نظم مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية مؤتمره الدولي السابع هذا العام تحت عنوان "التواصل التراثي: أصول ومقدمات التراث العربي الإسلامي"، بمشاركة باحثين تراثيين من شتى أنحاء العالم. وسعى المؤتمر إلى النظر في الأصول التي انطلق منها التراث العربي الإسلامي، والمقدمات التي سبقته في المجالات المختلفة: العلمية والفكرية والأدبية والفنية، بغية تأسيس وعى حقيقي بهذا التراث واستكشاف طبيعة التواصل التراثي في المرحلة المبكرة من تراثنا العربي الإسلامي .. وتناول المؤتمر أربعة محاور هي: الفلسفة والطبيعيات؛ والمعارف العامة والتاريخ؛ اللغة والتصورات الدينية؛ والفنون والآداب. يقول د. يوسف زيدان، مدير مركز ومتحف المخطوطات: "التراث الذي تركته الحضارة العربية الإسلامية، عبر عمل مديدٍ امتدَّ قرابة ألف عام من العطاء الإنساني المتنوع لمشاهير العرب والمسلمين، فى مجالات العلم واللغة والدين والفن والأدب ، هو ظاهرةٌ تاريخية كبرى، والظواهر التاريخية الكبرى والصغرى، ترتبط على نحوٍ خفىٍّ أو مُعلن، بالأصول والمقدمات التي تفاعلت فيما بينها، فأنتجت هذه الظاهرة التاريخية أو تلك ؛ ومنها أن الظاهرة قد تبدو للوهلة الأولى شديدةَ الخصوصية، ومتفرِّدةً، مع أنها مشتملةٌ بالضرورة، على بقايا من الأصول والمقدمات التي انطلقت منها ، ومنها أن لكل ظاهرة تاريخية كبرى تأثُّراً بما سبقها، وتأثيراً فى اللاحق بها؛ وهو ما نسميه اصطلاحاً : التواصل التراثى" . ويضيف:"بيد أننا نحن العرب والمسلمين المعاصرين، شغوفون دوماً بالنظر فى الأثر الذى خلَّفته حضارتنا فى حضارة الإنسانية، وتأكيد التأثير التراثى العربى الإسلامى فى زمن النهضة الأوروبية الحديثة. ولكن ذلك أعطى أحيانا يقيناً كاذباً بأن هذه الحضارة وما أعطته من تراث إنسانى، هى لمعةٌ مفاجئةٌ بدأت مع انتشار الإسلام وسيادة العرب للعالم، فتألَّقت حيناً ثم انطوت ، على قاعدة "وتلك الأيامُ نداولها بين الناس" فكأن تراثنا انطلق من دون أصول سابقة ومقدمات". ويؤكد زيدان "هذا بالطبع وَهمٌ كبيرٌ، ولا شأن للآية القرآنية الكريمة به". ويشير موضحاً أنه لا خلاف فى أن التراث العربي الإسلامى، كان مؤثراً فى الحضارة الأوروبية الحديثة؛ ولكن فى المقابل: ما هى التراثيات التي أثرت فى صياغة هذا التراث ؟ وكيف امتدت عملية التواصل بين تراث الإنسانية، فشملت العرب والمسلمين حيناً من الدهر ؟ وهل من قبله زمن ، أتى عليهم حينٌ من الدهر ما كانوا شيئاً معلوما؟ أم أن وعينا المنقوص بتراثنا هو الذى أدى بنا إلى إهمال الأصول العربية ، قبل الإسلامية؟ . كما يتساءل: ما الذى أخذه العرب المسلمون من علوم السابقين؟ وكيف أخذوه؟ وهل طوَّروه، أم حفظوه فحسب ؟ وماذا عن اللغة، العربية، وتفاعلها شفاهةً مع اللغات السريانية والعبرية والفارسية، وكتابةً مع أشكال التدوين السريانية والنبطية؟ وما دلالة المئات من الكلمات الباقية في قلب اللغة العربية، من السريانية والفارسية والعبرية، سواء فى أوابد النصوص العربية والنقوش والخربشات المطمورة، أو بين آيات القرآن الكريم الذي هو الكتاب المحورى فى حضارة العرب والمسلمين؟ .