في واقعة فريدة من نوعها تقدم المؤلف أحمد الخليلي كاتب مسلسل "زهرة برية" بمذكرة، وأرفق بها ملخصاً للعمل، إلي يوسف عثمان مسئول قطاع الإنتاج بالشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي يؤكد فيها أن أحداث مسلسل "منتهي العشق"، الذي تقدم به الكاتب محمد الغيطي لإنتاجه بواسطة "المدينة"، ورشح لبطولته مصطفي قمر وديانا كرازون، والذي أدرج بالفعل في خطة إنتاج الشركة للعام الجديد، هي نفس أحداث المسلسل الذي كتبه بعنوان "زهرية برية"، وأنتجته "المدينة" في العام الماضي، وتم عرضه في رمضان في عدد من القنوات الفضائية من بينها قناة النيل للدراما. وجه الغرابة في الواقعة أننا اعتدنا أن يكتشف مؤلف أن العمل الفني الذي يصور،سواء مسلسلاً تليفزيونياً أو فيلماً سينمائياً، مأخوذ عن فكرة كتبها وأشار إليها في الصحافة أو تقدم بها للرقابة، وهو الأمر الذي ترتب عليه أن يصبح الاتجاه، في الفترة الأخيرة، إلي امتناع المبدعين عن الحديث عن أعمالهم الجديدة، إلا إذا بدأ تصويرها بالفعل علي أرض الواقع،خشية السطو أو السرقة، بحجة "توارد الخواطر"، لكنها المرة الأولي، فيما نظن، تلك التي يتهم فيها مؤلف زميله بالسطو علي فكرة قُدمت بالفعل في مسلسل تم إنتاجه وعرضه علي الناس منذ شهور قليلة (!) من هنا تكتسب كلمات المؤلف أحمد الخليلي أهمية بقوله: "فوجئت عندما قرأت خبرين في الصحف، أولهما يقول إن المؤلف محمد الغيطي انتهي من كتابة مسلسل بعنوان "منتهي العشق" تدور فكرته حول بنت بدوية تهرب من أسرتها في البادية، وتذهب لتعيش في القاهرة، لكنها تعود لأحضان القبيلة مرة أخري، عقب اصطدامها بالمشاكل. أما الخبر الثاني فيقول إن المسلسل تدور أحداثه حول علاقة حب بين فتاه بدوية، وشاب من المدينة يعيشان في القاهرة لكن الفتاة تواجه صعوبات في القاهرة مما يجعلها تقرر العودة إلي قبيلتها مرة أخري. وأياً كان المحور الذي يدور حوله مسلسل "منتهي العشق" فهو نفسه موضوع المسلسل الذي كتبته بعنوان "زهرة برية" والذي تدور أحداثه حول مهندس شاب يعمل في الصحراء، ويلتقي بفتاة بدوية، وتنشأ بينهما قصة حب، وبسببها تنتقل معه للحياة في المدينة، لكنها تصطدم بمشاكل وصراعات المدينة، فتقرر أن تعود للحياة في البادية، وهي، كما نري، نفس "التيمة"، والتغيير فقط في صفة الشخصية، التي تحولت من "مهندس" في "زهرة برية" إلي مطرب في "منتهي العشق". "الخليلي" لم يكتف بالشكوي للصحف بل اتخذ خطوة عملية أكثر فيما يتعلق باستنكار ما حدث له، وهو ما يؤكده بقوله: "تحدثت مع يوسف عثمان رئيس قطاع الإنتاج بالمدينة، وأبلغته بالوضع فقال لي: "أرسل لي مذكرة وملخصا عن أحداث مسلسل "زهرة برية"، وسنبحث الملخصين، ولو تشابهت القصتان سيكون لنا قرار آخر أما لو كانت مختلفتين فلا مانع من إنتاج "منتهي العشق"، وهو الرأي الذي لاقي استحساناً لدي "الخليلي" الذي أضاف: "لا أريد أن أتجني علي المؤلف محمد الغيطي، ولا أتهمه بشئ قبل أن تظهر الحقيقة، لكنني أردت فقط أن أدق جرس إنذار، وإذا ثبت بالفعل أن الأحداث متشابهة فلابد من وقفة، فقد أردت من تقديم المذكرة ألا يكون هناك تخبط في إنتاج الأعمال، فالفيصل هنا فيمن يستعين بالخطوط الرئيسية الدرامية في موضوع ما ثم ينسج بعدها خطوط فرعية أخري، وليس مهما أن تكون الشخصية مطرباً أو أي مهنة أخري، خصوصاً أن كتاب الدراما المصرية قلما اقتربوا من مجتمع البادية، وكنت السباق إليه، بدليل أن مشروعي القادم، الذي أعلنت عنه في حوارات صحفية من قبل، وهو المسلسل البدوي الذي يحمل عنوان "عندما لا تسقط الأمطار" هو استكمال بشكل ما للمشروع الذي بدأته في "زهرة برية"، حيث تدور أحداثه حول الصراع بين قبائل الصحراء علي المياه الذي تستأثر به واحدة من هذه القبائل، من خلال قصة حب بين شاب وفتاة يقعان ضحية لهذه الصراعات. وهدفي من العمل أن أنجح في توصيل رسالة تؤكد علي أهمية الحفاظ علي الثروة المائية، وتحذر من خطورة إهدارها والقتال الذي يمكن أن يحدث بسبب قلة أو ندرة المياه. من ناحيتنا في "نهضة مصر" لم نكتف بتلقي اتهامات المؤلف أحمد الخليلي، بل حققنا في صحتها وجديتها، وهو ما فعلناه عندما توجهنا إلي الكاتب محمد الغيطي لنسأله رأيه في المذكرة، التي تقدم بها "الخليلي" إلي يوسف عثمان مسئول الإنتاج بمدينة الإنتاج الإعلامي، ورده علي الاتهامات التي جاءت فيها فما كان منه سوي أن غضب بشدة، واكتفي بالقول: "لا تعليق"! أما يوسف عثمان فقد أكد أنه التقي بالفعل المؤلف أحمد الخليلي، واستمع منه إلي شكواه، التي أكد فيها وجود تشابه بين روايته "زهرة برية" والنص الذي تقدم به الكاتب محمد الغيطي للمدينة بعنوان "منتهي العشق"، وأنه من جانبه بصدد البحث عن المصداقية فيما يتعلق بهذه الشكوي، وهو ما يستدعي البحث عن وجود أوجه تشابه بين العملين. لكنه، وفيما يشبه الانحياز إلي طرف ضد آخر، أكد أن كاتباً معروفاً يشير إلي "الغيطي" لا يمكن أن يرتكب مثل هذه الفعلة التي يسطو فيها علي عمل كاتب آخر. وبدا منحازاً أكثر عندما قال: "حياة البادية ليست حكراً علي كاتب بعينه، ومن الممكن تناولها في أكثر من مسلسل ومن خلال أكثر من كاتب" (!) وأنهي بقوله: "لن أوجه اتهامات إلي أحد حتي تنتهي لجنة القراءة التي حولت إليها الشكوي من عملها".