عن "كريستيان ساينس مونيتور" يبدو أن المحاولة الأخيرة لإصلاح العلاقات بين إسرائيل وتركيا قد فشلت، وذلك في ضوء مساعي وزير الخارجية الإسرائيلي، ليبرمان، الرامية للحئول دون تقديم اعتذار إسرائيلي لأنقرة عن قتل تسعة مواطنين أتراك كانوا ضمن النشطاء الإنسانيين علي متن أسطول "حرية غزة" المحمل بالمساعدات الموجهة إلي قطاع غزة، والذي حاول منظموه اختراق الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل علي القطاع في مايو الماضي. فقد قال ليبرمان يوم الأحد الماضي إن مطالبة أنقرة بذلك الاعتذار هو مثال علي "الوقاحة"، كما هاجم الزعماء الأتراك لنشرهم "الأكاذيب" عن إسرائيل. وفي اليوم التالي عاد ليبرمان وانتقد الحكومة التركية لعدم تنديدها بالمشاعر المناوئة لإسرائيل في مظاهرة شهدتها باسطنبول للترحيب بعودة سفينة مرمرة الزرقاء التي قتل علي متنها الأتراك التسعة. تصريحات ليبرمان سلطت الضوء علي الصدام الحالي الذي يبدو أنه أصبح مفتوحاً في السياسة الخارجية الإسرائيلية، بين ليبرمان ونتنياهو الذي يسعي إلي إصلاح العلاقات، خاصة بعد أن هبت تركيا لمساعدة إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر في جهود إطفاء أكبر حريق غابات في تاريخها. وبعد وقت قصير من ذلك التدخل، انكب الجانبان علي مناقشة صيغة تعبير إسرائيلي عن الندم مقابل عودة السفير التركي إلي إسرائيل؛ ونأي نتنياهو بنفسه عن ليبرمان، لكن ذلك لم يحسن آفاق المحادثات الثنائية. وفي هذا الإطار، يقول "ألون ليل"، وهو مدير عام سابق لوزارة الخارجية ودبلوماسي سابق في تركيا، "إن نتنياهو وباراك يحاولان الحفاظ علي المحادثات حية، لكن ليبرمان يسعي إلي نسفها دائماً"، مضيفاً: "إنه سعي إلي أن ننفصل تماماً عن المنطقة. إنها فلسفة مردها بالكامل علمه بأنه لن يكون ثمة تقدم في عملية السلام. وبالتالي، فالأمر يبدو أشبه ب (الكيكبوكسينج) منه بالدبلوماسية". ورغم أنه كانت تجمع بينهما علاقة تحالف وثيقة في عقد التسعينيات، إلا أن إسرائيل وتركيا أصبحتا متباعدتين عقب الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل علي قطاع غزة واستمرت ثلاثة أسابيع ونصف الأسبوع بين عامي 2008 و2009. ثم انحدرت العلاقات مجدداً إلي مستوي أدني بعد أن قامت البحرية الإسرائيلية بإنزال علي متن سفينة مرمرة الزرقاء وقتلت ثمانية مسافرين أتراكا ومسافراً أمريكياً تركياً كانوا يحتجون علي الحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل علي قطاع غزة. وفي يوم الأحد الماضي، تجمع آلاف الأشخاص في اسطنبول رافعين الأعلام التركية والفلسطينية، مهللين ومكبرين، ترحيباً بعودة السفينة التركية. ويعتقد عدد من المراقبين السياسيين الإسرائيليين أن تصريحات ليبرمان إنما تعكس محاولة لتحقيق تقدم تكتيكي علي نتنياهو داخل حلبة اليمين نفسه؛ لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن التصريحات التي أدلي بها وزير خارجيته يومي الأحد والاثنين، إنما تعكس آراء ليبرمان الشخصية، وليس الموقف السياسي لإسرائيل الرسمية. ورغم أن الخلاف يعد أمراً معتاداً في إسرائيل بين رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية، إلا أن الرجلين، نتنياهو وليبرمان، يبدوان علي خلاف علني حول السياسات أكثر من المعتاد. ففي خطابه أمام السلك الدبلوماسي الإسرائيلي يوم الأحد الماضي، عاد ليبرمان ليوجه انتقاداته اللاذعة ضد مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، والتي كان قد عبَّر عما يشبهها في خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، حيث هاجم هدف نتنياهو المعلن بخصوص التوصل لاتفاق نهائي مع الفلسطينيين مع حلول العام المقبل، وقلل من شأن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية باعتبارها حكومة غير شرعية وغير قادرة علي أن تكون طرفاً في اتفاق سلام. كما قال إنه يعمل علي مبادرة سلام بديلة مبنية علي اتفاقية مؤقتة طويلة الأمد. وفي هذا الإطار، كتب إيتان هابر في عمود له، بصحيفة "يديعوت أحرنوت"، يقول: "في خطابه الذي وجده الكثيرون وهمياً، قال ليبرمان ما كان كثير من الناس في إسرائيل يفكرون فيه بصمت، وهكذا فاز بالدعم لآرائه ولحزبه ومواقفه"، مضيفاً قوله إن "ليبرمان أحرج كثيراً رئيس الوزراء، بل يمكن القول إنه أذله وجعله يبدو كإناء فارغ".