يدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما غدًا معركة التجديد النصفي للكونجرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) وسط توقعات بفقدان حزبه الديمقراطي عددًا من المقاعد لصالح خصومه الجمهوريين الذين أعلنوا صراحة أنهم يدخلون معركة منتصف الولاية وعيونهم علي الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 2012 وحرمان أوباما من الفوز بولاية ثانية. وقد وضعت استطلاعات الرأي المرشحين الجمهوريين في المقدمة بسبب حالة عدم الرضا التي تسيطر علي الشارع الأمريكي تجاه سياسات أوباما وسيطرة قناعة، مفادها أن البلاد تسير في الاتجاه غير الصحيح. صحيح أن العادة جرت في الولاياتالمتحدة علي أن يفقد حزب الرئيس عددًا من المقاعد في معركة منتصف الولاية.. باعتبار أن هذا الاستحقاق يعد استفتاء علي سياسات العامين الماضيين، لكن الصحيح أيضا أن آمال الأمريكيين التي عقدوها علي أول رئيس أمريكي من أصول إفريقية، قد تبددت بعدما تعثر برنامجه لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من أزمته التي أورثت العالم ثاني أكبر كساد بعد كساد 1929.. كما أن العجز عن توفير وظائف لجيوش العاطلين غذي مشاعر السخط ضد إدارة أوباما. وأغلب الظن أن معركة الغد لن يتمكن أي من الجمهوريين أو الديمقراطيين عددًا من المقاعد.. لكن لن يتمكن خصومهم من إنجاز فوز ساحق.. وفي كل الحالات فإن نتيجة "التعادل"" في معركة الكونجرس إذا جاز هذا الوصف من شأنها أن تضر بكل من الحزبين الكبيرين علي السواء، لكنها ستكون مفيدة للمواطن الأمريكي العادي، حيث سيصبح لزامًا علي الخصمين أن يتواصلا إلي تفاهمات وتقاطعات للمواقف تفاديا لإصابة البلاد بحالة من الشلل التشريعي، فيما لو تشبث كل منهما بمواقفه التقليدية. ومن المؤكد أن يلقي رعب "الطرود المشبوهة" التي تم العثور عليها في محطة مترو واشنطن القريبة من البيت الأبيض، وكذلك الطرود المشبوهة التي تم ضبطها في بريطانيا والقادمة من اليمن علي متن طائرة شحن كانت في طريقها إلي نيويورك سوف تلقي بظلالها علي معركة الغد، حيث يمكن لخصوم أوباما أن يزايدوا علي سياسات أوباما في مواجهة تنظيم القاعدة الذي يقف وراء أحدث محاولة إرهابية تستهدف الولاياتالمتحدة.. ومن قبلها محاولة النيجيري عمر الفاروق تفجير طائرة ركاب في أعياد الكريسماس خلال رحلتها من أمستردام إلي ديترويت.. وكذلك تفجير ميدان "نيويورك سكوير". إن عودة شبح القاعدة في هذا التوقيت لا يخدم أوباما وحزبه الديمقراطي، بقدر ما يخدم غلاة اليمينيين والمتطرفين في الحزب الجمهوري، وتحديدًا جناح "حفلات الشاي" الذي تتزعمه سارة بالين المرشحة الخاسرة في المعركة الرئاسية السابقة علي بطاقة نائب الرئيس.. فهذا الجناح سيستغل دون شك عودة شبح القاعدة لتخويف الناخبين وتقديم أنفسهم باعتبارهم الأقدر علي حماية أمريكا تمامًا مثلما استفاد بوش الابن في ولايته الثانية من "شريط بن لادن" عشية الانتخابات الرئاسية عام 2005.. وكان من نتيجة "ترويج" الأمريكيين اقتناص ولاية ثانية، رغم أن كل الظروف حينئذ كانت تصب لمصلحة منافسه الديمقراطي جون كيري. وإذا كان بن لادن قد صوت لصالح فوز بوش بولاية ثانية عام 2005.. تري هل يتكرر المشهد في نوفمبر 2010 مع حزب أوباما.. أعتقد أنه احتمال وارد جدًا خاصة في ظل عدم وفاء أوباما بالكثير من وعوده واللعب بمهارة من جانب الجمهوريين علي أخطائه.