إنشاء وحدات صحية ومدارس وتحسين خدمة المياه.. محطات مهمة ل حياة كريمة بالجيزة    تركيا تعلن رفع العقوبات الأمريكية عن أنقرة المفروضة بسبب شراء "إس-400" الروسية    ألبانيا أول منتخب أوروبي يحجز مقعده في ملحق مونديال 2026    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات والتعديات بالشوارع والالتزام بإعلان الأسعار في مرسى علم    رئيس هيئة المتحف الكبير: لا صحة لشائعات منع المصريين.. والزيارة بنظام التوقيتات للجميع    رئيس البورصة: تحديد 5% حد أدنى للاستثمار في الصناديق المفتوحة يزيد من السيولة    هالة فاخر تشعل تريند جوجل بعد ظهورها الصريح مع ياسمين عز وحديثها عن كواليس مشوارها الفني    أمين اتحاد الغرف التجارية: الوفرة والمنافسة تدفعان لاستقرار الأسعار.. وتوقعات بالانخفاض    أسعار الدواجن والبيض في الأسواق اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    استشهاد شاب برصاص الاحتلال فى مخيم عسكر بالضفة الغربية    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    رئيس قصور الثقافة يتابع حالة طلاب أسوان المصابين في حادث طريق إسنا    حبس المتهم بسرقة المتاجر في النزهة    رئيس هيئة قصور الثقافة يزور الطلاب المصابين في حادث طريق إسنا بمستشفى طيبة (صور)    وزير الصحة ينفي شائعات نقص الأنسولين: لدينا 3 مصانع واحتياطي استراتيجي يكفي 4 أشهر    رئيس قناة السويس: ارتفاع العائدات 20%.. وتوقعات بقفزة 50% في 2026    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    طقس خريفي مستقر وتحذيرات من الشبورة الكثيفة صباحًا.. الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو الأحد 16 نوفمبر 2025    "دولة التلاوة".. برنامج قرآني يتصدر الترند ويُحيي أصالة الصوت المصري    وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية تستضيف وفدًا من قيادات مجموعة ستاندرد بنك    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    دعاية يتبناها الأذرع: "أوبزرفر" و"بي بي سي" و"فورين بوليسي" نماذج لإعلام "إخواني" يهاجم تدخل الإمارات في السودان!    الاحتلال الإسرائيلي يحدد موعد لمحاكمة إمام الأقصى بتهمة التحريض على الإرهاب    مدحت عبد الهادي عن "نعش" محمد صبري: كان خفيف ومتعبش حد فينا    الداخلية تضبط المتهمين بسرقة أبواب حديدية بإحدى المقابر بالشرقية    أسفرت عن إصابة 4 أشخاص.. حبس طرفي مشاجرة في كرداسة    بدون إصابات.. السيطرة على حريق في برج سكني بفيصل    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    آسر محمد صبري: والدي جعلني أعشق الزمالك.. وشيكابالا مثلي الأعلى    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    الدفاع الروسية: إسقاط 36 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    المستشار ضياء الغمرى يحتفل بحفل زفاف نجله محمد علي الدكتورة ندى    العرض العربي الأول لفيلم "كان ياما كان في غزة" فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    البنك الأهلي المصري يقود تحالفاً مصرفياً لتمويل «مشارق للاستثمار العقاري» بمليار جنيه    قائمة أكبر المتاجر المشاركة في البلاك فرايداي وأسعار لا تُفوَّت    إيران تحذر من تداعيات التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الكاريبي    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    تريزيجيه: اتخذت قرار العودة للأهلي في قمة مستواي    تساقط أمطار خفيفة وانتشار السحب المنخفضة بمنطقة كرموز في الإسكندرية    اختتام المؤتمر العالمي للسكان.. وزير الصحة يعلن التوصيات ويحدد موعد النسخة الرابعة    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه المجتمعات المشقوقة
نشر في نقطة ضوء يوم 29 - 04 - 2013

نكاد نكون أصّلنا فى هذه المنطقة من العالم لهذا النمط من المجتمعات، المجتمعات المشقوقة التى نحن أباؤها المؤسسون، المجتمعات التى تبدو وكأنها تستمد قوتها من هذا الانشقاق المزمن، مجتمعات حافظت بقوة واصرار على رصيد إرث الخلافات الأزلي فى الدين والعرق والقبيلة ، مضافا إليه العائد التراكمى نتيجة نشاط الاستثمار المتميز، وهو الاستثمار الوحيد الذى نجيده، استثمار الخلافات وتنميتها بأعلى عائد داخل الصوب والحضّانات، مجتمعات لاتنفجر، فالكتلة الحرجة لا تنحاز أبدا إلى طرف، ويظل الصراع متأججا، وكلما ظن أحد أنه وصل الذروة، إذا به يعود الى الصفر من جديد، وتعقد اتفاقات وتعهدات، وتظل الى حين فى الذاكرة، ثم تنمحى تماما ويعود الصراع من جديد، ثم اتفاقات ثم صراع وهكذا دواليك منذ القدم . فما بين دساتير مشقوقة، وتعليم مشقوق، وثقافة مشقوقة، وإعلام مشقوق، واقتصاد مشقوق، والطامة الكبرى قضاء مشقوق، بين كل هذه التشققات يعيش الناس،يعيشون بفكر مشوه، وهوية مترددة، وثقافة متردية، وتعصب مقيت، وعنف متفجر، وجهل متفشى، وأمراض مستشرية، كل ذلك فى مجتمعات مشقوقة أصلا بين أعراق وأثنيات متناحرة.. بالإضافة بالطبع للصراع الذى يدير هذه المنظومة من خلف الستار، صراع الاديان والملل والنحل حيث يتصارع الاتباع والمريدين على وكالة الله واحتكار الايمان (الصحيح)، وفى ظل هذا المناخ تضيع الحقيقة ويدعى كل طرف امتلاكها المطلق ؛ وحتى لا نرهق أنفسنا بالتساؤلات عن كيف ولماذا استمرئ الجميع تلك الاوضاع المزرية كل هذه العقود وحتى لا يتصور البعض انه لاتوجد مزايا فى استمراء هذا الوضع واستمراره على ما هو عليه فلا بأس من استعراض بعض النقاط الجديرة بالتأمل :
أولا : استمرار الصراعات فى هذه المجتمعات يعفيها من أى التزام اقليمى أو دولى تجاه أى قضايا اتفق عليها المجتمع الانسانى كله منذ أمد بعيد بدءا من قضايا المناخ والبيئة حتى حقوق الانسان الاساسية .
ثانيا : هذه الاوضاع جاذبة للمنح والهبات ضمن ورقة يتم اللعب بها وقت الحاجة على المجتمع الدولى على خلفية لعبة مكافحة الارهاب التى يديرها ملوك هذه الطوائف لحساب استمراريتهم فى الحكم .
ثالثا : إن استمرار هذه الاوضاع، هى الدرع الواقى لصد هجوم العولمة الجديد حيث البقاء فى خنادق القرن السادس هو خير وسيلة للدفاع عن الدين والهوية واللغة ضد الغزو الثقافى والاقتصادى الكاسح لتلك الحضارات (الفاسدة) التى طالما بشرونا بزوالها ونحن فى الانتظار.
رابعا : تتبادل هذه المجتمعات المنافع باثارة النعرات وتغذية منابع المشاكل وتمويل اشخاص ومنظمات داخل بعضها البعض حتى يضمن الجميع أن أحدا لن يستطيع الهروب من السفينة المثقوبة
خامسا : فى ظل عشوائية فى التخطيط والادارة اعفى المواطن العادى نفسه من اى التزام او انضباط فى العمل او الانتاج او السلوك العام وقاوم اى بادرة تلزمه ببذل الحد الادنى من الجهد وعليه اجهضت كل محاولات الإحياء أو النهضة التى قام بها اشخاص بمبادرات فردية وانهارت صناعات وزراعات كنا روادها لقرون طويلة .
سادسا : نشأت جمعيات ومنظمات ظاهرة وتحتية ممولة تمويلا سخيا مهمتها تأصيل وتأجيج وتغذية الصراعات لضمان عدم خمودها لابقاء درجة من التوتر المستدام لا تستطيع هذا المنظمات بدونه ممارسة دورها الممنهج فى هذا الإطار.
سابعا : الميديا فى هذه المجتمعات أغرقت الناس بتفاهات وسفاهات وافرزت (نجوم) طافية على السطح باستمرار كالاسماك النافقة لضمان هشاشة عقول الشباب الموزع بين أقصى اليسار حيث الإيموزوموجات الالحاد المستترة وبين أقصى اليمين حيث الأحزمة الناسفة لنصرة دين الله بينما يطارد محترفى الحسبة المثقف والمفكر الحقيقى ورجل الدين المجدد وكل من يعن له ايقاظ هذه المجتمعات ويفتح عيونها لترى الدنيا ويكتشف للناس مستنقع الكذب الذى ناموا فيه قرون طويلة .
ثامنا : بلا فخر أفرزت هذه المجتمعات سبعة عشر مليون لاجئ دينى وسياسى وعرقى يعيشون فى مخيمات الاردن وسوريا وفلسطين والسودان والصومال وغيرها وهم نصف عدد اللاجئين فى العالم يعيشون فى مخيمات هى سبه فى جبين (العروبة والاسلام ) والرقم من آخر احصائية صدرت عن برنامج الامم المتحدة الانمائى .
تاسعا : بفخر تحتل هذه المجتمعات المراكز المتقدمة فى الفساد والرشوة والتحرش الجنسى والتمييز ضد المرأه والاقليات الدينية والعرقية وانصافا للحق لايجب أن يلقى باللوم على الحكام وحدهم فالجميع ارتضوا بهذا التصنيف حكاما ومحكومين وكل قام بدوره على الوجه الاكمل.
عاشرا : بعض المجتمعات التى تبدو ساكنة من الظاهر وهو سكون كاذب بفضل فوائض ثروات مزيفة هى زائلة إن عاجلا أو آجلا فالغرب فى طريقه للاستغناء عن مفجر هذه الثروة ويعود الوضع الى ما كان عليه والبعض الآخر يدعى نهضة صناعية كاذبة قائمة على مصانع الاسمنت والسيراميك والكيماويات والبلاستيك هذه الصناعات سيئة السمعة المدمرة للبيئة، المطرودة من بلادها شر طردة لخطورتها الداهمة على الانسان والحيوان والنبات .
حادى عشر : القضاء فى بعض هذه المجتمعات، أصبح يقاوم الزمن مقاومة بائسة بنصوص القوانين التى تجاوزها التاريخ بقرون طويلة، واصطدم بمتغيرات الحضارة التى لا يستطيع التواؤم معها، رغم محاولات الالتفاف والترقيع. وفى البعض الآخر انشغل بالصدام مع الانظمة الحاكمة،لأسباب ملتوية، واصبح القضاة (نجوم مجتمع) على الميديا والصفحات الصفراء، مباهين بانتماءاتهم السياسية والدينية، وبعد أن كانت كلمة أقاضيك كفيلة وحدها بالردع، أصبحت نفس الكلمة مقترنة بمدلول العدالة البطيئة التى تقنن الجرائم بالتقادم الزمنى.
ثانى عشر : لجأت تلك المجتمعات لتديين كل القضايا بدءا من المخلفات الصلبة فى الشوارع وحتى قضية فلسطين وبذلك نأوا بأنفسهم عن بذل أى محاولات اجتهاد على الارض للبحث عن حلول وأصبحت كل القضايا فى قبضة السماء ومن يعترض على مشيئة السماء؛؛ وقد أفرز موضوع تديين القضايا آثارا مدمرة على على كل الأصعدة حيث أفرز التطرف تطرفا أشد عنفا إنعكس على كل القضايا وأدار لنا المجتمع الدولى ظهره بعد أن كانت قضايانا يناصرها كل أحرار الدنيا .وأوجد فريق ابن لادن مخرجا لاسرائيل ما كانت لتحلم به يوما .
ثالث عشر: إن الفقراء يزدادون فقرا فى موريتانيا والصومال وتشاد واليمن ومصر والسودان وباقى المنطقة، وهم الفئات المهمشة بسبب أعراقهم وعقائدهم والاغنياء يزدادون غنى، لنفس الاسباب العنصرية التى تجد من يؤصل لعدالتها الالهية.
رابع عشر : أغلب هذه المجتمعات تعانى من صراع هوية مزمن فما بين عرب وامازيج وكرد وقبط وأفارقة ونوبيين وفرس وأشور وكلدان تدور رحى حرب عنصرية شرسة أسلحتها الاقصاء والفرز والتهميش والابادة .
وفى النهاية ألا من أمل فى أن تنتفض هذه الشعوب، لتبحث عن مستقبل بديل لهذا الواقع المظلم، أم أن هذه الشعوب أدمنت هذه الاوضاع المزرية بفضل فقه اجتماعى جذر لهذه الاوضاع، لحساب أنظمة حكم تتوارثهم جيل بعد جيل رعية لا بشر، يساقون بعصا ولى الأمر فى طريق الجنة، ولى الأمر الذي يوفر لهم الفقهاء والمنظرين،لتفصيل الفتاوى ، لقهر النساء، وكراهية البشر، واستحداث أنواع النكاح، بنصوص طوعوها تطويعا لخدمة أغراض خبيثة، هي أن تظل هذه الشعوب قانعة راضية بالفتات المتساقط من موائد الامراء والحكام، مدمنة لكرة القدم والقات والقنب وزواج الاطفال .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.