قبل أيام قليلة شاهد الملايين من محبي الألعاب الأوليمبية عبر شاشات التليفزيون الإنجاز الكبير الذي حققه العداء الجامايكي يوسين بولت الذي لم يشاهد مثله من قبل، والكثير كانوا مندهشين بما قام به هذا العداء الرائع في سباق 100 متر عدوا عندما ظهرت علي لوحة التسجيل الوقت الذي قطعه هذا العداء مسجلا 9.69 ثانية ومحطما بذلك الرقم القياسي العالمي، وبعدها شاهد الملايين السباح الأمريكي مايكل فيلبس يحصل علي ميداليته الذهبية الثامنة في سباحة أوليمبياد بكين لعام 2008، وهي الميدالية الذهبية الرابعة عشرة في حياته المهنية، مما يطرح التساؤل حول من سيتم اختياره كأحسن رياضي في العالم بين بولت وفيلبس. الميدالية الذهبية الثامنة الرقم المحظوظ في الصين جاءت في سباق 4 في 100م سباحة متنوعة، والجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة فازت بالميدالية الذهبية لهذا السباق في كل الأوليمبياد التي شاركت فيها، لذا فإن معظم النقاد أكدوا أن هذه الذهبية كانت "غنيمة"، وعلي الرغم من أن الاستراليين واليابانيين كانوا يقللون من شأنه، إلا أن فيلبس لم يتكلم عن الميدالية الذهبية إطلاقا إلا عندما كانت حول رقبته. وهذا ما حدث، كان السباق كلاسيكيا، ومشاركة السباح البالغ ال 23 من العمر كانت عظيمة وحاسمة بطريقة فراشة تسلم السباح فيلبس السباق من زميله الذي كان في المركز الثالث بعد سباحة صدر رائعة من الياباني كوسيك كيتاجيما والاسترا لي برينتون ريكارد، ومهما حصل، وبكل بساطة اندفع فيلبس إلي الأمام بقوة لا تقاوم، مثلما فعل في انتصاراته الخمسة الفردية، وكان الفارق بينه وبين أقرب منافسيه ثلاثة أرباع الثانية وأصبح فوز فريق الولاياتالمتحدة بين يدي جيسون ليزاك، السباح الذي أبقي سجل فيلبس علي الطريق الصحيح عندما فاز بالمرحلة الأخيرة من السباق مسجلا رقما عالميا جديدا قدره 3.29.34 دقيقة. ولكن هل ارتقي فيلبس إلي مستوي أعلي؟ بعد أن حطم الرقم القياسي للسباح الأمريكي مارك سبيتز "36 عاما" الذي كان قد فاز بسبع ميداليات ذهبية في ألعاب أوليمبية واحدة، إنه الآن أعظم من مجرد سباح ماهر من أبناء جيله. وقال الأسطورة سبيتز إنه "فيلبس" أكبر رياضي أوليمبي في كل الأوقات.. ومن المحتمل أن يكون أعظم رياضي مقارنة بأي رياضي آخر في أي قرن كان، القرن العشرين أو القرن ال 21، أو أي قرن كان، وسيكون استياؤه مبررا إذا لم يستطع الحصول علي وسام أفضل رياضي في العالم عندما تبدأ هذه الأوسمة تتوزع علي الرياضيين، ولكن هل موريس جرين "34 عاما، حاصل علي 10 ميداليات ذهبية وواحدة فضية ومثلها برونزية في كل البطولات" هو حقا الأعظم في كل الأوقات حسب الوشم الموجود علي كتفه؟ مما يعني أنه لا يستطيع أحد المقارنة بين بولت وفيلبس ولكن هذا لا يعني منع الناس من المحاولة، فلا نحاول هنا وضع المعايير للحكم علي هذا أو ذاك، أو اقتراح قائمة بأسماء المرشحين، قد ننسي أحد الرياضيين، ونحن نترك ذلك للمشجعين، إلا أن الاقتراح من أين تأتي المشاكل الكبيرة عندما تبدأ بوضع أسماء الرياضيين المرشحين؟ العقبة الرئيسية الأولي هي الحواجز الموجودة للدخول في كل لعبة رياضية علي حدة. بكل بساطة، معظم الناس يطمح إلي الجري السريع بدلا من السباحة السريعة. إذا كان هذا صوابا أو خطأ، فمازالت السباحة إلي حد كبير، تعتبر في مركز الطبقة الوسطي في الرياضات، واستطاعت بعض الدول الغنية دعم هذه الرياضة، إذ إنه هناك استثناءات لهذا، حيث إن 21 بلدا مختلفا قد فاز في ميداليات السباحة في بكين، ولكن الحقيقة ستبقي ثابتة، حيث إن أكثر من نصف ال 96 ميدالية مخصصة للفائزين في بطولات السباحة ذهبت إلي الولاياتالمتحدة واستراليا، والبقية ذهبت إلي الصين ومجموعة دول السبع وروسيا، ولكن سيكون هناك قدر أكبر بكثير من انتشار الميداليات بين الدول في ألعاب القوي. وهناك طريقة أخري للنظر إلي هذا وهي إتاحة الفرصة، حتي في بعض البلدان الغنية مثل إنجلترا، فهناك عنصر اليانصيب لدعم السباحة في هذا البلد، خصوصا أن لديه نقصا في أحواض السباحة لمسافة 50 مترا، والتركيز علي إيجاد مدربين ماهرين ودعمهم حول هذه الأحواض، وربما هناك طريقة ثابتة أيضا للمقارنة بين إنجازات فيلبس والإنجازات الأخري المهيمنة علي الرياضيين من الرجال والنساء في الميادين التي تتطلب درجة عالية من التدريب الشاق والخبرة والمداخلات التقنية. ومع الوضع "المتعذر اجتنابه" يقول لاعب الجولف الأمريكي تايجر وودز: هل هم حقا رياضيون؟ سيطر وودز علي بطولات الجولف العالمية مثلما سيطر فيلبس في السباحة، وحطم وودز معظم الأرقام القياسية في لعبة الجولف، مثلما حطم مايكل شوماخر الأرقام القياسية في سباق سيارات "فورمولا 1". ولكن هل يستطيع "الرياضيون" مثل هؤلاء التأكيد علي أنهم "الأعظم"؟ ما يفعولنه هو شيء محدد وغير متاح إلا لعدد قليل من سكان العالم، ومع ذلك، وبسبب ذلك أيضا، لا أحد يستطيع أن يتجاهل بشكل كامل الإنجازات التي حققها أي واحد من هؤلاء الرياضيين، لمجرد أنه لم يأت دور الجميع فيلبس، شوماخر، وودز وعدد كبير من الرياضيين من الممكن أن يبقوا "عظماء"، ولكنها حجة صعبة لمعظم الناس، وهذا هو السبب الذي يجعل الأمر محتوما للأغلبية بالعودة إلي الرياضات الممكن الوصول إليها، ولكن لماذا كلما يطرح السؤال عن أعظم رياضي في كل الأوقات يظهر إلي العلن اسم لاعب الكرة الأرجنتيني الفذ ديجو مارادونا؟ والذي ترددت شائعات بأنه موجود في القرية الأوليمبية في بكين ويحاول جاهدا ملاقاة بولت. اللعب النظيف سيذهب لفيلبس علي الرغم من أنه ينبغي عليه تأجيل هذه المناقشة حتي يتم اختياره كأحسن رياضي في العالم، وهو لم ينته بعد من حصده للميداليات الذهبية، وكذلك بولت.