هل تسبق إسرائيل المحاولات الدبلوماسية التي تقوم بها الولاياتالمتحدة ودول أوروبية لحل الأزمة مع إيران وتقوم بعمليات هجومية لتدمير المنشآت النووية الايرانية؟ الاشارات والتصريحات التي صدرت هذا الأسبوع من الحليفين الاستراتيجيين التاريخيين إسرائيل والولاياتالمتحدة تشير إلي توجهات متناقضة ربما لأول مرة بهذه الحدة تجاه كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني. فإسرائيل لم تخف قيامها بأضخم مناورات جوية في تاريخها حيث قطعت طائراتها المقاتلة والقاذفة وطائرات التجسس والتموين والتوجيه مسافة أكثر من ثلاثة آلاف ميل ووصلت إلي مضيف جبل طارق علي مشارف المحيط الأطلنطي وعادت مرة أخري إلي قواعدها لتثبت قدرات قواتها الجوية علي القيام بعمليات هجومية علي مسافة تتعدي المسافة التي تبعدها عن إيران. والتعليقات التي ملأت الصحف الاسرائيلية هذا الأسبوع اجتمعت علي قضية أساسية وهي أن امن إسرائيل ليس خاضعا لرؤية وتوجهات أي إدارة أمريكية وإذا كانت إدارة الرئيس باراك أوباما تريد الدخول في إطار تسوية سياسية للملف الإيراني بكل ابعاده فان ذلك شأن الإدارة الأمريكية وهو توجه لا يلزم إسرائيل بأي شئ ذلك أن امنها القومي يتم إقراره ومتابعته في إسرائيل وليس في أي مكان آخر في العالم حتي لو كان في واشنطن معقل المصالح الإسرائيلية، وحيث راجير لوبي يهودي صهيوني مؤيد وداعم لإسرائيل وفي نفس الوقت فإن البعض حاول التحذير في وجود صفقة كبري ستتم علي حساب إسرائيل بسبب تقليل البعض في المراكز البحثية وداخل دوائر صنع القرار في الولاياتالمتحدة من قدرة إيران علي صنع قنابل نووية في المدي القصير وعلي عجزها وذلك هو الأهم عن امتلاك تكنولوجيا متطور لتوجيه الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية باتجاه الأهداف الاستراتيجية وهي المواقع العسكرية الاسرائيلية، وبالتالي ستظل إسرائيل قادرة تماما علي شئ عدة هجمات علي المواقع النووية والاستراتيجية الايرانية وتدميرها بخسائر محدودة. وأكد اصحاب تيار وجود صفقة علي حساب إسرائيل أن الإدارة الأمريكية الحالية من خلال دعوتها للحكومة الايرانية لانتهاز فرصة فتح قنوات حوار لتصفية الخلافات والوصول إلي حل للبرنامج النووي الايراني عبر اخضاعه لرقابة هيئة الطاقة النووية لضمان توجهاته السلمية والمدنية تراهن في الوقت الحالي علي استجابة سريعة للنظام الايراني لعدة اسباب. فالقدرات العسكرية الايرانية بدت في اخر استعراض عسكري تبدو ضعيفة وهناك مبالغة في القدرات العسكرية الايرانية وخاصة في مجال توجيه الصواريخ والسيطرة علي حركتها بعد اطلاقها وتحديد أهدافها بدقة. أن هناك حالة انهاك داخل إيران ضربت كل القطاعات وخاصة القطاعات الصناعية وهو ما أدي إلي ظهور حالة سخط ورفض لبرنامج التسلح الايراني الذي اصبح ضاغطا بقوة علي القطاعات المدنية والحياة اليومية وتراجع خطط التنمية وانفجار التضخم بصورة تجعل المدخرات المملوكة للأفراد بلا قيمة تقريبا مع ارتفاع هائل في الأسعار. إن الصراع الداخلي مع اقتراب الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية يميل مرة أخري للتيار الاصلاحي الذي افصح عن ضرورة النظر بجدية في العروض الأوروبية والأمريكية "عرض الحوافز". امكانية ابراز مكاسب اقليمية كبيرة من خلال القبول بعرض حوافز يتضمن مزايا أكبر بتقديم تكنولوجيا متطورة وآمنة لمشروعاتها النووية والإفراج عن ارصدتها المجمدة وانهاء حالة الحصار والمقاطعة وإعادة دمجها في المجتمع الدولي وهو مايعني عملياً الاعتراف بالثورة الاسلامية الإيرانية. وستمتد المكاسب إلي الاعتراف بالنفوذ الاقليمي لإيران في تقرير اوضاع العراق بعد انسحاب القوات الأمريكيةوضمان الصيغةالحالية للعراق اضافة إلي امكانية حدوث تعاون أمريكي - ايراني لتهدئة الأوضاع في أفغانستان وبالتالي الحيلولة دون انهيار شامل هناك سيؤدي بالتبعية إلي تأزيم الأوضاع في باكستان بشدة. وتراهن اوساط في الإدارة الأمريكية علي امكانية دفع ايران لتسوية الملف الاسرائيلي - الفلسطيني علي وجه الخصوص خاصة أن الرئيس الايراني أحمدي نجاد، واشار في خطاب له منذ ايام إلي عدم معارضة بلاده لحل الدولتين وهو تصريح خطير يعتبر الأول الذي يعني ضمنيا الاعتراف بإسرائيل وتجعلها في الوجود في اعقاب العاصفة التي اثارتها تصريحاته في مؤتمر "دير بان - 2" عن انكار الهولوكست ومهاجمته إسرائيل. من يسبق الآخر في ظل هذه الاجواء والحسابات المختلفة في إسرائيل والولاياتالمتحدة يبدو أن هناك سباقاً بين الاتجاهين اتجاه الدبلوماسيين واتجاه الضربة العسكرية الوقائية الاجهاضية ولم يفت الوقت بعد للتوصل إلي تفاهم لتنسيق الاستراتيجيات الإسرائيلية - الأمريكية في ضوء زيارة رئيس إسرائيل شيمون بيريس للولايات المتحدة ولقائه الأول مع اوباما ثم استعداء نتنياهو لزيارة واشنطن وقيام وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس بزيارة المنطقة خلال أيام. وحتي لا يسقط أحد في وهم امكانية حدوث خلاف استراتيجي إسرائيلي - أمريكي فإن السيناريو القائم علي توزيع الأدوار بين الحليفين يبدو الأكثر منطقية فإسرائيل تهدد وبشكل جدي بضرب إيران التي تبدو في الواقع عاجزة علي حماية نفسها والرد بشكل مناسب وبعد أن اصبحت العمليات بالوكالة التي يقوم بها حزب الله في لبنان وحماس في غزة غير فاعلة وغير مؤثرة وفي نفس الوقت تعرض أمريكا حلولا سياسية ومخرجا مشرفا لايران التي عليها إما ان تقبل العرض الحالي أو تنتظر الضربة القادمة.