بعد سنة من احداث السابع من مايو الدامية، يخشي كثير من اللبنانيين عودة العنف في وقت تستعد البلاد لخوض انتخابات نيابية مفصلية في 7 يونيه المقبل. ويقول بول سالم، مدير مركز كارنيجي للدراسات للشرق الاوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا: "لعل المخاوف ليست بالحجم الذي كانت عليه العام الماضي، الا ان الانتخابات ستجري بينما ذكريات تلك الاحداث لا تزال حية في اذهان الناس". ورأي ان سيطرة حزب الله عسكريا في مثل هذا الوقت من السنة الماضية علي احياء ذات غالبية سنية في غرب بيروت قد يؤثر علي نتيجة الانتخابات، وان كان لن يشكل العنصر الحاسم فيها. واضاف "الناخبون لا يذهبون الي الانتخابات تحت ضغط سلاح حزب الله، الا انهم لا يزالون متأثرين الي حد كبير بما حصل في مايو الماضي، وما شعروا به في حينه لا يزالون يشعرون به اليوم". وتطورت ازمة سياسية حادة السنة الماضية بين الاكثرية النيابية والوزارية والمعارضة الي اشتباكات عنيفة بدأت في السابع من مايو في بيروت واستمرت اياما عدة وتوسعت الي مناطق اخري في الشمال والجبل وتسببت بمقتل اكثر من 65 شخصا. وانتهت الازمة نتيجة تدخل عربي وعقد اجتماع ضم كل الاطراف اللبنانيين في قطر خرج بما بات يعرف باتفاق الدوحة الذي نص علي انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور المنصب لسبعة اشهر وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الاكثرية والاقلية. واشار مواطنون في المناطق التي شهدت اشتباكات السنة الماضية الي ان الوضع هاديء حاليا، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات، الا انهم ابدوا تخوفهم من اقتراب الانتخابات ومن المرحلة التي ستلي. وجددت القيادات خلال جلسة الحوار الاخيرة التي عقدتها في 28 ابريل "اهمية الالتزام بالابتعاد عما يوتر الاجواء" ومواكبة مسيرة الانتخابات "بما يكفل اجراءها بصورة متوازنة في اجواء من الديمقراطية والاستقرار والهدوء". وستشهد هذه الانتخابات منافسة شديدة بين قوي 14 آذار (الاكثرية) المدعومة من الغرب ودول عربية وقوي 8 آذار (الاقلية) المدعومة من سوريا وايران. في المقابل، يستبعد استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية فواز طرابلسي حصول اعمال عنف واسعة قبل الانتخابات، مشيرا الي ان احداث مايو 2008 لقنت خصوم حزب الله درسا مفاده ان عليهم الا يذهبوا بعيدا في المواجهة معه. وقال طرابلسي "ان النتيجة العملية للمواجهة كانت ان حزبا عسكريا (حزب الله الشيعي) تمكن من القضاء علي خصميه الاثنين"، في اشارة الي تيار المستقبل بزعامة النائب السني سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة النائب الدرزي وليد جنبلاط، ابرز اطراف الاكثرية. وتابع "لا اعتقد اننا سنشهد علي المدي القريب احداثا خطيرة علي صعيد المواجهة العسكرية او ما يسمي حربا اهلية"، مضيفا "وبالتالي، فان المخاوف هي علي الارجح نفسية اكثر منها واقعية". الا ان طرابلسي لم يستبعد اغتيالات سياسية شبيهة بتلك التي شهدتها البلاد منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير 2005. وقال "لا يجب استبعاد حصول اغتيالات في هذه المرحلة في لبنان". من ناحية أخري وجه الأمن اللبناني ضربة قاسية لعملاء إسرائيل في لبنان واسقط شبكات التجسس التي تعمل لصالحها واحدة بعد الأخري. وافاد مصدر امني بأن ان شبكات التجسس التي كشفت منذ 2006 "كانت خلايا نائمة او محدودة الحركة. في بداية 2009، تحرك العملاء بشكل ملفت، فأعطونا مادة ساعدتنا في كشفهم". وبلغ عدد الموقوفين 15 منذ بداية 2009 كان آخرهم اثنين يوم الجمعة، وصدرت مذكرات توقيف في حق عدد منهم "بجرم التعامل مع العدو ودخول بلاده"، بينما التحقيقات مستمرة مع الآخرين. وفي حال ثبوت الاتهامات، فهم معرضون لاحكام قد تصل الي الاعدام بجريمة "الخيانة العظمي". ويجمع المسئولون الامنيون والمراقبون علي ان اسرائيل تسعي الي بناء "بنك اهداف" لا سيما في اوساط حزب الله تستعين به في حرب او عملية عسكرية مستقبلية. وتقول الصحفية في جريدة "النهار" رندة حيدر المتخصصة في الشئون الاسرائيلية ان الاسرائيليين ادركوا بعد حرب 2006 مع حزب الله ان "ليس عندهم بنك اهداف يغذي عمليات القصف التي قاموا بها" خصوصا في الضاحية الجنوبيةلبيروت. وتعرضت الضاحية الجنوبية لقصف جوي اسرائيلي مكثف تسبب بتدمير قسم كبير منها بما فيه "المربع الامني" لحزب الله، من دون ان يصاب احد من قيادات الحزب. في المقابل، يؤكد مصدر استخباراتي ان عددا من الموقوفين اقروا بارسال معلومات لمجنديهم الاسرائيليين عن اهداف طالها القصف خلال حرب 2006، وان مهمتهم كانت تقضي بجمع المعلومات عن مواقع تابعة للجيش ولحزب الله وتحديدها علي خرائط مع اعطاء مواصفات باكبر دقة ممكنة. ويقول الخبير العسكري الياس حنا ان "اختراق حزب الله صعب جدا، فهو تنظيم سري تحت الارض". ويضيف "تحاول اسرائيل ان تبني معلومات تكتية عن الحزب، عن توزع القيادات والصواريخ والاتصالات. من هنا، فان شخصا مقيما في الجنوب حيث يتمتع الحزب بنفوذ واسع ومندمج في المجتمع الجنوبي قد يكون قادرا علي جمع مثل هذه المعلومات". ويلفت الي ان الحزب الشيعي الذي يملك ترسانة واسعة من السلاح والصواريخ يساهم بشكل فعال في كشف الخلايا "عبر جهازه الامني المتطور جدا". وفي اسرائيل، رفض متحدث في رئاسة الحكومة التعليق علي موضوع شبكات التجسس. وكان الجيش اللبناني اوقف في فبراير 2009 في النبطية (75 كلم جنوببيروت) مروان فقيه، صاحب محطة محروقات. واوقفت قوي الامن الداخلي في ابريل الفلسطيني محمد عوض واللبناني روبير كفوري اللذين يعملان في كسارة. في الفترة نفسها وفي منطقة النبطية اوقف مصطفي عواضة تاجر سيارات وعلي منتش صاحب ملحمة. وكشف عن توقيف الضابط المتقاعد في الامن العام اديب العلم وزوجته وابن شقيقه المؤهل في الامن العام جوزف العلم الذين اقروا ان نشاطهم بدأ قبل اكثر من 15 عاما. وفي مايو، اوقف عنصر في قوي الامن الداخلي هيثم السحمراني مع زوجته في الضاحية الجنوبية وقد جندته اسرائيل عبر شقيقته المقيمة في اسرائيل مع زوجها منذ العام 2000. وتم خلال الشهر الحالي ايضا توقيف الشقيقين حسن وجعفر ي. من بلدة السلطانية (جنوب) وحسين ح. من دير انطار (جنوب).