وتقريباً لم يبق من النظام العربي القديم ما يدعو للفخر بعد تدمير العراق وتقسيمه، وبعد ظهور حلف جديد في قلب المنطقة يضم دولتين ونصف (إيران وسوريا وجنوب لبنان) ، ويمكنك أن تضيف إليهم إمارة صغيرة في غزة! هناك بين الدول العربية من يعمل جاهداً سراً أو علانية لأن يكون عمرو موسي هو آخر أمين عام للجامعة العربية! ومنها من يريد تدوير المنصب بين الدول العربية وألا يقتصر علي مصر، .. ومنها من يسعي لنسف الصيغة الحالية لمنظومة العمل العربي من خلال الجامعة، ويريدها جامعة شرق أوسطية تضم إيران وتركيا أو جامعة عربية إفريقية تضم دول الجوار الإفريقية، وهناك من يريد تغيير مسمي الجامعة من الأساس وتفتيتها إلي مجموعة من " الروابط التعاونية" مع دول الجوار، أو مع الدول القريبة من العرب ، ثقافياً وحضارياً أو جغرافياً، علي غرار رابطة دول الآسيان التي تضم دول جنوب وغرب شرق آسيا، أو رابطة الدول الأمريكية التي تضم دول أمريكا الشمالية أو رابطة الكومنولث أو الفرانكفونية.. إلخ، المهم أن الاتجاه الذي كان يتحرك علي استحياء منذ سنوات لتفكيك ضغوط النظام العربي القديم، بدأ صوته يعلو ويجتذب أنصاراً بعد أن ضمن المساندة القومية للقوي الإقليمية الصاعدة مثل تركيا وإيران، وأيضاً بعد الإخفاقات التي مُني بها العمل العربي في النصف قرن الأخير الذي شهد ضياع أو تقسيم أو انهيار دول بأكملها مثل الصومال والسودان وموريتانيا، وبعد الهزيمة الكبري التي مُني بها هذا النظام أمام إسرائيل التي ابتلعت فلسطين بكاملها تقريباً منذ عام 48 وحتي الآن علاوة علي تقسيم ما تبقي من الأرض بين أبناء القضية أنفسهم! وتقريباً لم يبق من النظام العربي القديم ما يدعو للفخر بعد تدمير العراق وتقسيمه، وبعد ظهور حلف جديد في قلب المنطقة يضم دولتين ونصف (إيران وسوريا وجنوب لبنان) ، ويمكنك أن تضيف إليهم إمارة صغيرة في غزة! وبالطبع رفضت مصر - باعتبارها زعيمة النظام القديم الخطط البديلة للجامعة العربية بصورتها الحالية، وقالت في قمة سرت إنها مصممة علي مسمي الجامعة، وترفض إقامة روابط إقليمية تضم إيران أو تركيا لأن كلاً منهما له مشروعه الذي يستهدف بصورة غير مباشرة إنهاء أو تجاوز المكانة التقليدية لمصر في العالم العربي ! وأظن أن القاهرة تخوض بالفعل حرباً صعبة لتحقيق معادلة إصلاح النظام العربي والإبقاء في الوقت نفسه علي الجامعة العربية، أولا لأن صيغة الجامعة القديمة لن تقوي علي مواجهة نصف أعضائها المتمردين عليها، وثانياً لأن هناك الآن من يري - بأنانية وضيق أفق - أنه الاحق بقيادة العمل العربي بقوة النفط والغاز وصداقة أمريكا وإسرائيل، وثالثاِ لأن العالم الذي تغير أصبح لا يحترم ولا يحاور ولا يجاور إلا الأقويا، .. والجامعة الآن ضعيفة وتضم دولاً إما ضعيفة منقرضة،... أو ضعيفة تابعة!!