يجلس الشاب الفلسطيني محمد الدلو على مقعد إسفنجي داخل إحدى غرف بيته، ويمسك بقلمه الرصاص ليحدد مسار رسمته لهذا اليوم. ولا يأبه الدلو، البالغ من العمر 21 عاما، بما يعانيه من ضمور في العضلات ونقص في النمو، إذ يواصل استغلال موهبته التي يمتلكها منذ صغره برسم "الأنمي" (رسوم شخصيات كرتونية). وبإصبعين سليمين فقط، يمسك الدلو، ذو البنية القليلة والضعيفة، قلم الرصاص ويبدأ برسم ما يخطر بباله. وتمكن الشاب الفلسطيني من تحويل منزله المتواضع في حي النصر، غربي مدينة غزة، إلى "معرض للصور". ويقول الدلو "أحاول أن أنسى إعاقتي التي أعاني منها منذ طفولتي برسم رسومات الأنمي" مضيفا بصوت ضعيف يسمع بصعوبة بالغة "رسم الشخصيات الكرتونية يعيد لي الأمل في الحياة والعيش، فالأنمي هو حياتي". وعن اختياره لرسم الكرتون، يقول "قلة هم من يستخدمون رسوم الأنمي ويجيدونها في فلسطين، وأيضا فيها تعبير عن الحريات سواء عن القضية الفلسطينية والحريات العامة". تحدّ وإهمال ويقول الدلو عن بدايته في عالم الرسم "بدأت بالرسم منذ كنت صغيرا، وطورت من موهبتي على مدار السنين الماضية ولم أستسلم لإعاقتي التي ترافقني، وكان لعائلتي دور كبير في تنمية موهبتي". ويضيف "الإعاقة يجب ألا تنهي حياة الشخص وتدفعه للانعزال.. لقد تأقلمت مع حالتي". ويتابع "لم أستسلم للألم النفسي بسبب إعاقتي، أكملت حياتي التعليمية حتى وصلت إلى الثانوية العامة، ونجحت بها ولكن وصولي للجامعة كان أمرا صعبا". ويفتخر الدلو بظهور لوحاته في معرض نظمته بلدية غزة الأسبوع الماضي ونال إعجاب الزوار، ويقول "كان أول معرض على مستوى فلسطين للرسوم الكرتونية". ورغم اختصاصه برسوم الكرتون، فإن الفنان الفلسطيني لم يهمل الجانب الوطني في عمله، حيث يقول "رسمت المسجد الأقصى، ورسمت معاناة شعبي تحت الاحتلال الإسرائيلي، كما رسمت صورة شاب بيده حجر وسكين". وفي رسالة لنظرائه من ذوي الاحتياجات الخاصة، يقول الدلو "عليهم أن يتحدوا إعاقتهم، وعلى جميع الجهات من ذوي الاختصاص الاهتمام بمواهب هؤلاء". وفي ختام حديثه، لا يخفي الدلو شعوره بالمرارة نتيجة ما أسماه "الإهمال" الذي يتعرض له من قبل المؤسسات الرسمية والأهلية، وفق قوله. وطبقا لإحصائية "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" (حكومي ومقره الضفة الغربية) فإن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة البالغين أكثر من 18عاما يصل لنحو 27 ألفا، منهم 17 ألفا يعانون إعاقة حركية.