محافظ شمال سيناء يستقبل وفدا من حزب الجبهة الوطنية    تحويل قصور الثقافة إلى حضانات يُشعل الغضب تحت قبة مجلس النواب    مصر للطيران تشارك لأول مرة في نقل حجاج سيراليون    بتوجيهات رئاسية.. استراتيجية تعليمية متطورة وجيل قادر على مواجهة التحديات    رهائن سابقون يدعون إسرائيل للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح جميع المحتجزين    مسؤول سابق بالبنتاجون: الناتو يحتاج لتعزيز الدفاع وزيادة الإنفاق    رئيس اتحاد الدراجات يكرم رموز اللعبة على هامش البطولة الأفريقية للمضمار    تشكيل مباراة ميلان وبولونيا في نهائي كأس إيطاليا    مبابي يقود ريال مدريد لمواجهة مايوركا    إحالة أوراق 3 أشخاص بالإسكندرية لفضيلة المفتي بتهمة القتل    في حوار خاص ل الفجر الفني: المدير الفني لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير موني محمود يكشف أبرز تحديات الدورة ال11 واستعدادات الدورة المقبلة    مصطفى كامل يطرح أحدث أغانيه «قولولي مبروك»|فيديو    أهمها النوم جيدا.. نصائح طبية ليلة الامتحان لزيادة تركيز الطلاب بمختلف المراحل التعليمية    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    استمرار حبس محمد غنيم.. وموكله: ننتظر تحديد جلسة محاكمته    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    نصائح لاستخدام المراوح والتكييفات بشكل آمن على الأطفال    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بمركز أخميم فى سوهاج    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    الشيخ خالد الجندي يكشف الفارق بين "الطاهر" و"النافع"    مسئول أممي: منع وصول المساعدات إلى غزة «يُفضي إلى الموت»    الزمالك يتأهل للدورى الممتاز ب لكرة السلة سيدات    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    الصين تتراجع عن قيود فرضتها مسبقًا على الولايات المتحدة الأمريكية    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    السبت ببيت السناري.. انطلاق أمسية شعرية في افتتاح فعاليات ملتقى «القاهرة .. أصوات متناغمة»    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأندلس.. جسر الحضارة بين الشرق والغرب
نشر في نقطة ضوء يوم 11 - 07 - 2015

في عام 711 أرسل والي أفريقيا موسى بن نصير في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، القائد طارق بن زياد على رأس جيشٍ من المسلمين والبربر يضمّ حوالي 7 آلاف رجل لفتح جزيرة إيبيريا، ونجح في عبور المضيق الفاصل بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والذي عُرف فيما بعد باسم "مضيق جبل طارق"، وتوغّل إلى إسبانيا واستولى على بعض القلاع والمدن الإسبانية.
وبعد الفتح الإسلامي لمدينة الأندلس في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، كان هناك توجّهاً في هذه الحقبة إلى مزيد من التوسّعات الإسلامية، حيث شهدت الشعوب تبادلاً ثقافياً وتعاوناً بين المسلمين والمسيحيين واليهود الذين دفعوا ضريبة توفير الحماية "الجزية"، وفي عهد الخلافة في قرطبة كانت الأندلس منارة للتعليم، وواحدة من المراكز الثقافية والاقتصادية الرائدة في أوروبا، وجميع أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط والعالم الإسلامي.
ويرجع الفضل في ذلك إلى علماء المسلمين الذين ساهموا في نقل إنجازاتهم وابتكاراتهم واختراعاتهم إلى أوروبا - على سبيل المثال - شهدت الأندلس تقدّماً في علم المثلثات والرياضة على أيدي جابر بن حيان، وفي الطب والجراحة على أيدي أبي القاسم الزهراوي، وفي علم الصيدلة على أيدي ابن زهر، وغيرها من المجالات، حتى أصبحت الأندلس مركزاً رئيسياً لتعليم وتنوير أوروبا وجميع أنحاء دول البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى أنها كانت ممراً للثقافة والعلوم بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي.
وأصبحت معظم مدن شبه الجزيرة الإيبيرية جزءاً من توسّعات الإمبراطورية الأموية الإسلامية، وتمّ تعيين ولاة الأندلس من قِبَل أمير القيروان بدلاً من الخليفة في دمشق، كما تمّ تعيين عاصمة الإقليم الأندلسي في قرطبة، حيث تدفق المسلمون في جميع أنحاء البلاد إلى إسبانيا، ومع ذلك كانت العلاقات بين العرب والبربر في الأندلس متوترة في السنوات التي تلت فتح الأندلس، لا سيما بعد استبعادهم من حكم المدن وتعيينهم مساعدين للأمراء العرب، وبالتالي ظهرت حركات تمرد من قِبَل الجنود البربر بشكل متكرر.
على سبيل المثال، في عام 729، نجح القائد البربري مينوس من إقامة دولة متمردة في سيردانيا، وهو ما دفع بعض القادة البربر إلى تكرار المحاولة، وفي عام 740 اندلعت ثورة بربرية في المغرب (شمال أفريقيا) تهدف إلى الاستقلال على غرار التمرد البربري في الأندلس، وهو ما جعل الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك يقوم بإرسال جيش عربي كبير من بلاد الشام إلى شمال أفريقيا لمواجهة المتمردين البربر، ولكن نجح البربر في هزيمة الجيش العربي، والذي كان دافعاً أمام بربر الأندلس لإشعال ثورتهم في شمال إسبانيا وإسقاط القادة العرب، حيث نظّم البربر جيوشاً كبيرة من المتمردين واستولوا على توليدو وقرطبة والجزيرة الخضراء.
وكانت الأندلس طوال عدة قرون تحت الحكم الإسلامي بمثابة قلب الحكم الإسلامي، وجاء الاستقرار في إسبانيا مع تأسيس السلالة الأموية الأندلسية، التي استمرت من (756 – 1031) ويعود الفضل إلى الأمير عبدالرحمن الذي أسّس إمارة قرطبة، وغالباً ما توصف الفترة الإسلامية في إسبانيا بأنها العصر الذهبي للتعلّم وتنوير أوروبا، حيث تمّ تأسيس المكتبات والكليات والحمامات العامة والأدب والشعر، كما توصف الفترة التي تمّ فيها فتح الأندلس بأنها فترة التسامح بين الأديان والانسجام الديني والعرقي بين المسلمين والمسيحيين واليهود.
وخلال فترة الحكم الإسلامي، كثير من المسيحيين في إسبانيا استوعبوا الثقافة الإسلامية وتعلّموا العربية، لدرجة أن بعض النساء المسيحيات أطلقن على أطفالهن بعض الأسماء الإسلامية، فضلاً عن ارتدائهن الحجاب.
لكن أدت الخلافات الكثيرة بين الحكام المسلمين إلى ضعف الحكم، وفقدان السيّطرة على مجريات الأمور السياسية والاجتماعية، وتدهور وضع المسلمين في إسبانيا بشكل كبير في منتصف القرن الحادي عشر، حيث وقعت ثورات داخلية من قِبَل المسيحيين، والتي انتهت بسقوط وانهيار هيّمنة المسلمين على إسبانيا والأندلس في عام 1492.
ويقول د. فتحي أبو سيف، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة عين شمس: إن إسبانيا أنتجت حضارة عظيمة متقدّمة بفارق كبير عن بقية أوروبا، حيث جعل المسلمون الأندلس تحت حكمهم مركزاً للتعلّم والمعرفة، وكان يدرّس المسلمون للإسبان القراءة والكتابة، والرياضيات واللغة العربية والقرآن الكريم، والحديث الشريف والعلوم والطب والفلك والملاحة، ونتيجة لذلك قدّمت الأندلس عدداً كبيراً من عمالقة الفكر والفلاسفة والأطباء والعلماء والقضاة والفنانين.
ويوضح أنه كان يوجد بمدينة قرطبة خلال القرن العاشر الميلادي حوالي 600 مسجد و900 حمام عام، بسبب حاجة المسلمين إلى الغسل استعداداً للصلاة، كما زادت المكتبات والمؤسسات البحثية بسرعة في إسبانيا، في حين ظلت بقية أوروبا أُمية تُعاني الجهل والفقر، وأنتج العلماء العرب موسوعات في الطب، وعلم الفلك، وعلم النفس، وعلم الحيوان، وعلم الأحياء، وعلم النبات والكيمياء والفيزياء، والرياضيات والجبر والهندسة، وعلم المثلثات وغيرها، بالإضافة إلى ازدهار ولاية توليدو بسبب حكم المسلمين لها، وأصبحت مهد التعلّم ومركزاً للتفاعل بين المسلمين والمسيحيين واليهود.
ويضيف د. وليد الشرنوبي، الباحث في التاريخ الإسلامي: أن الأندلس كانت مركزاً للتنوير في الغرب ودول أوروبا، حيث سافر الباحثون الغربيون إلى إسبانيا وصقلية لتعلّم اللغة العربية، فضلاً عن ترجمة كتب ومجلدات ومؤلفات العلماء العرب إلى اللغة اللاتينية، بالإضافة إلى تعلّم كيفية تطوّر المسلمين في الصناعة، حيث أنتج المسلمون القطن والورق والملح والحرير والفلفل والطوابع والساعات والصابون والخرائط، بالإضافة إلى أكثر من 200 من أدوات الجراحة لعلاج الأمراض، وبالتالي فإن ظهور الحضارة الإسلامية في إسبانيا كان عتبة رئيسية وراء النهضة الأوروبية خلال فترة وجود المسلمين في إسبانيا.
ويؤكد أن النهضة الإسلامية في إسبانيا وصلت إلى أن الحرفيين المسلمين طبّقوا مهاراتهم الرائعة في فنون العمارة للمساجد والقصور، سواء في قصر الحمراء أو مسجد قرطبة الكبير، حيث يُعتبران من التحف المعمارية الرائعة والشهيرة الموجودة في إسبانيا حتى يومنا هذا، ومع ذلك لا يوجد الكثير من العمارة الإسلامية المتبقية في إسبانيا، لأنها دُمرت بعد سقوط الأندلس.
ويوضح أن بعد سقوط إسبانيا في عام 1492، حصل نزوح جماعي للمسلمين بسبب محاكم التفتيش التي أُقيمت بأوامر من الملكة إيزابيلا، وطُرد ما يقرب من 3 ملايين مسلم من إسبانيا، ومع مرور الوقت أصبح سكان الأندلس الأصليين يتمتّعون بالرخاء والثروة، بسبب استيلائهم على خيرات وثروات المسلمين المطرودين من البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.