أصبح من الواضح الاعتناء الكبير الذي توليه إمارة الشارقة للأطفال من داخل وخارج الإمارات، حيث تقيم سنوياً العديد من المعارض والمهرجانات التي تعنى بثقافته القرائية والبصرية عبر المسرح والسينما. ويعتبر مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال الذي ستنطلق دورته الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2013، هو الأول من نوعه على صعيد الدولة والمنطقة ككل، من خلال تركيزه على الإعلام البصري كوسيلة ثقافية يجب أن يتم توجيها بشكلٍ إيجابيّ يهدف إلى توسعة الإدراك والرؤية الإبداعية. يأتي المهرجان تحت رعاية "فن" وهي مؤسسة تابعة لحكومة الشارقة ترعاها الشيخة جواهر القاسمي حرم حاكم الشارقة، من أجل تعزيز ودعم الفن الإعلامي للأطفال من الشارقة ودولة الإمارات بما فيه صناعة الأفلام، التصوير الفوتوغرافي، تصميم الجرافيك، الرسوم المتحركة. منذ البداية يبدو التوجه نحو الإبداع السينمائي واضحاً في سياسة المهرجان. فالأخذ بيد الأطفال لاكتشاف عالم الوسائط الإعلامية وربطها بالسينما المفترض أن تكون بوابة المعرفة، هي أول الأسباب التي أقيم من أجلها. إلى جانب منهجية جديدة تتخذ من التعليم أسلوباً وغاية في الوقت نفسه. فما المانع من استخدام الفن لتمكين الأطفال من اكتساب العلوم المفروضة عليهم ضمن مناهجهم الدراسية؟ بدوره لا يتنظر الشارقة السينمائي الدولي الجواب، لأن القائمين عليه متأكدون من عدم وجود ما يعيق فكرة تجاور الفن والعلم، على العكس تماماً إن كل الجهد المبذول يصب لإثبات صحة النظرية. من جهةٍ ثانية يمكن للأطفال ومن خلال التواصل عبر المهرجان أن يزيدوا من معلوماتهم حول ثقافات الشعوب بعاداتهم وتقاليدهم، إذ تنضوي هذه المهمة ضمن إطار التفاعل المباشر والحي بين الأطفال بعضم ببعض من جهة، وبين الأطفال والسينما المعروضة أمامهم من جهةٍ أخرى. وهنا ستزول كل الفوارق الدينية والطبقية وغيرها، لتحل محلها روابط جديدة يكون الفن أساسها. بالإضافة إلى أن المهرجان يهدف إلى نشر السلام العالمي في عالمٍ واحد لعل الجميع يعيشون فيه دون أن يضطر أحدهم لإزاحة الآخر. كل تلك الأهداف سيتم الوصول إليها عبر الأفلام المشاركة والتي سجلت حتى الآن أرقاماً غير متوقعة، ما دفع المنظمون إلى تمديد فترة استقبال المزيد منها حتى تاريخ العشرين من يونيو/حزيران الجاري. وحسب تصريح جواهر عبدالله القاسمي مدير المهرجان، فإن على الأفلام أن تتناول مجموعة من المعايير تتجسد في الأهداف والأفكار والأساليب التعليمية، بالإضافة إلى القيم الاجتماعية والتربوية والثقافية. وذلك تجسيداً لرؤيتهم في ضرورة إعداد جيل إعلامي عالمي واعد، مؤهل للمشاركة بفعالية في المنظومة الفكرية والثقافية العالمية. يخضع الفيلم المشارك لتقييم ستة مبرمجين وأخصائيين من المهرجان، ليتم التواصل بعدها مع المقدّم إن تمّ القبول أم لا. مع ملاحظة مراعاة الشروط التقنية الواجب اتباعها أثناء عملية الإرسال لضمان المشاركة وقبولها. على الرغم من تعدد الوسائل التي تعنى بثقافة الطفل، إلا أن الوسائل البصرية تبقى الأكثر فاعلية في عصر اليوم الحديث. لذا فللسينما دور لا تجب الاستهانة به في التأثير بثقافة الطفل سواء سلباً أم إيجاباً. إذ أن الصورة المتحركة والملونة المترافقة مع صوت وإيقاع موسيقي محدد، تسيطر على المتلقي وتدفعه نحو الاستيعاب والتصديق خاصةً إذا كان هذا المتلقي لا يزال في مرحلة الطفولة. الشيء الذي يسعى المهرجان لاستغلاله ولكن لأهداف تربوية وتثقيفية إيجابية أولاً وأخيراً. على الرغم من أن المهرجان يهدف لإشراك كل الأطفال من مختلف الجنسيات في فقراته السينمائية، تبقى لأطفال الإمارات والناشئة الإماراتيين الأولوية في مجموع برامجه، من حيث المشاركة والمواضيع المطروحة. فكل ما له علاقة بحضارة الدولة ومجتمعها بكل ما فيه، يندرج تحت قائمة الأولويات. كذلك فللاهتمام بثقافات بقية الشعوب أهميته من أجل توعية وتثقيف من هم في الإمارات. لا يكتفي المهرجان باطلاع الطفل على الأفلام واستفادته منها، إنه يسعى ليكون هذا الطفل مبدعاً ومبتكراً في فن السينما وصانعاً له، إذ يتم توفير كل الأدوات المطلوبة والإمكانيات المتوفرة على يد أخصائيين وخبراء سينمائيين، بما يخدم تعزيز دور صنّاع السينما المحليين وتحفيزهم على إنتاج أفلام للأطفال والناشئة في الإمارات. يواجه هذا الحدث تحدياً كبيراً في دورته الأولى على كافة الأصعدة، وهو يطمح للمزيد من المشاركات والمتطوعين المهتمين والمختصين ليتمكن من الانطلاق بكل قوة في عالم الفن والإبداع.