماله من ملهمة الدنيا كلها، التي أنصفها التاريخ ونبذناها نحن؟ وفي سياق تعليقه على المعرض قال الفنان سمير فؤاد: مثل رشاقة خطوطه وفخامة ألوانه يختار "مصطفى رحمه" "بلقيس" عنوانا لمعرضه مستوحيا من ملكة سبأ جانبها الأنثوى تارة، والأسطوري تارة أخرى. فجاءت نساء لوحاته بضات فخيمات لاهيات مع ذواتهن، يقرأن الطالع أو يمتطين أحصنة أسطورية وديعة محلقات في سماوات صافية لا يعكرها شيء. وتابع: أنت في عالم رحمة تغسل همومك وتترك وراءك كل ما هو أرضي لتحلق مع نسائه في تلك السماوات البرتقالية ذات الأهلة البيضاء. أما فنان الكاريكاتير سمير عبد الغني فيرى أن أهم ما يميز رحمة هو أنه أصبح له شخصيات خاصة به، بحسب وصفه، كما أشار إلى ألوانه، التي وصفها بالمشرقة وطريقة أدائه و البهجة التي تشغله. وينوه: عمره الطويل كرسام للأطفال والكاريكاتير جعله يسعى لنقل الإحساس بالفرح لأي موضوع يقوم برسمه. فضلا عن تميز التكوينات في لوحته بالبساطة المدهشة كونه يرسم منذ 40 عاما. ويختتم حديثه قائلا: لا يهتم بوضع كل التفاصيل في اللوحة، ولكن يضع إشارات يكمن خلفها وعي وثقافة. فهو من أولئك الذين يقرأون عشرة كتب وفي النهاية يقول سطرين فقط. فضلاً عن قيامه بعملية بحث طويلة ثم يتبعها تبسيط العمل الذي يقدمه بحيث يصبح كالسهل الممتنع.