بالرغم من ان اقوال المسئول الايراني الرفيع قيلت في حلقة مغلقة، فلن يفاجئنا ان يتبين انها وجهت منذ البدء الي آذان اسرائيلية ايضا. الي جانب النضال الدبلوماسي الظاهر والاعداد العسكري السري لاسرائيل لمواجهة البرنامج الذري الايراني، يتم بين الدولتين ايضا حرب تهديد وتصريحات. يبدو تصريح آية الله الصفوي، رئيس المعهد الاسلامي للدراسات الاستراتيجية في طهران ومستشار خامنئي، مرحلة اخري من المحاولة الايرانية لانشاء ميزان رعب وردع مع اسرائيل. ابدت السنتان الاخيرتان سواء اكان ذلك علي خلفية تقدم طهران من احراز القدرة الذرية ام غياب ارييل شارون عن القيادة تصعيداً تدريجياً للتصريحات الاسرائيلية المتصلة بايران. في الحقيقة ان انقضاء موسم الانتخابات التمهيدية في كاديما قد كف من جماح الحماسة المعلنة لكن متحدثين اسرائيليين مسئولين ايضا مثل وزير الدفاع ايهود باراك (في يوم الاحد من هذا الاسبوع) يشتدون في تأكيد ان الخيار العسكري كملاذ اخير، لا يزال مطروحاً علي الطاولة. في الاسبوع الماضي قال عضو الكنيست اسحاق ابن اسرائيل، وهو لواء احتياط مقرب من رئيسة الحكومة القادمة تسيبي ليفني ان "اسرائيل لن تسمح لايران بأن تعيش مع سلاح ذري لكن لا يزال يوجد عندنا وقت. لا يعني الامر اننا مقبلون علي القصف بعد ثلاثة اشهر". عندما يحلل الخبراء الايرانيون التصريحات الاسرائيلية فالسؤال هو ما الذي يؤكدونه التهديد ("لن نسمح") ام التحفظ ("ليس الآن"). الفرض المعقول هو ان الصفوي، مثل الاعلام الاسرائيلي والدولي تماما، لا يعلم حقاً ما الذي تخطط له اسرائيل في الوقت القريب. لكن طهران معنية بأن تحذر اسرائيل من انها تري جميع الخيارات مفتوحة ايضا. ليس هذا نشراً فريداً في نوعه: فأول من امس ابلغت وسائل الاعلام في طهران عن مناورة ضخمة بسلاح الجو الايراني، يبدو انه تم التدرب فيها علي مهاجمة اسرائيل جواً. زعم ان نحو 100 طائرة حربية طارت مسافة 1200 كيلومتر واظهرت قدرتها، رداً علي تقارير من يونيو الاخير عن مناورة مشابهة لسلاح الجو الاسرائيلي تم التدرب فيها علي قصف ايران. مشكلة حديث صفوي عن هجمة رادعة علي اسرائيل، واكثر من ذلك الابلاغ عن التدريب الجوي الايراني، هي انها لا تعتمد علي قدرة مبرهن عليها. يمكن ان نقول بتقدير حذر ان الضرر الذي تستطيع ايران الحاقه اليوم باسرائيل محدود جداً. ستضطر الي ان تعتمد في الاساس علي مفوضيها المتقدمين في المنطقة حزب الله وحماس او ان تنتظر الي ان تحصل علي قنبلة ذرية في امد سنتين او ثلاث، حتي بحسب اكثر التقديرات تشاؤما في الغرب. اكثر الطائرات الحربية الايرانية هي بقايا من فترة الشاه، طائرات قديمة من انتاج الولاياتالمتحدة. قال الخبير الاستراتيجي الامريكي البروفيسور انطوني كوردسمان في محاضرة في البلاد في يوليو الماضي، ان القليل فقط من الطائرات ال 300 الحربية التي يملكها الايرانيون قادرٌ علي الطيران اصلا وانه تنقصها اجهزة متقدمة. من المشكوك فيه كثيراً ان تنجح طائرات كهذه، بعدد ذي شأن في اختراق النظام الدفاعي الاسرائيلي. الامكان الثاني هو استعمال صواريخ ارض ارض بعيدة المدي. لكن كوردسمان مثل خبراء عسكريين آخرين، يزعم ان برنامج صواريخ ارض ارض الايرانية اقل تقدماً مما يبدو. فهو يقدر ان الايرانيين يملكون بضع عشرات (حتي 100) من الصواريخ ذات مدي قادر علي اصابة اسرائيل. جربت قدرة اطلاق الصواريخ مرات معدودة فقط ويصعب جداً تقدير مبلغ دقتها. الان، مع عدم قدرة علي تركيب رءوس ذرية عليها، الحديث عن اطلاق صواريخ تقليدية. بعبارة اخري الضرر الذي تستطيع احداثه يذكر بمبلغ الدمار الذي خلفته صواريخ سكاد التي اطلقها العراق علي اسرائيل في حرب الخليج في 1991. . يصعب ايضا ان نري ما الفائدة التي ستجنيها ايران من عمل كهذا في الفترة القريبة. هذه اضمن سبيل لضربة اسرائيلية موجهة اليها وتدخل دولي صارم لاحباط البرنامج الذري الايراني، وهو الغاية التي تهم النظام في طهران كثيراً.