سمعت صوتها بالأبيض والأسود.. كان الانصات نوعاً من الاحترام المتبادل بين المطرب والمستمع،. أيام الأبيض والأسود كانت القلوب بيضاء.. والغناء ينتشر في المشاعر الانسانية ك ( قوس قزح) بكل الألوان الطبيعية المفرحة.. فكل شيء يبتعد عن أصباغ المعامل، كان هذا عصر أم كلثوم.. وعبدالوهاب .. وعبدالحليم. الغناء نوع من العشق حتي لو كان علي نار الاشتياق الحارقة.. في ذلك الزمن كنا نخاف علي خيالاتنا وتخيلاتنا وأحلامنا من التوهان لأننا كنا نعرف كيف نحلم .. نتوارث الأفكار، ونتبادل الأحلام.. وكان غناء تلك الأيام له القدرة علي شفاء المستمع من أي حزن طارئ .. وله القدرة والقوة علي خطف المستمع علناً علي أحصنة الفرح. فالعندليب عبدالحليم حافظ كان عندها يغني يوزع البهجة التي تنبت لها أجنحة عندما تخرج مرفرفة من الراديوهات لتحتضن الجميع وتعالج كل من يعاني ألم اللوعة وحرقة الآه.. وكانت صناعة الأغنية في ذلك الزمن مثل شركة متحدة مكونة من المؤلف والملحن والمطرب وأعضاء الفرقة الموسيقية لابداع الصدق ويتألق علي حنجرة المغني، وكانت الأصوات الغنائية تتسابق لتقديم الأفضل لايؤمن أصحابها بالعش، فالغناد نوع من الصلاة للحلم، وليس حلية للرقص واستعراض الملابس الخاصة بتعرية أجساد النساء.. ولا ألحان مشلولة لا تعرف كيف تخطو مرة خارج حدود الوطني للوصول للعالمية بدون شراء جائزة من الجوائز، المضحوك بها علي الأصوات التي تبحث عن جائزة وشهرة دون أن تصلح من نشاز أصواتها والنطق السليم، وعندما كانت تغني أم كلثوم، وكان الناس يسمعونها (صُحبة) سواء في الحفلات أو البيوت، وفي ذكراها هذا العام استمعت اليها في أغنية (آهل الهوي) للملحن العبقري زكريا أحمد الئي كان أول لقاء له مع أم كثلوم في لحن (اللي حبك باهناه) عام 1930، وكانت آخر الحانه لها (هو صحيح الهوي غلاب) عام 1960 ورجعت بالزمن حيث كنت أنا أيضاً استمع اليها دائماً مع (صُحبة).