بينما تبدو بعض الجهات المسئولة عن ملف المياه بمصر في غاية الاطمئنان يتحرك الآخرون لتغيير الواقع لصالحهم يطلق الخبراء صيحات التحذير حتي لا تتسرسب مياه النيل من بين أيدينا.. في ظل إحساس بقوة الحق التاريخي والشرعية القانونية! وقد آثارت ازمة حوض النيل بين مصر والسودان من ناحية وبين دول المنبع من ناحية اخري قلق الكثير من المصريين زاد منها اتجاه اربع دول من دول المنبع الي توقيع اتفاقيه اطارية جديدة منفردة بغياب مصر والسودان واربع دول اخري ضاربين بالاتفاقيات القديمة عرض الحائط وهو الامر الذي وضع مصر والسودان في حرج مائي كبير بعد ان تصاعدت حدة التساؤلات والغموض حول مصير مصر المائي في ظل تعنت دول الحوض.. الخبراء حذروا مصر بوضوح.. أرجوكم تحركوا ولا تسرفوا في التفاؤل والاسترخاء فتتسرب مياه النيل من أيادي مصر.. فبينما نحن كذلك فإن الماكرين ينسجون الخطط وينفذونها علي أرض الواقع. وفي هذا الشأن اكد د:مغاوري دياب رئيس الجمعية العربية للمياه علي ضرورة الاستمرار في التفاوض وشرح وجهة النظر المصرية علي المستوي الافريقي خاصة بعد تكوين جبهه إفريقية ضدنا علي مدي عشرات السنوات وهو ما انعكس في موقف اثيوبيا الاخير والذي لم تأخذه مصر بعين الاعتبار ويحتاج الي عشرات السنوات ايضا لازالته واشار الي عدم الاعتماد علي الهيئات الدولية والجهات المانحة في مساندة الموقف المصري لان لا امان لها خاصة انها بعد ما اعربت عن عدم تقديم اي منح في حال عدم توقيع الاتفاقية مجتمعين تقدمت بالكثير من المساعدات لاثيوبيا لبناء بعض السدود وهو ما يوضح انها تعمل وفق اجندة خاصة. ودعا الي ضروره تغيير وجهة نظر الول الإفريقية ومواطنيها الي شرعيه الموقف المصري وان مصر لم تسرق المياه وانها ليست دولة استعمارية. وفي نفس السياق اوضح د:نبيل حسني نجيب روفائيل مستشار جامعة الدول العربية لشئون المياه ان القضية لها ابعاد اكثر من توقيع اتفاقية اولا وهي قضية ثبات حصتنا المائية منذ اكثر من 80 عاما فحصتنا تقدر ب 55,5 مليار متر مكعب عندما كان تعداد مصر نحو 25 مليون نسمة حتي بعد ان اصبحنا 80 مليون نسمة. فيما توقع د:ضياء القوصي خبير المياه ان حل الازمة في ارسال خطابات رئاسية لرؤساء دول الحوض مره اخري مما يضطر دول الحوض لتوقيع الاتفاقية هذه المرة بالإجماع معللا ما حدث بانه مجرد تهديد للجانب المصري للتخفيض من سقف متطلباته وهو ما يدعو الجانب المصري الي التنازل بعض الشيء. في نفس الوقت اكد د:عماد الدين عدلي رئيس الشبكة العربية للبيئة والتنمية انه عرض علي وزارة الري والخارجية معا تقديم يد المساعدة لحل ازمه حوض النيل من خلال عقد المنتديات الدولية مع دول المنبع لتقريب وجهات النظر ولكن تم تجاهل الاقتراح معتبرين ان المجتمع المدني ليس له اي دور في هذا الشأن. وارجع عدلي سبب المشكلة الي خطأ مصر في عدم استغلالها لاستضافتها لاجتماع دول الحوض الذي عقد بشرم الشيخ خاصة وانه كان بامكاننا ان نحقق اهدافا بنسبة70% دون حدوث اي انقسام بالتوقيع علي الاتفاقية دون النقاط الثلاثة شريطة وضعهم في ملحق للاتفاقية اما الان فلم نحقق سوي 20% من اهدافنا مع وجود انقسام. من ناحية أخري اتهم مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، المسئولين بوزارة الموارد المائية والري بالإهمال في متابعة أزمة ملف مياه النيل ، مطالبا بمحاسبتهم عن التقصير الذي أدي إلي وقوع القيادة السياسية فيما يشبه الأزمة وقال في الندوة التي حاضر فيها بجامعة الأزهر لقد قصرت مصر الإفادة من رجال الأزهر في دعم قضاياها الخارجية، ضاربا المثل بتوقيع تنزانيا علي اتفاقية إعادة توزيع حصة مياه النيل رغم أن الأغلبية المسلمة من أبنائها دراستهم بالأزهر، رافضا الاقتصار علي الزيارات السياسية الطارئة لتوثيق العلاقات مع دول حوض النيل، مبينا أن رئيس وزراء مصر د. أحمد نظيف ذهب مسبقا إلي الحبشة لتوقيع بعض الاتفاقيات التي لم تغير من الوضع المتأزم "علي حد تعبيره" أشار الفقي بأصابع الاتهام إلي الجانب الإسرائيلي في حدوث أزمة المياه بقوله: الدول الإفريقية ليست بحاجة إلي الماء لكن التدخل الإسرائيلي في أذهان قادة تلك الدول جعلهم يرفضون استمرار المعاهدات التي سبق وتم إقرارها بين دول حوض النيل ووصفهم لها " بالجائرة"، وفي المفاوضات التي جرت في شرم الشيخ أكدوا تمسكهم بموقفهم علي إعادة صياغة الاتفاقية بما يتناسب مع حجم المياه التي لا تزيد عن نسبة5%من القيمة الكلية لنهر النيل، باعتبار أن الفاقد منه حوالي 95% . وأضاف الفقي أن إسرائيل استطاعت إقناع الأفارقة بإمكانية تحقيقهم للثراء المادي إذا أحسنوا استغلال مياه النيل ، مثلما يستغل العرب البترول كثروة طبيعية ،ساهمت في النهوض بمستواهم المادي، وألقي باللوم علي رجال الأعمال والمستثمرين الذين كانوا يقيمون مشروعات لا فائدة منها، وفي ذات الوقت كانت الدول الإفريقية تعاني الجوع والفقر لدرجة أكلهم ورق الشجر كما يفعل "القرود" حسب تشبيهه ، فإهمالنا إياهم كانت نتيجته ما نشاهده.