القومية للأنفاق: نعمل على الكارت الموحد لاستخدام جميع وسائل النقل    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في ختام تعاملات اليوم    اكتمال ملامح ثمن نهائي أمم إفريقيا.. 16 منتخبًا تحجز مقاعدها رسميًا    قبل المباراة المقبلة.. التاريخ يبتسم لمصر في مواجهة بنين    الأهلي يفوز على الشمس في دوري السيدات لليد    الكونغو الديمقراطية تحسم التأهل بثلاثية في شباك بوتسوانا بأمم أفريقيا 2025    مندوب الصومال يفحم ممثل إسرائيل بمجلس الأمن ويفضح جرائم الاحتلال المستمرة (فيديو)    الرئيس الإيراني: رد طهران على أي عدوان سيكون قاسيًا    تشيلسي ضد بورنموث.. تعادل 2-2 فى شوط أول مثير بالدوري الإنجليزي    رسميا.. الفراعنة تواجه بنين فى دور ال16 من كأس أمم أفريقيا    التعثر الأول.. ثنائية فينالدوم تفسد أفراح النصر ورونالدو في الدوري السعودي    مصرع شخص صعقا بالكهرباء في سمالوط بالمنيا    قرارات حاسمة من تعليم الجيزة لضبط امتحانات الفصل الدراسي الأول    الكشف الأثري الجديد بصان الحجر يكشف أسرار المقابر الملكية لعصر الأسرة 22    ستار بوست| نضال الشافعي يكشف تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة زوجته الراحلة.. وليلى غفران تعود للغناء من جديد    منال رضوان توثق الضربات الإسرائيلية على طهران في روايتها «سماء مغادرة»    ندى غالب ومحمد حسن ورحاب عمر يحيون حفل رأس السنة فى دار الأوبرا    دويتو غنائى مبهر لشهد السعدنى ومحمد تامر فى برنامج "كاستنج"    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    للمرة الثانية.. أحمد العوضي يثير الجدل بهذا المنشور    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة «العمل» تصدر قواعد وإجراءات تفتيش أماكن العمل ليلًا    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    عبد السند يمامة ‬يعتمد ‬التشكيل ‬النهائي ‬للجنة ‬انتخابات ‬رئاسة ‬الحزب    طلاب جامعة العاصمة يشاركون في قمة المرأة المصرية لتعزيز STEM والابتكار وريادة الأعمال    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    نهاية تاجر السموم بقليوب.. المؤبد وغرامة وحيازة سلاح أبيض    الداخلية تضبط أكثر من 95 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الجيش اللبناني يتسلم سلاحًا وذخائر من مخيم عين الحلوة    رئيسة المفوضية الأوروبية: عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي ضامن أساسي للسلام    جيش الاحتلال يقتل طفلة فلسطينية شرقي مدينة غزة    كشف ملابسات مشاجرة بالجيزة وضبط طرفيها    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    غدًا.. رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك كنيسة مصر الجديدة احتفالتها برأس السنة الميلادية    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    مواجهات قوية في قرعة دوري أبطال آسيا 2    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 7 ملايين جنيه    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    جهاز القاهرة الجديدة: كسر بخط مياه فى شارع التسعين وجارى إصلاحه    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 12    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم بوندي عملا بمفردهما    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسواني: العزلة حببتني في القراءة
نشر في نقطة ضوء يوم 23 - 06 - 2013

عندما يسرد الروائي المصري عبد الوهاب الأسواني تفاصيل طفولته تتجلى منجزات العزلة وأثرها في تكوينه ككاتب ومثقف إذ يقول: "لم تكن بالمنطقة التي أقيم فيها بمدينة الإسكندرية مع عائلتي سوي ثلاث عائلات مصرية فقط والباقي وهم الأغلبية من الأجانب وحدث وأنا في التاسعة من عمري أن ذهبت مرة كي ألعب مع أولاد " الخواجات " وعندما اقتربت منهم، حملوا الكرة وذهبوا وتركوني وحدي .. بعدها فرضت على نفسي العزلة تماماً ولم أجد سوي القراءة صديقا لي في تلك السن الصغيره وربما ما حدث من أولاد " الخواجات " واعتبرته شراً وقتها كان خيراً لي، فقد ساعدتني القراءة صغيراً على النضوج مبكراً ككاتب وروائي".
نال" الأسواني" العديد من الجوائز المصرية والعربية تقديرا لابداعه الروائي ؛ وقد حصل مؤخرا على جائزة الدولة التقديرية في مصر .. ومن أبرز أعماله الروائية : سلمى الاسوانية - وهبت العاصفة - اللسان المر - ابتسامة غير مفهومة - أخبار الدراويش - النمل الأبيض - كرم العنب .. وصدر له العديد من المجموعات القصصية منها : مملكة المطارحات العائلية - للقمر وجهان - شال من القطيفة الصفراء .. وقد تم تحويل الكثير من أعماله إلى دراما تليفزيونية حققت نجاحا كبيرا.. أبحرنا معه في عالمه الإبداعي .. بادرت بسؤاله :
- الإنسان ابن بيئته .. فإلى أي حد تأثرت بالبيئة الأسوانية ؟
الحقيقة أني تأثرت ببيئتين مختلفتين في المستوى الحضاري ، قريتي في أسوان، ومنطقة رمل الإسكندرية ؛ التي كان والدي يملك بها محلا تجاريا بسيطا ويقضي فيها فصل الصيف .. ثم ينتقل بنا - ونحن أطفال - إلى قريتنا بأسوان في شهور الشتاء ، وفي بلدنا كنت أدخل كل بيت .. ومن حسن الحظ أن أبي من نجع يختلف في طباعه وسلوكياته عن النجع الذي تنتمي إليه أمي .. عرفت منذ الطفولة جميع العائلات في النجعين .. تاريخها وخلفيتها الاجتماعية ومحاسنها ومساوئها .. من هنا كانت غالبة كتاباتي في القصة القصيرة والرواية عن القرية الأسوانية " الصعيدية" .. لكن للإسكندرية أفضالها في التثقيف ودور السينما ومعارض الفن التشكيلي .. وفيها مكتبة بالمنشية لا أنساها .. تضم جميع الكتب التي يحتاجها محبو الأدب والباحثون وبأرخص الأسعار .. بل ويطلب منك صاحبها أن تعيد إليه الكتب التي اشتريتها نظير قرش واحد بقراءة الكتاب .. فكنت أعيد إليه بعضها وأحتفظ بالبعض الآخر.
- وماذا عن الصعوبات التي واجهاتك خلال رحلة العمر من أسوان إلى القاهرة ؟
الرحلة بدأت من الإسكندرية والصعوبات كثيرة .. لكن أهمها كان لابد لي من الرحيل إلى القاهرة .. ففيها تتركز قيادات الساحة الثقافية . هذه المشكلة تنفرد بها مصر وحدها .. فأكثر الصحف البريطانية - مثلا تصدر خارج لندن .. ينطبق هذا على البلدان الغربية التي سبقتنا ..
- هل تعتقد أن عملك بالصحافة نال من المبدع بداخلك ؟
عرفني القراء في البداية ككاتب صحفي، لكني تحولت إلى الأدب، وكانت بداياتي حين ظهرت ككاتب ساخر من خلال صفحة يومية بعنوان "ابتسامة ما" كان يستغرق كتابتها نحو يومين كاملين، وهو ما أفادني كثيرا وأكسبني مجموعة من المفردات المصرية التي تتحدث بها جميع الطبقات في المجتمع ، واستفدت من وظيفة الكاتب العسكري التي شغلتها بعد ذلك، حيث وضعت يدي على تفاصيل الشخصيات المصرية في جميع رتبها، كما أكسبني خبرة إنسانية خاصة؛ لأن النفس البشرية تتجرد من كل رتبها أمام الإحساس بالخوف أو الاتهام.
إن الكاتب أرنست هيمنجواي، يقول إن عمل الأديب في الصحافة سيكون له كمنجم من الأسرار والأخبار التي لن يحصل عليها إلا من عمله في تلك المهنة، ولكن على ألا يظل الأديب يعمل في الصحافة لأكثر من ثلاث إلى أربع سنوات؛ لأنه في حالة استمراره بها لن يكتب رواية.
- بمن تأثرت من المبدعين الكبار ؟
أعتقد أنني تأثرت بكل من قرأت له - ولو كتابا واحدا وانفعلت بموضوعه - سواء من المبدعين أو الباحثين .. وفي بداية حياتي شغفت كثيرا بالشعر القديم وبالتاريخ .. في فترة ما كنت أعتقدت أنني شاعر .. ولي قصائد عمودية أخفيها عن النقاد! تدور في ثلاثة أغراض " الغزل " و" الهجاء" و " الوطنيات " .. لقد قرأت في سن مبكرة الكثير من الشعر الجاهلي والأموي والعباسي وكنت أسعد " لنقائض " جرير والفرزذق التي يتهاجيان فيها .. وفي فترة أخري كنت أعتقد أنني " مؤرخ! ".. قرأت في نفس السن المبكرة المجلدات التاريخية للطبري وابن الأثير والوافدي وابن عبد الحكم .. وغيرهم .. فضلا عما تيسر من التاريخ اليوناني والروماني والفارسي وطبعاً تاريخ مصر بكل مراحله .. لكنني حينما بدأت أكتب وجدتني أغير في الوقائع التاريخية فأحذف منها وأضيف إليها فاكتشف الذين عرضتها عليهم - من أدباء الإسكندرية الأكبر سنا - أنها "قصص " تاريخية وليست تاريخا !
لم أكن أقرأ القصة القصيرة والرواية إلا بالمصادفة البحتة ولم أعرف بأنها "الفن الماكر " إلا بعد ترددي علي الندوات الأدبية .في البداية قرأت ليوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وأمين يوسف غراب ؛ لكنهم لم يعودوا مقنعين لي بعد أن تعرفت علي أعمال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويحيي حقي .. وفي مرحلة لاحقة أعمال هيمنجواي وجون شتاينبك وتولستوي ودستوفسكي وتشيكوف وأندريه مالرو وموباسان .
اليقين
- هل تشعر بأنك لم تنل التقدير الذي تستحقه ؟
في بداية حياتي الأدبية اشتركت في ثلاث مسابقات .. واحدة للراوية واثنتين للقصة القصيرة .. أعلنت النتيجة في وقت واحد .. فزت بالمركز الأول فيها جميعاً مع ثلاث ميداليات ذهبية إحداها باسم طه حسين ، أعتقد أن هذا الفوز غرس في نفسي يقينا داخليا بأن المطلوب هو إتقان العمل - رواية أو قصة أو مقالا - بصرف النظر عن أي اعتبار آخر .. وأحمد الله بأن الكثيرين من كبار النقاد تناولوا أعمالي في دراستهم .. وروايتي " سلمى الأسوانية " تدرس الآن لطلبة آداب جامعة جنوب الوادي .. ومنذ سنوات قليلة كانت روايتي " أخبار الدراويش " تدرس في جامعة المنيا وهناك ستة من الباحثين والباحثات - الآن - يتناولون أعمالي في رسائلهم الجامعية .. منهم ثلاثة عن أعمالي وحدها وثلاثة مع أدباء آخرين .. ماذا يريد المرء أكثر من ذلك ؟
- هل العصر الحالي أصلح للرواية ؟
نقادنا القدماء أطلقوا على الشعر لقب " ديوان العرب " لأنه يتضمن أخبارهم وأحوالهم وآمالهم وآلامهم.. الشعر الآن جمح إلى تناول القضايا الفكرية مع شيء من الغموض يصل إلى حد تمييع المعني، وترك " أخبار العرب وأحوالهم " للرواية .. من هنا أصبحت الرواية هي ديوان العرب .. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الشعر .. وأرجو أن أكون صادقا إذا قلت إنني - حتى الآن - أسعد بالقصيدة الجيدة أكثر مما أسعد بالرواية التي تماثلها في الجودة الشعر لن يغيب مادام أن للإنسان قلبا يخفق .
- ما رأيك في الحركة النقدية الحالية ؟
- نقادنا مظلومون .. أغلبهم لا يجدون المنابر التي ينشرون فيها أعمالهم، بعد أن أعطت صحفنا ظهرها للدراسات النقدية .. والنشر في الصحف يساعد على التعريف بالأعمال الأدبية التي يتناولها النقد من ناحية .. ويسهم في رواج الكتاب الذي جمع فيه الناقد عددا من دراساته المنشورة في الصحف من ناحية أخري، يضاف إلي هذا أن النقاد يعانون من عداوات أولئك الذين يتولون مناصب كبري ويعتقدون بأنهم مبدعون!
أعرف نقادا كبار تعرضوا للاضطهاد من " إخواننا " هؤلاء .. ولست أدري من الذي أطلق على الأدباء لقب " الشهداء " ؟! الشهيد الأعظم - في وقتنا الحالي - هو الناقد .
سلمى الاسوانية
- للمبدع محطات .. ما أهم المحطات الأدبية في حياتك ؟
فوز روايتي " سلمى الأسوانية " بالجائزة الأولى هو المحطة الأولى .. قبلها كنت أشك في مقدرتي على اقتحام عالم الرواية .. وحينما دخلت بها المسابقة كنت أتوقع أن يكون ترتيبها بعد الأربعين أو الخمسين .. كان كل أملي أن أقرأ التقارير التي كتبها عنها الأدباء الكبار في لجنة الفحص .. المحطة الثانية كانت حينما عرض علي ناقدنا الكبير الراحل رجاء النقاش أن أعمل معه في الصحافة .. وكان وقتئذ رئيس مجلة إدارة مجلة الإذاعة والتليفزيون ورئيس تحريرها، وقفز بتوزيعها لدرجة أنها كانت تباع فيما كان يسمي بالسوق السوداء.. لقد عطلتني الصحافة عن الإنتاج الأدبي في السنوات الأولي .. لكن عدم تمسكي بمواعيد صارمة - وفر لي وقتا طيبا لأقرأ فيما ما كنت أعتقد أنه ينقصني .. مع أن الثقافة بحرها بلا شاطئ .. وقد أحصيت السنوات التي يجب أن أعيشها لكي أقرأ ما أتمنى قراءته فوجدتها زادت على الثلاثمائة سنة!
المحطة الثالثة كانت حينما أصيب ابني الأكبر بمرض خطير .. اضطررت إلى العمل في الصحافة الخليجية لكي أنفق على علاجه .. سنوات طويلة ضاعت بلا إنتاج أدبي .. المحطة الأخيرة هي التي أعيشها الآن .. منهمك في ثلاثة أعمال في وقت واحد ،كلها وصلت إلى نهاياتها ، لكنني مشغول في تعميق بعض الشخصيات، وإشباع الكثير من المواقف الدرامية .. وإعادة صياغة بعض الصفحات .. وهذه " العملية " تستغرق أضعاف الوقت الذي تستغرقه الكتابة الأولى .
- وكيف تنظر إلى الترجمة ودورها في اتساع رقعة قراءة العمل الابداعي ؟
أنا غير محظوظ في الترجمة .. ولم أسع إلى هذا قط ؛ ربما لاعتقادي بأن قضايانا لاتهم القارئ الغربي - باستثناء المستشرقين ومن يدرسون الأدب العربي في جامعاتهم - وكل ما ترجم لي كان بالمصادفة البحتة .. رواية واحدة هي "أخبار الدراويش " ترجمت إلى الروسية، وعدد قليل من القصص القصيرة بعضها ترجم إلى الفرنسية وبعضها الآخر إلى الصينية .. بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل .. فوجئت بأن رواياته التي ترجمت تقرأ على نطاق واسع .. إذن الغرب يهتم بقضايانا عكس ما كنت أظن .. ربما كان سبب إحجامه الاعتقاد بأن الراوية عندنا لم تصل إلى مكانة الرواية الغربية من حيث المستوى الفني .
- ماذا ينقص أدباءنا المعاصرين ؟
أن تتعامل الدولة مع إنتاجهم الأدبي - كما تتعامل مع " إنتاج " فرق كرة القدم ..
- إلى أي مدى استفاد الروائيون العرب من الرواية الغربية ؟
الخطأ الذي وقع فيه الكتاب العرب، هو كتابة المضمون وفقا للشكل الفني التجريبي أو الحديث الذي اختاروا استيراده من الخارج، رغم أنه من المفترض أن يقود المضمون إلى الشكل الفني وليس العكس، ورغم اقتباسنا لبعض الأشكال الفنية استطاعت الرواية العربية أن تتفوق في بعض النواحي على نظيرتها الغربية نتيجة زخم اللغة ومفرداتها العميقة والغنى السردي .
دراما تليفزيونية
- وماذا عن أعمالك الأدبيه التي تحولت إلى أعمال تليفزيونية ؟
أسعد بها لأنها ستحول العمل الأدبي من مقروء لبضعة آلاف إلى مشاهدين علي نطاق الملايين .. لكن ما يحزنني أن غالبية هذه الأعمال تفرغ من مضمونها الفكري .. وذات يوم قلت لأستاذنا نجيب محفوظ!" إنني أحزن عندما أشاهد فيلما مأخوذا من إحدى رواياتك .. إلا في أقل القليل " فقال لي : " هيئ نفسك بأنك ستشاهد عملا آخر ".
هذه حقيقة لابد من قبولها .. كاتب السيناريو والمخرج - وبقية الفريق - معذورون لأنهم يراعون الأعداد الهائلة من المشاهدين البسطاء .. فضلا عن الرقابة التي تتلمظ للمصادرة تلمظ الأفعى!.. لكنني لا أعذر صانعي الفيلم أو المسلسل الذين يقلبون فيه فكر الأديب رأسا على عقب كما حدث في فيلم " ميرامار " .
بالنسبة لي .. في السبعينيات من القرن الماضي حولت روايتي " اللسان المر " إلى مسلسل من إخراج علوية زكي .. وحول السيناريست الراحل محسن زايد روايتي " سلمى الأسوانية " إلى مسلسل من إخراج يوسف مرزوق .. وكتب الشاعر الشاب سعد القليعي السيناريو لروايتي " النمل الأبيض " وأخرجها هشام أسامة أنور عكاشة وانتهى من تحويل رواياتي " أخبار الدراويش " إلى مسلسل لصالح مدينة الإنتاج الإعلامي.. وكل هذه الأعمال ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها من روايات تتحول إلي الدراما التليفزيونية .
- كيف ترى العلاقة بين السينما والرواية؟
أنجح الأعمال السينمائية هي التي استندت إلى روايات، فالسينما استفادت من الرواية استفادة كبيرة .. والرواية استفادت بدورها من السينما ، لكن المفارقة أننا نشهد حالة غريبة جدا، فعندما تتحول الروايات إلى عمل سينمائي أو درامي يتوقف الجمهور عن شراء هذه الروايات في نسختها المطبوعة ؛ ويتذكر نجوم التمثيل الذين جسدوا شخصيات العمل .
- بماذا تنصح المبدعين الشباب ؟
ألا يقبلوا أي نصيحة ، وإن كان ولابد من ذلك.. أتمنى من شباب الروائيين أن يقرأوا هذه الحكاية : ذات مرة قرأت لكاتب سياسي كبير - أكن له احتراماً - قوله إنه كتب رواية استمدها من قصة حياته وهي حياة حافلة فعلا كتبها في أربعمائة صفحة خلال أسبوع واحد ثم طبعها وأعطاها للنقاد فلم يكتبوا عنها حرفا واحدا .. قال ذلك وهو غاضب عليهم . لاحظوا أنه كتب الرواية بأسلوب تقريري .. فمن المستحيل كتابة عمل روائي من أربعمائة صفحة في أسبوع واحد .. شكسبير ذاته لا يقدر على ذلك !لو أنه - بعد أن كتبها - وضعها في أحد الأدراج لشهرين أو ثلاثة، وحمل في جيبه مفكرة صغيرة كتب فيها كل ما خطر له من " معلومات " عن شخصيات روايته، أو تحسين موقف من مواقفها، أو " تعديل " مسار إحدى شخصياتها .. إلخ ثم أعاد صياغة الرواية من جديد بأسلوب " تصويري " - وليس تقريريا - فإن الكتابة الثانية سوف تستغرق منه عشرة أمثال الفترة التي كتبها فيها لأول مرة .. فللرواية - والقصة القصيرة - لغة خاصة .. المطلوب هو " صورة " الفعل وليس " الفعل " .. إذا قال الكاتب عن بطلة روايته :" حزنت حزنا شديدا " فهذا أسلوب تقريري يصلح للمقال .. المطلوب هو الأسلوب التصويري .. يقول مثلا :"أسندت رأسها على راحة يدها، ولمعت عيناها الواسعتان بدمعة أبت النزول ".. حينئذ القارئ هو الذي سوف يقول إنها " حزينة " دون أن يذكر الكاتب فعل " الحزن " أصلا ، وهذا الكلام موجه لمن يملك السليقة الروائية أولا .
- هل تتوقع أن يتغير المشهد الثقافي المصري بعد الثورة ؟
في رأيي أنه سيتراجع بشكل كبير ؛ فهناك مقولة نقدية شهيرة تقول إن "الفن احتجاج" أي أن المبدع يكتب الرواية أو القصيدة من أجل الاحتجاج على وضع ما قد يكون سياسي أو اجتماعي قائم، لكن الثورات تقوم بالإصلاح والتغيير.وبالتالي فإن الفن هنا يفقد دوره في الاحتجاج إلى أن يحدث تناقض في الأوضاع يكتشفها الكاتب فيكتب ليحتج من جديد، وأقرب مثال على ذلك توقف نجيب محفوظ عن الكتابة عند قيام ثورة 1952 لمدة خمس سنوات، لأن معظم كتابته السابقة كانت عن الاحتجاج على النظام الملكي السابق، وعند قيام الثورة انتهى مصدر احتجاجه، لكن عندما ظهر التناقض بالممارسات غير المقبولة بعد الثورة عاد برواية "اللص والكتاب" و"ميرامار"؛ تعبيرا عن رفضه واحتجاجه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.