فجأة تناقلت الصحف والمواقع الالكترونية "شكوي الكترونية" شن فيها المخرج الشاب شادي حسين أبو شادي هجوماً ضارياً علي فنانة المونتاج والناقدة صفاء الليثي اتهمها فيها باتخاذ مواقف متعنتة تجاهه، سواء في الفترة التي تولت فيها رئاسة قطاع الإنتاج بالمركز القومي للسينما، أو عضويتها في لجنة مشاهدة واختيار الأفلام المشاركة في مسابقة "أفلام الديجيتال" التي نظمها مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط علي هامش الدورة ال26، ولما كانت الاتهامات قاسية، ولا يمكن أن تمر مرور الكرام، رفضنا في "نهضة مصر" أن ننشرها من دون أن نعود إلي الناقدة صفاء الليثي لترد علي ماجاء في "الشكوي الالكترونية". عندما اكتملت لدينا وجهتا النظر رأينا عرض المشكلة،التي قد يعتبرها البعض "أزمة بلا لزمة"،لكننا نظرنا إلي الدلالات الكثيرة التي تحملها في طياتها؛وعلي رأسها ما رصدناه من اندفاع وتسرع لمخرج شاب مازال يبدأ أولي خطواته، وعلي الرغم من هذا هيأت له نفسه الهجوم علي من هم في مكانة أساتذته،الأمر الذي جعلنا ندرك فداحة ما نعانيه اليوم من غياب للمثال والقدوة لدي أبناء الجيل الجديد، واعتزاهم المبالغ فيه، والمفرط للغاية، بأنفسهم. أما الأمر الثاني فيتعلق بالناقدة صفاء الليثي التي تعاملت معنا، بوصفها موظفة في المركز القومي للسينما، وهو ما ظهر في رفضها الإجابة علي سؤال يمس جوهر القضية، آثرت أن يتم هذا بعد الرجوع إلي د.خالد عبد الجليل رئيس المركز القومي للسينما،علي الرغم من أن الاتهامات انصبت علي شخصها،وكان ينبغي عليها أن تبادر بالرد عليها من دون الاحتكام إلي الاجراءات البيروقراطية المعتادة! الخلاصة أننا اخترنا عرض القضية،لما تحمله في جوانبها من ظواهر تعكس خطورة ما يجري علي الساحة الفنية من اتهامات قد تبدو طائشة،إن لم تكن قاسية،بالإضافة إلي نبرة التعالي والنرجسية التي تظهر علي أبناء الجيل الجديد،ممن لم يحققوا الانجاز الابداعي الذي يدفعهم للتحليق في "سماء الغرور" مبكراً، والأهم أننا نجحنا في عدم الوقوع في فخ وجهة النظر الواحدة،بدليل أننا سعينا وراء الناقدة صفاء الليثي، التي امتنعت كثيراً عن الادلاء برأيها في هذه المشكلة، ولثقتها في موضوعية وحيادية "نهضة مصر" تكلمت. كانت البداية مع المخرج الشاب شادي حسين أبو شادي الذي قال :"فيلم "يامسافر وحدك" كان حلما ملحا بالنسبة لي منذ العام 2005، وعلي الرغم من توافر اكثر من فرصة لانتاجه إلا أنني فضلت تاجيل انجازه الي ما بعد تأهيل نفسي سينمائيا بالشكل المناسب، فاتجهت للعمل كمساعد إخراج في عدد كبير من الافلام التسجيلية والبرامج بالإضافة إلي مسلسل "خاص جداً" ثم التحقت ببرنامج تعليم السينما بالجامعة الفرنسية، تحت اشراف نخبة متميزة من السينمائيين الكبار. وعندما رأيت أن الوقت مناسب توجهت للمركز القومي باعتباره "المتنفس " الرسمي والوحيد لصناع مثل هذه النوعية من الافلام، وقدمت السيناريو الذي كتبته بالتعاون مع صديقي خالد حسونة، واسعدني تحمس لجنة القراءة للعمل، وإشادة كل أفرادها تقريباً به، إلا ان هذه الحماسة اصطدمت بتعنت السيدة صفاء الليثي التي قالت لي بالحرف الواحد " اللجنة بتوافق علي المشاريع وانا اللي بوقف الناس في الطابور" لكنني أبيت الوقوف في الطابور،وتقدمت بالسيناريو إلي الجامعة الفرنسية التي انتجته تحت اشراف الدكتور اشرف محمد في أقل من شهر، بل ومنحتني عنه درجة التخرج وعضوية نقابة السينمائيين. غير أنني لم أتصور أنني سأصطدم بالسيدة "صفاء الليثي" مرة أخري عندما تقدمت بفيلمي إلي لجنة مشاهدة مهرجان الاسكندرية،لأفاجأ بأنني وقعت تحت رحمتها، بعدما علمت أنها صاحبة قرار استبعاد فيلم "يا مسافر وحدك" حتي أنها لم تعرضه علي بقية أفراد لجنة المشاهدة "نهضة مصر : كلام فيه مبالغة كبيرة، ولا يتسق مع واقع أعمال لجنة مشاهدة واختيار المسابقة التي تشاهد كل الأفلام بدون أن يملك أحد أعضائها القدرة علي استبعاد فيلم لغرض شخصي أو حق المصادرة علي بقية أعضاء اللجنة"! من هنا نظر المخرج الشاب إلي اختيار مهرجان الاسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة للفيلم في مسابقته الرسمية،بمثابة رد اعتبار له، وانقاذ من الاحباط الذي تملكه حسب تعبيره وهو الشعور الذي زادت حدته بعدما أختير الفيلم، حسب تأكيده، للمشاركة في أكثر من مهرجان عربي ودولي مثل: مهرجان الفيلم القصير بالعاصمة الاردنية عمان، ومهرجان الفيلم القصير يالمانيا، ومهرجان "كليرفيرمون" بفرنسا. وفي نهاية شكواه توجه "شادي" بسؤال للقائمين علي المركز القومي للسينما عن الافلام التي انتجها المركز في ظل مسؤولية الناقدة صفاء الليثي: أين هي ؟ وما مستواها؟ وما هي المهرجانات التي شاركت بها والجوائز التي حصلت عليها؟ جدير بالذكر ان فيلم يا "مسافر وحدك" هو التجربه الثالثه للمخرج، وتدور فكرته حول شاب يحلم بالسفر إلي الخارج ليحقق ذاته في سياق بحثه عن مستقبل افضل .وهناك في الجانب الآخر سيدة وحيدة تعيش مع رسائل الماضي،وشريط كاسيت تتردد من خلاله أغنية لمحمد عبد الواهاب، وتشاء الأقدار أن يلتقي الشاب و السيدة لتغيير مصائرهما، وتختلف قراراتهما . من ناحيتها بدأت الناقدة صفاء الليثي حديثها بالقول : بداية لم أكن أحب الخوض في هذه القضية،أو أتولي الرد علي "شادي" لأنه أساء لي كثيراً،عندما تعمد تشويه صورتي في الصحافة والإعلام،وأبدأ بالرد علي اتهاماته الخاصة باستبعادي لفيلمه من العرض علي لجنة مشاهدة واختيار مسابقة أفلام "الديجيتال" في الدورة الأخيرة لمهرجان الإسكندرية السينمائ،فأعلن أنني مجرد عضو في لجنة تضم ثلاثة أعضاء غيري هم : الناقد نادر عدلي،الناقد ضياء حسني والمخرج شريف البنداري،وبالتالي لا يعقل علي الاطلاق أن أفرض رأيي عليهم،وهم أساتذة أفاضل،وأطالب باستبعاد الفيلم من المشاهدة،خصوصاً أننا رأينا ما يقرب من تسعين فيلماً لم نستبعد منها فيلماً واحداً من المشاهدة،لكننا وهذا حقنا قمنا بتصنيفها بين أفلام من الدرجة الأولي،وأفلام من الدرجة الثانية،وطوال الوقت دخلنا في مناقشات كثيرة انتهت إلي القرارات النهائية،التي لا يستطيع مخلوق أن يجزم بأنني صاحبة قرار رفض فيلم "يامسافر وحدك" من المسابقة،فالرفض كان جماعياً،ولم يحدث أن اتخذ أحد أعضاء اللجنة قراراً فردياً،وهناك معايير للتقييم نختار الأفلام علي أساسها،ولا نحنكم أبداً للأهواء أو المزاج الشخصي،وإن كنت لا أنكر أنني كفنانة تعمل بالمونتاج أراعي كثيراً في تقييمي للفيلم الروائي القصير عناصر مهمة مثل : الواقع والزمن الايقاعي وقيادة الممثل،بالإضافة إلي أنني شاركت في عضوية لجان تحكيم كثيرة،وأعرف كيف أحافظ علي شرف المهنة . أما النقطة الأهم في هذه القضية فيؤكدها معرفة الجميع بأنني دائماً ما احتضن الشباب والموهوبين من أبناء الجيل الجديد،وهذا واضح في كتاباتي النقدية التي تحتفي بابداعاتهم،وتعمل علي تشجيعهم،سواء المبدعين الحقيقيين أو "اللي بيقدموا أعمال نص نص" لكن هذا الشاب اختار أن يطلق في حقي اتهامات باطلة،وهو أول من يعلم أنني لا أملك من الأسباب ما يدعوني للتعنت معه أو الوقوف ضده،والادعاء بأن احساساً بالظلم يتملكه بسببي هو احساس كاذب وغير حقيقي. صفاء الليثي امتنعت عن الرد علي الجزئية الخاصة باستبعاد سيناريو "يا مسافر وحدك" من خطة انتاج المركز القومي للسينما،وقت أن كانت تتولي مسئولية قطاع الانتاج به، وبررت هذا بقولها :"لا أستطيع الخوض بالحديث في هذه النقطة إلا بعد "استئذان" رئيسي د. خالد عبد الجليل؛ فأنا "موظفة رسمية"،وغير مسموح لي بالرد من دون الرجوع إلي رؤسائي" ! تحقيق: سامية عبدالقادر