حاول "تفهمني" ولا تفتش لكلماتي في المعاجم عن الأضداد والنقائض.. فالضد الذي كان يظهر حسنه الضد مات وانتهي وردمنا عليه وقلبنا شطر المتنبي وتوعدنا الضد وتربصنا وصرخنا وألبنا كل الأجهزة المعنية وأقسمنا أن: "والضد يرحم حقه الضد". وإلا، فقل لي: كيف أصبحنا طرفي نقيض.. ولكل موضوعاتنا وقضايانا طرفان لا ثالث لهما. بينهما شد لا يقبل المزج أو الأخذ والرد، ويتطاير فوقه شرر الاتهام والتجريم والتكفير وسب الوالدين والضرب بكل ما تستطيع يد أن تنال. فسيد القمني مثلا مع حفظ لقب الدكتور إذا كان التزوير ليس جريمة أو غشا أو حتي قلة أدب كل من هو في صفه يري الرجل مجتهدا وعالما فذا أتي بما لم تستطعه الأوائل ويعتقد الرأي البليغ والحق السديد في نفحه مائتي ألف جنيه من جيوبنا البيضاء؟! دون سند وجيه إلا نكاية في كل من هو ضد سيد القمني دون حفظ اللقب فالدكتوراة بأقل من ألف جنيه.. وكل من هو ضد القمني قمين بصفة التطرف. وجاهل بأبجديات البحث العلمي المتجرد "والبلبوص علي حد وصفه بنفسه". متطرفون في البياض ومتطرفون في السواد دعك من قمينة سيد وشرق معي مع ما يأتينا من الشرق مثلا. فمنذ شهور كان كل من هو ضد حسن نصر الله دون لقب السيد فكلنا أسياد وسيدات وهابي بدوي متطرف.. مقابل كل من هو مع حسن نصر الله مع حفظ لقب السيد للعمامة السوداء في الليلة الظلماء شيعي إيراني. وكذلك كل من هو ضد الحكومة بتجريد الكلمة ولا أكثر؟! متآمر ومغرض وأعمي العينين عن عظيم الانجازات، نقيض كل من هو مع الحكومة مع تفخيم وتبجيل السعادة والمعالي وكل ما هو غالي فهو منافق وفاسد ومتسلق ومفرط وكذاب. بل الأدهي، كل من يعشق الأحمر مع حفظ لقب نادي القرن فهو ضد الحضري وفعلته التي يشيب من هولها الناشئون وفرق تحت خمسة عشر ودوري المظاليم.. هو شاهر سيفه ورابطته في وجه كل من يري الحق مكتوبا علي تذكرة سفر الحضري مع حفظ لقب أعظم وأروع وأفعل وفعله المحمود بطلب العودة وأن عفا الله عما سلف. بل إليك الأكثر مراراة: فكل من يري أكتاف الشباب المهاجرين بغض النظر عن وصف الشرعية وغير الشرعية إلي إحدي الحسنيين: الشهادة في بطون الحيتان والقروش أو في شوارع أوروبا وأرصفتها.. وهو ضد كل من قال إن ذلك الشباب مع دمغه بغير شرعي الهجرة هو آثم ومجرم ولا يستحق لقب الشهادة. حتي بعد أن أكل التراب الجميع.. فلا يزال كل من يري في عبدالناصر مع حفظ لقب الزعيم ضد كل من يري في عبدالناصر ايضا مع حفظ لقب الزعيم الشر المطلق. وكل من المربع الأول لا يري انجازا يذكر ويستحق أن ينسب للسادات مع حفظ لقب بطل الحرب والسلام ضد كل من يموت ولا يتزحزح من المربع الثاني ويري الخير كل الخير والحكمة كل الحكمة مع السادات مع حفظ لقب بطل الحرب والسلام. ومع التمسك بترديد لقب المرحوم لكلا الرجلين اللذين ارتبطت مصر بكل منهما فترة من الزمن ثم انقضت. كل من.. أصبح ضد كل من.. نفسي اصبحت ضد نفسي ويميني تتربص بشمالي.. ويوجعني ألا أري مساحة لقبول الآخر.. مع انني أنا الآخر والآخر أنا.. وأننا جميعا أنا والآخر رددنا معا زمنا طويلا.. حكمة: أن المحروسة وحدها هي الكل.. في الواحد.. في الذات الرحيبة، وأن الجميع لآلاف السنين التقوا في واد خصيب سهل لا يعرف الغلو ولا العنف.. يقبل الجميع ويسع الاختلاف وتتوالي علي أرضه ألوان السواد والخضرة والصفرة.. وأننا جميعا الآخر وأنا تشابهت دماؤنا عبر السنين ولزوجة النيل وصار العقل سلسالا متدفقا في هدوء كما جريان ماء النهر الخالد.. الذي ان فقدناه.. فقد فقدنا آخر أمل في فكرة قبول الحياة باختلافاتها وليس بخلافها الوحيد الذي لا يعرف من المعجم غير مادة "ف ر ط" في تفريط أو تطرف.