علاقات اسرائيل مع الولاياتالمتحدة عادت هذا الاسبوع الي صيغتها القديمة والمعروفة، التي تعكس علاقات القوي بين دولة صغيرة ودولة عظمي. بعد سنة من مباريات انزال الايدي، بنيامين نتنياهو ضد باراك اوباما، اندلعت أزمة ورئيس الوزراء اضطر، ككل اسلافه، الي سحب اليد والطلب من الرئيس انقاذه من المشكلة. هذه هي النتيجة الاهم ل 'قضية الاسطول'. فقد أعلنت اسرائيل بانها ستوقف بالقوة سفن المساعدة في طريقها الي غزة، وعندما اصطدم مقاتلو الوحدة البحرية لمفاجأتهم بقوة مضادة علي دكة 'مرمرة' تعقدت العملية وانتهت بتسعة قتلي من المسافرين، موجة شجب دولية لاسرائيل ومواجهة سياسية مع تركيا التي اعطت رعايتها للاسطول. بعد نحو سنة ونصف السنة من الهدوء الامني، مرة اخري بدت اسرائيل كالازعر الذي يضرب اولا وبعد ذلك يفكر. في مثل هذا الوضع، شخص واحد فقط يمكنه أن يساعد، وهذا هو اوباما. نتنياهو تحدث معه عدة مرات هاتفيا يوم الاثنين، يوم الازمة، وطلب منه ان يستخدم الفيتو في مجلس الامن علي قرار ضد اسرائيل. اوباما لم يستخدم سلاح يوم الدين للدبلوماسية الامريكية، ولكن قرار الاممالمتحدة خففت حدته ليصبح 'بيانا' عديم الاسنان. بعد ذلك أدار اوباما 'محادثات تقارب' بين اسرائيل وتركيا. وكانت النتيجة ان حررت اسرائيل كل مسافري الاسطول، حتي اولئك الذين عرضهم الاعلام الاسرائيلي ك 'مؤيدي القاعدة'، والاتراك خففوا من حدة تصريحاتهم. وعندها أملي الامريكيون علي اسرائيل كيف سيدار التحقيق، بل وطلبوا ان تفتح بوابات غزة المقفلة قليلا. نتنياهو استجاب مبدئيا وهو مستعد لان يعيد النظر في الحصار علي غزة بحيث يتركز في احباط تهريب السلاح بل والنظر في دور دولي في فرضه. ليست الوسائل هي المهمة، بل النتيجة، في الا يقوم 'ميناء ايراني في غزة' وعبره تمر الاف الصواريخ الي حماس. نتنياهو يفكر بافكار ابداعية، ويسعي فقط الي الانتظار والا يقرر تحت ضغط الاحداث تغيير الحصار. لعله يحاول اذابة الفكرة؛ كله منوط بالتصميم الامريكي. نتنياهو يعارض التحقيق الداخلي، الذي سيلزم كل مقاتل وقائد بان يخرج الي العمليات مع محام ملاصق. وهو سيوافق علي فحص قانونية العملية ضد الاسطول الي غزة، ومدي القوة التي استخدمتها اسرائيل للسيطرة علي 'مرمرة'. برأيه توجد لاسرائيل اجوبة جيدة، ونائب الرئيس جو بايدن قدم لها منذ الآن اسنادا علنيا. قبل الورطة مع الاسطول، نتنياهو اعتقد بانه انتصر علي اوباما في المعركة علي الرأي العام الامريكي ونجح في صد الضغوط لوقف البناء الاسرائيلي في شرقي القدس والذي فسر كتهديد سياسي علي استقرار الائتلاف الاسرائيلي. الادارة، التي حاولت انزال نتنياهو عن الجدار في المسيرة السياسية مع الفلسطينيين، انتقلت من العصي الي الجزر. وبدل الاهانات احتلت بيانات التأييد لاسرائيل. ذروتها كانت في زيارة رئيس طاقم البيت الابيض رام عمانويل الذي جاء ليحتفل بسن بلوغ ابنه وابن اخته، التقطت له الصور بالقميص ذي الكمين القصيرين وبثت الانباء عن أنه واحد منا وان رئيسه يحبه. ولكن احساس النصر الاسرائيلي كان زائفا. فمنذئذ طلب نتنياهو مساعدة اوباما كي يمنع الضغوط علي اسرائيل في الموضوع النووي. في نهاية الاسبوع الماضي انتهي مؤتمر النووي العالمي في نيويورك بقرار دعا اسرائيل، بلغة دبلوماسية، الي اغلاق مشروعها النووي. اوباما صوت مع القرار، وعندها اعلن بانه يتحفظ علي البند الاسرائيلي. وافادت 'مصادر سياسية في القدس' ب 'تفاهمات استراتيجية' جديدة مع الولاياتالمتحدة تعبر عن 'ارتفاع درجة هامة في تاريخ العلاقات'. تفاهمات تحققت بعد جهد طويل، تبادل للمبعوثين والرسائل، وزيارة وزير الدفاع ايهود باراك لدي الرئيس. الاعلان عن 'التفاهمات الاستراتيجية' أعطي اسنادا اسرائيليا للادعاء المتكرر من جانب اوباما ومساعديه بانهم ملتزمون بامن اسرائيل ويحرصون عليه اكثر من كل اسلافه. واظهر بانه عند الازمة السياسية، يضطر نتنياهو الي الاعتماد علي اوباما، وان ليس لاسرائيل حلفاء غيره. مع كل الخلافات والاحتكاكات، فان الرئيس وحده يمكنه أن يساعد عند الازمة. ولكن من الصعب التصديق بان هذا كان بالمجان. نتنياهو يؤمن ب 'اذا اعطوا فسيأخذون' ويطرح السؤال ما الذي اعطاه لاوباما مقابل 'التفاهمات الاستراتيجية'؟ هل وعد بألا يهاجم ايران؟ أم ان تنسق اسرائيل كل شيء مع امريكا، وهو ذات الشيء؟ ام لعله اقترح شيئا في الضفة الغربية؟ عن "هآرتس"