جماعة الإخوان المسلمين، لمن يعرفها ولمن لا يعرفها، هي أكثر الجماعات الدينية التي أثارت الجدل حولها منذ نشأتها وحتي أفول نجمها وهو ما يبدو هذه المرة قريباً لأن الجماعة اعترف قادتها أو انكروا ذلك تعاني اليوم أزمة علي مستوي الفكرة نفسها التي قامت علي أساسها. فتاريخ كل دعوة دينية أو إنسانية يؤكد انه عندما يتصارع أتباع هذه الدعوة علي قيادتها تكون هذه هي نهايتها المحتومة التي تأتي دائماً علي أيدي أبنائها. وفي حالة جماعة الإخوان المسلمين فإن الصراع هذه المرة خرج من خلف الأبواب المغلقة ليظهر علي شاشات الفضائيات والصحف بل واتخذ شكل رسائل علي الهواتف المحمولة وهي مفارقة جديدة ان يستقبل عشرات الآلاف من الناس رسائل علي هواتفهم تساند طرفاً بعينه في الصراع الدائر حالياً علي قيادة الجماعة بين اشخاص لن نسميهم بأسمائهم ليس تقليلاً من شأنهم ولكن لأننا سئمنا منهم وهم يتصارعون علي كعكة أسطورية تتوزع بين قارات العالم الخمس وإلا فمن يملك مئات الملايين من الدولارات التي أمسكت المخابرات الألمانية بالشخص المسئول عن إدارتها والملقب بوزير مالية الإخون الذي وجهت له تهم الاحتيال وغسيل الأموال من خلال شركات بعضها وهمي وبعضها حقيقي تتوزع بين المانيا وتركيا والبوسنة وبلدان أوروبية مختلفة والمفارقة أن الرجل عند ضبطه ظهر انه صهر رئيس وزراء دولة إسلامية أوروبية ويحمل بالإضافة إلي جنسيته المصرية الجنسيتين الألمانية والتركية، أما الاغرب فهو ان الرجل لم يستح أن يكون قيادياً موثوقاً به في جماعة الإخوان المسلمين الإسلامية الاصولية بل هو في نفس الوقت كادر في الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني. هكذا.. مصري مسلم الماني تركي إخواني ديمقراطي مسيحي لا شيء يهم طالما تسير العجلة وتدير معها ملايين الدولارات التي يتم جمعها شهريا - أكرر شهريا- من جيوب البسطاء المخدوعين بشعار الجماعة والذين تفرض عليهم جماعتهم دفع ما يساوي 4% -7% من دخلهم شهرياً لها ويتم تحصيل هذه المبالغ بانتظام وبصرامة لا مثيل لها في أي حركة دعوية بدءاً من مستوي الأسرة وهو المستوي الاساسي للتنظيم داخل جماعة الإخوان المسلمين ولا يعرف أحد مصير هذه الأموال التي لا تصدر بها ايصالات استلام ولا تجمعها كشوف محاسبية ولكن أثرها الوحيد ينطلق علي شكل قيادات إخوانية تطير حول العالم تلتقي بنظرائها في مقرات فاخرة وتدير مشروعات بمئات الملايين من الدولارات لا يعرف أحد حقيقتها ولكنها تنتهي دائماً بالإفلاس أو اعتقال القائمين عليها بتهم الاحتيال وغسيل الأموال وهو المصير الذي يميز كل المشروعات الاحتيالية والوهمية. هذا هو وقود الصراع داخل الجماعة المزعومة، فلا أحد يتصارع إلا علي المغانم فقط، المغانم هي التي تثير الصراع من حولها فهذه هي طبيعة البشرية ولم نعرف أبدا في تاريخ أي دعوة ان قادة هذه الدعوة تصارعوا علي "أعباء" أو "مخاطر" بل الصراع دائما يكون بسبب المغانم بالدولار والدينار والفرنك السويسري الشهير. أما كون هذه الجماعة محظورة فهذا أيضا لا يقبله العقل السليم، وصفة المحظورة تصر قيادات الجماعة علي ترويجها لنفسها لتكسب تعاطف الشارع، فشباب الجماعة الذين يلقي ببعضهم في السجون بين وقت وآخر يتساءلون إذا كنا نتعرض للاعتقال فلماذا لا يتم اعتقال مرشد الجماعة نفسه أبداً، فالرجل يجلس في مكتب وسط القاهرة ويقابل الناس ومن بينهم وزراء لدول عربية ويدلي بتصريحات ويعقد مؤتمرات يقول فيها "أنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين".. وللمفارقة فإن زميلاً سأل عاكف: شباب وقيادات في الجماعة يعتقلون كل يوم فلماذا لا تلقي الدولة القبض عليك؟ فما كان من الرجل إلا أن أغلق الهاتف بطريقة تخلو من الذوق العام. بل ان خصوم عاكف داخل التنظيم من قيادات الصف الثاني هم الذين يتم اعتقالهم وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حول علاقة الجماعة بالدولة التي تقول انها محظورة ولكن لا يقترب أحد من مرشدها العام.