"الإرهاب لا دين له".. عباس محمود العقاد، "الحريات يجب أن تكون في أولويات أي حكومة في العالم الثالث".. جبران خليل جبران، "حرية التعبير هي أولوية من أوليات أي دستور في العالم".. بيرم التونسي، "من حق أي دولة أن تحافظ على حقوقها حتى لو جاءت على حساب حقوق الإنسان".. الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان.. "المسلمون يعانون على مدار التاريخ من قهر وتعنت وتمييز".. الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، "العالم أصبح على حافة الهاوية".. مايكل مور. كل هذه الأقاويل السابقة هي من تأليفي ونسبتها لكل هذه الشخصيات المحترمة التي لن تقرأ كلامي هذا إما لأنها حاليا بين يدي الله تحاسب، أو لأنها لا تقرأ العربية أو لا تهتم بها، وبالتالي فيمكنني أن أكتب براحتي دون أن يسألني أحد، وطبعا القارئ لن يراجع ورائي ويتأكد، بل بالعكس سيقوم بالنقل عني و"يشير" على وسائل التواصل الاجتماعي. حدث هذا مع ديفيد كاميرون عندما نسبوا له قول "إذا تعرض أمن بريطانيا للخطر فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان"، وحدث هذا مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عندما نقلوا عنها ترجمة خاطئة لمذكراتها وما كتبته عن الربيع العربي، وما زال يحدث وسيحدث مع كثيرين من السياسيين والمفكرين وسنظل ننقل كلمات وجمل في السياسة والفكر والثقافة لا علاقة لها بمن نسبت إليه. ذكر لي الدكتور خالد عزب مرة أن أحمد عرابي لم يكن يقف على الحصان عندما واجه الخديو، وقال له "لقد خلقنا الله أحرارا"، واحتمال ألا يكون ذكر الجملة بنفس الكلام، وهكذا أصبحنا أساتذة في تحريف التاريخ وهذا ليس بجديد، ولكن أصبحنا أساتذة أيضا في النقل أو الترجمة الخطأ بعمد أو بدون عمد. وساعدت ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي على انتشار هذا بشكل كبير، فكل شخص يكتب ما يريد –وهذا حقه بالمناسبة- ولكن المشكلة أنه يكتبه على لسان أحد المشاهير حتى يعطي لما كتبه شكلا وطعما ورونقا، والكل يعمل "لايك" و"يشير" مجاملة للصديق، والأظرف أنني ألاحظ أن الناس تقوم بعمل "اللايك" قبل أن تقرأ المكتوب، قد يكتفون بالعنوان وأحيانا لا يقرأونه. ندرس للشباب في الصحافة أن الصورة تزيد الخبر مصداقية، والفيديو يرفع هذه المصداقية، لكن حتى الصور والفيديوهات لم تعد كلها حقيقة، فقد يأخذ المصور الصورة من منظور معين فتظهر عكس ما تعني، وقد يقوم محرر الفيديو بمونتاج للقطة محددة تفرغ الفيديو من السياق الكامل للموضوع، وتظهر عكس ما يحدث. فما هي الحقيقة؟ وما هو الباطل؟ كلها أسئلة لن نجد الإجابة عليها، الحل في الوعي والثقافة، فهل يحدث؟