بدعوة من وزير التعليم العالي.. انعقاد اجتماع مجلس أمناء جامعة الجلالة الأهلية    محافظ الفيوم: النزول بالحد الأدنى للقبول بالتعليم الثانوي العام إلى 221 درجة    الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في بطولة العلمين للجامعات    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    ضوابط صرف الكتب المدرسية للمدارس الخاصة والدولية للعام الدراسي 2025-2026    بعد أنباء فرض رسوم جمركية أمريكية.. محللون: الذهب أصل مالي لا يمكن التعامل معه على أنه سلعة    استحداث إدارة مختصة في وزارة النقل لدعم التعاون المصري الأفريقي    11 أغسطس 2025.. جني أرباح يهبط بالبورصة دون مستوى 36 ألف نقطة مجددا    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    إصدار 1188 ترخيص إعلان.. والمرور على 1630 محلا ضمن حملات إزالة الإعلانات العشوائية بالمنيا    رجل السياحة الأول في مصر.. هشام طلعت مصطفى يواصل التألق في قائمة فوربس    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 215 ألف شهيد وجريح    صور تجديد حديقة الورود في البيت الأبيض تثير الجدل لتشابهها مع منتجع ترامب    حزب الله: لن تستطيع الحكومة اللبنانية نزع سلاحنا    اجتماع تحضيري بين فيفا وبيراميدز لتنسيق مباراة أوكلاند سيتي بكأس الإنتركونتيننتال    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    سلوت: ليفربول بحاجة لتحسين الأداء الدفاعي    تعرف علي موعد مباراة منتخب مصر وبوركينا فاسو فى تصفيات كأس العالم 2026    الشربيني رئيساً لبعثة الشباب إلى المغرب    اقتصادية الإسكندرية: تأجيل محاكمة صاحبة حساب مروة بنت مبارك لاتهامها بسب وفاء عامر ل30 أغسطس    ضبط قائد سيارة استعرض وسمح لمرافقيه بالجلوس على النوافذ بالبحيرة    الأرصاد: صور الأقمار الصناعية تظهر تشكل السحب الرعدية الممطرة على وسط وجنوب سيناء    شارع المعز يحتضن أولى جولات الملتقى الثقافي لفنون الفتاة والمرأة الحدودية    غدا.. انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    ذكرى رحيل نور الشريف.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته وموقف عائلته من السيرة الذاتية    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    قصة المولد النبوى الشريف مختصرة للأطفال والكبار    هل يُسبب الشاي أعراض القولون العصبي؟    نجم الدوري الألماني يختار النصر السعودي.. رفض كل العروض من أجل كريستيانو رونالدو    التحقيقات في مقتل شاب بعين شمس: الضحية تدخل لفض مشاجرة فلقى مصرعه طعنا    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    فريق مصري في طريقه.. الاتحاد الليبي يتأهل للكونفدرالية بمشاركة كهربا    "هل الخطيب رفض طلبه؟".. شوبير يفجر مفاجأة بعد مكالمة وسام أبو علي    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    بفستان جريء.. نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالتها والجمهور يعلق (صور)    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    «عبدالغفار»: «100 يوم صحة» قدّمت 40 مليون خدمة مجانية خلال 26 يومًا    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لطفي أمان.. رومانسي يبكي بنت الرسول
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 11 - 2015

ألقت الصراعات المذهبية والتنافس على السلطة بين فرق المسلمين؛ بظلالها السوداء على عديد من جوانب الحياة في الشرق الإسلامي.
ولم تسلم من ذلك حتى بعض الجوانب الإنسانية، فعلى سبيل المثال كان للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أربع بنات، ثلاث منهن هن السيدات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، غفل عنهن التاريخ إلا لماما، بينما تسلطت الأضواء على البنت الرابعة السيدة فاطمة -رضي الله عنهن- وعلى نساء من ذريتها أقل شأنا، حتى أضفت بعض المذاهب عليها قداسة خاصة لتمرير أطروحاتها في الإمامة وحصر السلطة في سلالتها.
لم يكن هذا التباين التأريخي في تنميط بنات النبي عليه الصلاة والسلام عادلا، فلم تكن بناته الثلاث استثناء في الإيمان والابتلاء، ففي مقياس الإسلام كلهن آمن بالإسلام وشهدن لأبيهن بالنبوة. وفي الهجرة كانت بنات النبي الأعظم سواء، مع امتياز رقية بهجرتين إلى الحبشة والمدينة مع زوجها عثمان بن عفان.
أما في التضحية والمعاناة فقد اختلف نصيب كل واحدة منهن، فرقية وأم كلثوم تعرضتا لمحنة إنسانية بطلاقهما من زوجيهما المشركين ابني أبي لهب نكاية في أبيهما النبي، وزينب اضطرت لمفارقة زوجها المحب بسبب تحريم بقاء المسلمة في عصمة غير المسلم، وظلت وفية له حتى أسلم وعادا إلى بعضهما في ظل الإسلام.
السيدة زينب لمحنة مأساوية وهي في طريقها للحاق بأبيها في مهجره، فقد تعرض لها أحد أشقياء العرب، وأرعبها بالرمح وأفزع الناقة التي كانت تحملها مما أدى إلى إجهاض جنينها، وظلت تعاني من تلك الحادثة مرضا مزمنا حتى توفاها الله في السنة الثامنة للهجرة، فكانت أكثر بنات النبي ابتلاء في أبيها العظيم.
انبعاث المأساة شعرا
في ديوانه "ليل إلى متى؟" تعرض الشاعر اليمني لطفي جعفر أمان (عدن 1928-1971) في إحدى أجمل قصائده إلى واقعة الاعتداء على زينب بنت النبي الأعظم، فخلد المأساة في عمل أدبي فني عظيم نادر في موضوعه لم يحظ للأسف بما يستحقه من تقدير.
ولطفي أمان أحد أبرز شعراء اليمن في القرن العشرين، كان نجم المدرسة الرومانسية في الشعر بلا منازع، إن لم يكن ممثلها الأوحد، وتأثر برموز المدرسة الرومانسية كعلي محمود طه، ومحمود حسن إسماعيل، والتيجاني يوسف بشير، وأصدر ديوانه الأول "بقايا نغم" على نهجهم وهو شاب صغير في العشرين من عمره، فحجز لشعره مكانا رائدا في تاريخ الشعر.
ومع توجهه الرومانسي، فإنه كان شديد الارتباط بهموم وطنه وأمته، فلم يهمل قضية وطنه المحتل آنذاك في قبضة الاستعمار البريطاني، ولا مأساة فلسطين العربية، وحتى الأطفال خصهم باهتمامه من خلال المقطوعات الشعرية التي تقررت في المناهج التعليمية للصغار.. كل ذلك جنبا إلى جنب اهتماماته كشاعر رومانسي.
وكان أمان أبرز شعراء الأغنية العدنية، ومن التاريخ الإسلامي كانت قصيدته "مصرع زينب بنت الرسول الأعظم". وفي كل إبداعاته الوطنية والقومية والإسلامية كان وفيا لتوجهه الشعري، فصبغ شعره برومانسية اللفظ الرهيف، والصوت المهموس، والصور الهادئة والأخيلة الحزينة.
أبدع لطفي أمان من مأساة الاعتداء على زينب وآلام أبيها العظيم وغدر المعتدي الأثيم عملا أدبيا فائق الجمال، يصلح لأن يكون سمفونية خالدة لو وجدت من يحول هذه القصيدة إلى عمل موسيقي راق، بما أبدع فيها من تصوير وخيال، وأحاسيس في غاية الرقة والإنسانية.
تبدأ القصيدة بلوحة فنية جميلة أحيت مفردات الطبيعة الجامدة التي جرت عليها وقائع المأساة بما يتناسب مع الجريمة النكراء:
الليل ملتحفٌ بجبته المهيبة بالسواد
أحداقه العمياء تدفن في مغاورها الوهاد
فالبيد غرقى دلجة قد كفنتها بالحداد
وفي تفاصيل هذا المشهد كانت ابنة النبي تسير في ركبها تسوقها الذكريات، ويحدوها الشوق للقاء الأب/النبي/الإنسان هناك في يثرب، والذي صوّرته القصيدة وهو ينتظر قدوم فلذة كبده على أحر من الجمر:
أبنيتي.. يرعاك ربي
هذا نداء الشوق ملحاحا يناديك قلبي
ستضاء يثرب كلها إذ ألقاك جنبي
لكنّ الشر كان موجودا أيضا في المشهد، يتربص بالأب الإنسان والابنة المشتاقة في ثنايا الليل البهيم، ليمنع اللقاء ويصبغ القلوب باللون الدامي بدلا من فرحة التلاقي:
وتتوه في نظراتها الصحراء والظلم الرهيبه
شيء يجلجل في حناياها ويعصف كالرياح
شيء تحس لهوله ولجنبها وقع الرماح
العفو الجميل
وفجأة يُخرج الحقد أسوأ ما فيه، ويضرب ضربته في بنت النبي في الصحراء دون وازع من رحمة ولا قيم القبيلة والرجولة:
هي لحظة وكأنما الصحراء إعصار ونار
الركب منفرط.. وضوضاء.. ومعركة تدار
هي لحظة والموت يضرب باليمين واليسار
وتقع الجريمة الشنعاء التي كانت تستهدف النبي الأعظم قبل أن تستهدف ابنته:
مرقت غواية الحقد بهبة الجاني "هبار"
يا رب! من؟ وانهدّ هودجها كما انهد النهار
وأريق أطهر ما يراق من الدماء على القفار
وتقع مأساة حقيقية لبنت النبي لا يكاد يذكرها رواة القصص كثيرا، وتتغلب عليها أساطير المذاهب والصراعات على العروش التي راحت تؤلف قصصا أخرى لتدعم مذاهبها، ونسوا مأساة زينب كما نسوا مآسي كثيرة للإنسان المسلم العربي تسببوا فيها بتكالبهم على مغانم الدنيا والسلطان.
وهناك في المدينة كان النبي/الإنسان/الأب ينتظر على أحر من الجمر لقاء ابنته الحبيبة بعد مرارات الفراق، لكن الأخبار تصل بالفاجعة الأليمة، ويحمل قلب النبي ألما جديدا:
وينكفئ النبي على مدامعه الغزار
وتنوء بالحزن الثقيل مطية الليل البهيم
ويطل يوم لا جديد فيه تبلله الدموع
وتصل القصيدة في نهايتها إلى أعظم عبرة يقدمها النبي الإنسان، عندما يقدم (المجرم) "هبار" إلى المدينة، لكنه هذه المرة يأتي مسلما موحدا بالله مؤمنا بالنبي الذي أجهض ابنته يوما ما:
وكأنما انتفض النهار
لما أطل ملثما وكأنه شبح أغار
حسر اللثام مروعا فإذا به الجاني هبار
أمحمد هذه قناتي
أحسم بظباتها حياتي
أو فاعف عني يا رسول الله للإثم الجسيم
وتتجلى العظمة والنبوة في أجمل معاني التسامح والعفو:
فاهتز روح القدس في أعطاف أكرم من كريم
وَسَخَا النبي بعفوه في لحظة الضعف العظيم
كم هي قصيدة جميلة وجديرة بأن يقرأها الناس ويعيشوا بها ومعها قصة الابتلاء والصبر.. والعفو الجميل.
______________
* كاتب صحفي يمني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.