عشرات من التصريحات الداخلية والخارجية تدين ما حدث في كنيسة الإسكندرية، ووصف ما جري بالجبن والخسة وأن من فعله ليس بالقطع مصرياً، وأن هناك أيدي أجنبية وراء الحادث تريد ضرب الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي.. لكن الإدانة والشجب وحده لا يكفي، وعلينا ألا نعطي الفرصة للآخرين للعب في وحدتنا الوطنية واستقرارنا الداخلي، خاصة أننا في فترة حرجة.. نحن نعطي بأيدينا أوراقاً للآخرين للعب بها، وشحن فريق ضد الآخر، ونعطي بوعي أو بلا وعي الفرصة لاعدائنا لضرب الكنيسة والمسجد. الملف يحتاج منا إلي جهد اخر وإلي بحث ونقاش، ننهي به كل القضايا الشائكة التي تراكمت عبر السنوات الماضية، صدرت تصريحات من الجانبين تثير الفتن وتشحن النفوس، وتؤجج الصدور، صدرت تصرحيات تقول إن الكنائس مخازن للأسلحة وتصريحات أخري تقول إن القرآن أضيفت إليه آيات بعد وفاة الرسول، والتصريحات علي هذه الدرجة من الخطورة لم تحسم ولم نحاسب عليها أحداً، وأخذنا نتعانق ونقول الوحدة الوطنية. ولماذا تركنا قضية كاميليا شحاتة، ووفاء قسطنين دون حسم وتوضيح، ولماذا لم يخرجا ليقولا الحقيقة للناس التي تتظاهر! الملفات من قبل لم تحسم، ولاتزال احداث نجع حمادي التي جرت في يناير الماضي، لاتزال أمام المحاكم العادية، وكان المفروض أن تكون أمام محاكم أمن الدولة، وبقانون الطوارئ يتم محاكمة المجرم الذي قتل 6 من الأقباط. وظلت طوال السنوات الماضية ملفات أخري مفتوحة دون حسم، ماذا عن مناهج التعليم، وماذا عن بعض الكتابات الطائشة التي كتبت هنا أو هناك، وماذا عما يجري علي الفيس بوك، وفي غرف الشات علي النت. ثم لماذا لا نؤيد علي مطالب قبطية في تمثيل مناسب في البرلمان أو في الحكومة، أو في المناصب العليا، ماذا كان يحدث لو أن البرلمان الحالي كان يضم 50 قبطياً و 100 من المسلمين المتنورين، و 100 من الأحزاب السياسية، أليس من الأفضل أن يكون البرلمان ممثلاً لكل الأمة بكل طوائفها وأطيافها، أليس مثل هذا البرلمان هو الأقدر علي الدفاع عن قضايا المصريين؟ ثم علينا أن نتساءل: هل الاقباط محبطون، وهل لهم حق في حالة الإحباط ام ان الأمر لا يستدعي ذلك، وعلينا أن نكن أكثر وعياً وفهما. وعلي العقلاء أن ينتبهوا للمخاطر، وعلينا ألا نعالج الملفات الشائكة بالاحضان والقبلات، وإنما علينا أن نعالجها بالعقل والمنهج ونقترح التشريعات التي تعالج القضية، ونتجاوز حكاية بناء الكنائس بصعوبة وبالمظاهرات وبالتحايل علي اللوائح. العقل المصري والحكمة المصرية سوف تنتصر في النهاية، ولكن يجب أن يكون انتصارها دائم بتشريع وميثاق واتفاق وليس بترك الملفات مفتوحة ومؤجلة، وملتهبة، ليلتقطها المخربون لضرب الوحدة الوطنية.