الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن بداية تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025    نائب محافظ الإسماعيلية يتفقد مستوى النظافة العامة والتعامل مع الإشغالات والتعديات    الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية قرب غزة تستوعب 10 آلاف فرد    اتهام رجل أعمال مقرب من زيلينسكي باختلاس 100 مليون دولار في قطاع الطاقة    قائد الجيش الأوكراني يُقر ب"تدهور ملحوظ" في زابوريجيا    تصالح الإعلامي توفيق عكاشة وعمال حفر بعد مشاجرة الكمبوند ب 6 أكتوبر    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    ارتبط بشائعة مع فنانة شهيرة ويظهر دائمًا ب«فورمة الجيم».. 18 معلومة عن أحمد تيمور زوج مي عز الدين    جناح لجنة مصر للأفلام يجذب اهتماما عالميا فى السوق الأمريكية للأفلام بلوس أنجلوس    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    وفد السياحة يبحث استعدادات موسم الحج وخدمات الضيافة    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمي شريك أساسي في التطوير.. والذكاء الاصطناعي فرصة لا تهديد.    خبير طاقة: الكشف البترولي الجديد بالصحراء الغربية "جيد جدا".. نسعى للمزيد    موعد إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025 (متى يتم قبول الطعون؟)    تنسيقية شباب الأحزاب عن الانتخابات : شهدت تطبيقا كاملا لتعليمات الهيئة الوطنية ومعايير الشفافية    «بنداري» يشيد بوعي الناخبين في المرحلة الأولى من انتخابات النواب    ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار فونج-وونج بالفلبين ل 25 قتيلا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. روسيا تمنع 30 مواطنا يابانيا من دخول البلاد.. اشتباكات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين فى طوباس.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلة يقدم استقالته لنتنياهو    خروقات إسرائيلية متواصلة لاتفاق غزة. ودعوة أممية لإيصال المساعدات وأمريكا تُخطط لإنشاء قاعدة عسكرية بالقطاع    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    منتخب مصر الثاني يخوض تدريباته استعدادًا للجزائر    «ميقدرش يعمل معايا كده».. ميدو يفتح النار على زيزو بعد تصرفه الأخير    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    الغندور يكشف حقيقة تدخل حسام حسن في استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ الفيوم يتابع أعمال غلق لجان التصويت في ختام اليوم الثاني    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    أمطار غزيرة وثلج .. بيان مهم بشأن حالة الطقس: 24 ساعة ونستقبل العاصفة الرعدية    في ظروف غامضة.. سقوط فتاة من الطابق الرابع بمنزلها بالمحلة الكبرى    مصرع شخص غرقًا في دمياط والأهالي تنتشل الجثمان    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    مي سليم تطلق أغنية "تراكمات" على طريقة الفيديو كليب    السفير التركي: العلاقات مع مصر تدخل مرحلة تعاون استراتيجي شامل    قلق وعدم رضا.. علامات أزمة منتصف العمر عند الرجال بعد قصة فيلم «السلم والثعبان 2»    «القط ميحبش إلا خناقه».. 3 أبراج تتشاجر يوميًا لكن لا تتحمل الخصام الطويل    لماذا نحب مهرجان القاهرة السينمائي؟    السياحة تصدر ضوابط ترخيص نمط جديد لشقق الإجازات Holiday Home    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء فرز أصوات الناخبين بالفيوم.. صور    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    تهديد ترامب بإقامة دعوى قضائية ضد بي بي سي يلقي بالظلال على مستقبلها    هند الضاوي: أبو عمار ترك خيارين للشعب الفلسطيني.. غصن الزيتون أو البندقية    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس نادي قضاه الأسكندرية    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    بث مباشر | مشاهدة مباراة السعودية ومالي الحاسمة للتأهل في كأس العالم للناشئين 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مُدعو الثقافة.. يكتبون تاريخ مصر!
نشر في نهضة مصر يوم 13 - 10 - 2010

أن هذا الانحدار أفرز نوعا جديدا من البشر وهذا النوع هو مجموعة مُدعي الثقافة الذين يجهلون ببساطة المعرفة والثقافة الحياتية ولكنهم يدعون أنهم علي دراية بكل شئ لمحاولة الظهور الاجتماعي (يعني حتي الثقافة بقيت منظرة كدابة!!)...
هل أصاب الانحدار كل شئ؟؟...الاجابة دون تفكير هي: نعم، قطعا كل شئ!! وأعني بذلك كل الأشياء الجميلة بدءا بالانحدار الأخلاقي والانحدار التعليمي والانحدار الفني ثم أخيرا الانحدار الثقافي... وتمسُكا مني ببعض الأمل أقول ان الانحدار وصل الي أقصي مدي، بمعني أنه لن يأتي جيل علي مصر مسطحا فكريا ولا معنويا ليفوق هذا الجيل من الشباب...
المصيبة الكُبري أن هذا الانحدار أفرز نوعا جديدا من البشر وهذا النوع هو مجموعة مُدعي الثقافة الذين يجهلون ببساطة المعرفة والثقافة الحياتية ولكنهم يدعون أنهم علي دراية بكل شئ لمحاولة الظهور الاجتماعي (يعني حتي الثقافة بقيت منظرة كدابة!!)...
وحيث إننا وصلنا الي الحد الذي أصبحت مجموعة اعلانات (الحقيقة المُرة) التي تطل علينا بوقاحة كل يوم من خلال القناة الفضائية التي يمتلكها حفيد زعيم الأمة العربية الراحل هي الاعلانات الأكثر مُشاهدة وما يقال فيها من شتائم وألفاظ وايحاءات جنسية غير مقبولة ولا معقولة هو الحوار الأكثر استخداما بين الأطفال والشباب...ولأنه أصبح من العادي والمضحك أيضا أن تسمع ابنتك أو ابنة الجيران تقول جُملا مثل " قتلت الصاروخ ليه يا وديع ؟!" فيجب علينا اذن أن نقول يا رحمن يا رحيم علي هذا الجيل... هنا أستوقفتني حقا ظاهرة غريبة للغاية في وسط هذا الجو المُبتذل، وهي ظاهرة الاقبال الغير عادي علي حفلة الساحر الايطالي المطرب (أندريا بوتشيللي) الحفل التي تراوحت سعر تذاكره ما بين ألف وثلاثة آلاف جنيه، والأغرب من ذلك أن هذا الرجل يعزف ويغني موسيقي ليس لها جمهور عظيم في مصر، فحين تكون حفلات عمر خيرت محجوزة مُسبقا قبل ميعادها بشهر فهذا شئ مفهوم لأن موسيقي عمر خيرت موسيقي مصرية صميمة يفهمها الكثيرون ومن السهل تذوقها، أما حين يكون ذهاب أسرة مكونة من أربعة أفراد الي حفل بوتشيللي يتكلف أثني عشر ألف جنيه!! بالاضافة لأن الرجل غني مقطوعات من أوبرا عايدة، ومقتطفات من ((لاترافايتا)) و((توراندوت)) و((تروفاتوري)) التي بالقطع يعتقد أغلب الناس أنها نوع من الكابسولات الدوائية لعلاج مرض الجُزام!!... هذا علي أي حال لا يقلل من شأن القلة القليلة التي تنتمي لهذا النوع من الموسيقي والتي تتذوقه بشكل رائع ولكن كم عدد هؤلاء؟؟ وهل كل من ذهبوا الي الحفل كانوا حقا من المهتمين أم فقط من أشباه المثقفين الذين يريدون الجلوس وسط أصدقائهم في اليوم التالي ويثرثرون بخبر ذهابهم الي حفلة الأثرياء والمثقفين والمجموعة التي تنتمي لفئة (كريمة المجتمع الأرستقراطي)...أو علي أضعف الايمان سوف يضيفون علي صفحتهم الرئيسية علي الفيس بوك جملة ((بجد حفلة بوتشيللي امبارح كانت جامدة أخر حاجة!!)...
لقد تكرر هذا الحدث من قبل في حفل المطربة السمراء (بيونسيه) الذي وصلت سعر تذكرته الي خمسة آلاف جنيه والحفل كان كامل العدد، لقد فسر البعض هذا الأمر حينذاك علي أنها فاتنة يتمني الجميع رؤيتها علي المسرح تُغني وترقص وتقدم استعراضات مُبهرة ولكن هذه المرة اختلف الأمر، فأندريا بوتشيللي فنان ضرير يقدم موسيقي صعبة الرؤية وبعيدة المعني، ربما يكون ظلام حياته هو السبب الرئيسي في الهامه، من يدري؟؟... ولكن في الحالتين تبقي حقيقة واحدة هي أن هذه الحفلات ليست دليلا علي وجود ثقافة فنية تُضاهي باقي دول العالم لكنه وجه آخر للتردي المُزري الذي نُعاني منه...
أصبحت ثقافة الادعاء موجودة حولنا في كل شئ، فهناك من يدعي المعرفة وهو جاهل، وهناك من يدعي الشرف وهو لص، وهناك من يدعي التدين وهو زنديق، وهناك من يدعي الفضيلة وهو نصاب...وهناك الألاف غيرهم ممن يدعون أشياء أُخري (مثل من يقول لك أنه يذهب الي الجيم مرتين في الأسبوع وهو في الحقيقة لا يعرف مكانه أصلا!!)... ولكن أخطر هذه الفئات في رأيي هي فئة مُدعي الثقافة، لأن الثقافة هي العنوان الحقيقي لأرتقاء أي دولة فالثقافة عنوان الحضارات ونحن قد أصبحنا بكل أسف شعبا بلا عنوان وبلا هوية حقيقية...
لقد سمعت في الأسبوع الماضي في احدي المكتبات الشهيرة حوارا مُضحكا بين فتاتين تقول احداهما للأخري وهي تُشير لكتاب كُتب علي غُلافه أنه الطبعة التاسعة: (تصوري دي الطبعة التاسعة)، ردت الأخري بحماس:( يا نهار أبيض يبقي لازم احنا قرأنا جزء واحد بس، لكن هل ممكن يجيبوا لنا الثمانية الباقيين!!)....اللهم اني لا أملك التعليق!!..
ومن اللقطات الطريفة أيضا أن المكتبات تعُج بالشباب الذي يشتري الكُتب ليحملها تحت ابطه الي الكافيهات وأيضا الي الأماكن العامة من باب المنظرة (آل يعني الواد مُثقف!!) ولقد رأيت بعيني طبيبة شابة تدخل كل يوم الي مكان عملها حاملة عنوانا جديدا من عناوين الكتب التي أحدثت دويا مثل "عزازيل" و"سفينة نوح" و"الشفق (قمر جديد)" الخ...، أما الغريب حقا فأنها تُغير الكتاب كل يوم وكأنها تُغير الحقيبة لتتماشي مع لون الحذاء، فهل هي سريعة القراءة الي درجة كتاب يوميا!! أم أن ما أصاب الشباب من تفاهة امتزج أيضا بمحاولة المنظرة الثقافية الخائبة...
أتذكر أيضا أنني كنت أذكر كاتبنا العظيم صاحب القلم الساحر الأستاذ خيري شلبي في إحدي الجلسات لتُقاطعني شابة ممن يدعون المعرفة وتقول :" أه طبعا عارفاه مش ده اللي أخرج فيلم الوسادة الخالية "...عليه العوض ومنه العوض!!.. حتي حضور ندوات ساقية الصاوي التي تُقدم وجبة ثقافية مُحترمة ودسمة لمُريديها تحولت الي وجه آخر من وجوه الفذلكة...
علي الرغم من وجود خلل واضح في التعليم المصري الا أنه في واقع الأمر التعليم في كل دول العالم ليس له علاقة مُباشرة بالثقافة لأن أغلب الطلبة في أمريكا وأوروبا يكتفون بالتعليم الثانوي ولا يلتحقون بالجامعة ولكنهم في الحقيقة يأتون بثقافتهم ووعيهم الحضاري من خلال القراءات المتعددة والمُناقشات التي يقيمونها في الندوات ومجموعات نادي القصة أو ال(book club) الذي يعد حلقة مُناقشة أسبوعية موضوعية علي أحد عناوين الكُتب التي حققت مبيعات أو التي تستحق القراءة ، هذه هي احدي طُرق الثقافة التي تعتمد عليها الشعوب الأمريكية والأوروبية لاحداث حراك ثقافي... كما أن منظر راكب القطار أو المترو الذي يمسك كتابا في يده من المشاهد المألوفة لدي الشعوب التي خلقت لنفسها خلفية ثقافية حقيقية...ان مُدعي الثقافة في مصر حولوا المشهد الثقافي الي مُظاهرة للمنظرة وركوب الموجة وهم علي الرغم من وجود مثقفين بحق للأسف فئة كبيرة يجب أن تُحارب قبل أن يصبح لهم الحق يوما في كتابة تاريخ مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.