في ذكرى رحيل الفنانة فاتن حمامة؛ نسترجع ذكريات مرحلة الطفولة في حياة سيدة الشاشة العربية، وقصة عشقها للتمثيل منذ نعومة أظافرها. وكانت بداية مشوارها الفني بعد فوزها في مسابقة أجمل طفلة فى مصر عام 1940، حيث قام حينها والدها بإرسال صورتها إلى المخرج محمد كريم، الذي كان يبحث آنذاك عن طفلة تقوم بأداء أحد الأدوار أمام الفنان محمد عبد الوهاب فى أحداث فيلم "يوم سعيد"، واقتنع "كريم" بمظهرها، ليقوم بترشيحها لدور "أنيسة"، حيث استطاعت أن تجيد الشخصية لتنجح كأول طفلة تدخل عالم التمثيل وهي في التاسعة من عمرها. ولم تكن موهبة فاتن حمامة في أداء دور "أنيسة" قد جاءت من فراغ ، فقد برعت "فاتن" منذ طفولتها في فن الإلقاء وترديد الزجل والأشعار قبل أن تدخل عالم التمثيل، حيث كانت بارعة في فن الخطابة وهى فى سن السادسة، وكانت قد برزت هذه الموهبة كما تُحدثنا الذكريات؛ عندما تم دعوة والدها الموظف بوزارة التربية والتعليم بالمنصورة، لحفل تكريم أحد المسئولين بالوزارة، فأعد والدها زجلاً مكتوبًا للترحيب بالمسئول الذي سيتم تكريمه، وقام بتحفيظه لابنته "فاتن"، ومن هنا كانت المفاجأة للجميع، إذ أبهرت الصغيرة كل الحضور بنبرة صوتها وتعبيراتها التمثيلية وإجادتها فن الخطابة رغم صغر سنها. وإذا عدنا إلى دور الطفلة "أنيسة" في فيلم نهارك سعيد، فإننا سنسترجع بعض أقوال النقاد والمؤرخين الفنيين، الذين أكدوا أن هذا الدور لم يكن بهذه المساحة التي عُرضت في أحداث الفيلم، بل أتسعت كثيرًا عما كان محددًا لها، وهو الأمر الذي أشار إليه المؤرخ الفني محمد شوقي؛ والذي ألمح إلى أن الدور كان مختصرًا، لكن موهبة فاتن حمامة قد أدت إلى زيادة حجم الدور من قِبَل الفنان عبد الوارث عسر، الذي كان مكلفًا بكتابة سيناريو الفيلم. وتمر الأيام وبعد مضي أربعة أعوام على عرض فيلم "نهارك سعيد"، يعود من جديد المخرج محمد كريم ليقوم بإستدعاء الطفلة فاتن حمامة، وهي في الثالثة عشر من عمرها، لتقوم بالتمثيل مرة أخرى أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب في أحداث فيلم "رصاصة في القلب" عام 1944، لتنجح وتُبهر النقاد والجماهير بموهبتها الفاذة وأدائها البارع، لتستكمل مسيرتها الإبداعية وهي لا تزال في مرحلة الطفولة، حيث اشتركت في فيلمها الثالث "دنيا" وذلك في عام 1946، وحينها لمع نجمها في سماء الفن وذاع صيتها في مجال التمثيل لتنطلق إلى القاهرة وتقيم هناك حتى دخلت المعهد العالي للتمثيل. ولم تكن تتوقع فاتن حمامة في مرحلة طفولتها أنها ستكون فيما بعد إحدى نجمات السينما العربية، إلا أن النقاد قد تنبؤوا بقدومها نحو التتويج على عرش السينما، كإحدى أفضل نجمات جيلها، وهو الأمر الذي حدث بالفعل، حيث قدمت فاتن حمامة طوال مشوارها الفني أكثر من مائة فيلمًا من أشهرها: صراع في الوادي، سيدة القصر، أيامنا الحلوة، ملاك الرحمة، صراع في الميناء، دعاء الكروان، اليتيمتين، موعد غرام، لا تطفىء الشمس، الأستاذة فاطمة، لا أنام، المعجزة، لحن الخلود، يوم حلو ويوم مر، ارحم دموعي، لا وقت للحب، الخيط الرفيع، أفواه وأرانب، ولا عزاء للسيدات، أريد حلاً، إمبراطورية ميم. كما حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات مثل: ميدالية الشرف من قِبَل الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام الاستحقاق من ملك المغرب الحسن الثاني بن محمد، ووسام الأرز من لبنان، ووسام المرأة العربية من قِبَل الرئيس اللبناني رفيق الحريري، وشهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب.