تتسم قرارات الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار بالوطنية الخالصة اضافة لما يتميز به حواس من خبرات متميزة وفريدة اكتسبها من خلال عمله الطويل في اكتشاف ورعاية آثار مصر وكنوزها التاريخية وهو ما أكسبه احتراماً دولياً وشهرة عالمية وقد جاء قرار الدكتور حواس الاخير بمنع أي نوع من الحفلات بحديقة قصر البارون الاثري بمصر الجديدة حفاظا علي القيمة المعمارية والاثرية التي يمثلها القصر في الوقت الذي تقوم فيه هيئة الاثار بعمل الدراسات العلمية لاجراء الترميمات المعمارية والفنية الدقيقة للقصر والتي ينتظر ان تنتهي في منتصف العام المقبل. ويذكر ان المجلس الاعلي للاثار قد ضم قصر البارون امبان بعد قرار رئيس الوزراء عام 1993 باعتباره في عداد الآثار الاسلامية والقبطية نظرا لتفرده المعماري والفني. ويقول التاريخ ان المليونير البلجيكي ادوارد امبان قد شيد القصر الشهير في اوائل القرن الماضي خلال الفترة 1906 - 1909 علي مساحة خمسة آلاف متر - وقد بني القصر علي الطراز المعماري الاوروبي والاسيوي وهو تحفة فنية تقع في ضاحية مصر الجديدة التي انشأها البارون امبان. وتكون هذا القصر البديع من طابقين وبدروم يحتوي علي سبع غرف وعدد من الصالات ويحوي العديد من الرسوم التصويرية علي نمط اعمال عصر النهضة، وعددا من التماثيل الهندية.. وقد روعي في تصميم القصر الا تغيب عنه الشمس ابدا ولتحقيق ذلك اقيم علي قاعدة خرسانية ترتكز علي "رولمان بلي" قام بتنفيذها عمال وفنيون مصريون، وتدور هذه القاعدة فوق عجلات متحركة ليري الواقفون في شرفة القصر كل ما يدور حوله، وهذه الخاصية متبعة ايضا في قصر آخر فقط هو قصر السكاكيني. وكان قد شهد حفل افتتاح القصر السلطان حسين كامل الذي حاول ان يضمه الي قصوره لكن المليونير البلجيكي امبان اعتذر، وكان هذا القصر هو اللبنة الاولي في بناء ضاحية مصر الجديدة، والجدير بالذكر انه بعد وفاة امبان الاب تم توريث القصر لامبان الابن ولم يكن مقيما في مصر بشكل دائم فعرض القصر في مزاد علني شمل كل محتوياته، لينقل القصر عام 1994 الي السوري محمد بهجت الكسم بمشاركة السفير السعودي محمد رضا علي وشقيقه وقد دفع ثلاثتهم مبلغا وقدره "مائة وستون ألف جنيه" (!!). وتمر السنون والايام ويتعرض القصر للإهمال الشديد، وكلنا يذكر انه كان مرتعا لحفلات عبدة الشيطان وحسنا فعلت وزارة الاسكان عندما اشترت القصر من ورثته بمبلغ قدر ب 21 مليونا ونصف المليون دولار، وقد منح الورثة أراضي من الدولة بقيمة شرائه لتبدأ عمليات نفض الغبار عن هذا الأثر الرائع.. ولابد ان الدكتور زاهي حواس سوف يضم لسجل انجازاته الحافل اعادة الرونق لاحد الآثار التي تضمها أرض الوطن مثلما كان دأبه طوال سنين عطائه. واذا كان الدكتور زاهي حواس قد ادلي بتصريح منذ ايام يساند فيه مرشح مصر لليونسكو الوزير فاروق حسني فان ذلك ليس مستغربا علي الرجل وليس جديدا عليه. واذا حاولنا ان نستعرض تاريخ وانجازات د. حواس فإن ذلك يحتاج منا لمساحات كبيرة لا يستطيع تواضعه الجم ان يلغي حجمها وعمقها وقيمتها.. ان الثقافة المصرية في حاجة الي ان تتواصل جهود وعطاء زاهي حواس وخبرته الطويلة في وزارة الثقافة، وهو ما يلقي اجماعا من مختلف فئات المثقفين المصريين يضاف الي القيمة الدولية التي يتمتع بها الرجل ويحظي بشهرة عالمية بلغت الآفاق. تحية لزاهي حواس فرعون مصر ومكتشف آثارها والحارس الأمين عليها. والله من وراء القصد،،،