بعد كسر يوسين بولت الرقم العالمي لسباق ال100 متر في أوليمبياد 2008 طرحت صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية سؤالا "إلى أي مدى قد تصل سرعة البشر؟" .. فجاء الرد بعد أقل من عام وعن طريق الرجل نفسه الذي يدفع العالم كله حاليا للتساؤل "إلى أي مدى تصل قدرات بولت؟". رد بولت جاء بليغا للغاية ففي بطولة العالم لألعاب القوى التي اختتمت مؤخرا كسر الأرقام القياسية في سباقات 100 و200 متر وكرر سيناريو تحطيم الأرقام بطريقة مثيرة. وكسر بولت رقمه القياسي العالمي لسباق 100 متر بقطعه المسافة في 9.58 ثانية بفارق 11 جزءا من الثانية عن رقمه السابق الذي سجله في الألعاب الأوليمبية في بيكين 2008. كما قطع بولت مسافة 200 متر في 19.19 ثانية ليكسر رقمه الذي حققه في بيكين محققا زمن بلغ 19.30 ثانية. الدهشة كانت الوصف الأبلغ الذي اختاره أبطال سباقات العدو السابقين والمتابعين لها وهم يشاهدون بولت يحطم رقميه القياسيين ويحصل على ذهبيتين في البطولة. سوبرمان 2 عبر مايكل جونسون العداء صاحب الرقم القياسي السابق لمائتي متر عن دهشته في مقال له على موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" بقوله "هذا الشاب هو الجزء الثاني من سوبر مان". ولم تكن الدهشة فقط في كسر الرقم القياسي ولكن في الفارق الذي قارب عشرة أجزاء من الثانية وفي السرعة النسبية التي كسر بها بولت رقميه السابق. فمنذ كسر حاجز الثواني العشر في سباقات 100 متر في 1991 شهدت المضمار سقوط ثمانية أرقام قياسية فقط توقفت عند 9.74 حتى أوصله بولت إلى 9.58 ثانية بكسره مرات عدة. ولكن كيف حقق بولت المعجزة؟ .. قد يكون مدهشا معرفة أن جسم العداء الجامايكي ليس القالب المثالي لعداء يكسر أرقاما قياسيا وفقا لبيتر وياند استاذ علم الحركة بجامعة ريس بولاية تكساس الأمريكية.
ويوضح وياند أن أنه كلما كان الجسم أصغر كلما تمكن من تجميع كتلة عضلية أكبر تساعد العداء على الانطلاق بقوة كبيرة. إذن كيف يتمكن العداء بطوله البالغ 1.96 مترا من تخطي تلك العقبة؟ .. يجيب وياند بأنه في الوقت الذي يضع كل منافسي بولت أصغر مساحة من أقدامهم على أرض المضمار يضرب بولت الأرض بكل باطن القدم ليحقق أكبر قوة دفع لجسده. وهذا ما أكده تايسون جاي العداء الأمريكي الذي كسر الرقم الوطني في سباقات 100 متر في ألمانيا قاطعا المسافة في زمن 9.71 ثانية بقوله "إنه يغطي مساحة أكبر مني على الأرض". دجاج الأبطال ولا يثير بولت الدهشة فقط عن طريق أرقامه القياسية، ولكن عبر استمتاعه بحياته بشكل طبيعي جدا. فهو لا يفعل شيء أكثر من التدرب بجد وبشكل أكبر من غيره، لكنه يستمتع بحضور الحفلات وهو ما عرضه لكثير من الانتقادات، كما أنه لا يتبع نظاما غذائيا صارما مثل غيره من الأبطال الأوليمبيين وعلى رأسهم السباح الأمريكي الأسطوري مايكل فيليبس. إذ يعشق بولت أكل أجنحة الدجاج المقلية، حتى أنه يأكلها مرتين في اليوم الذي يركض فيه على مضمار السباق، إلى جانب أنه لا يتعاطى أية عقاقير فوفقا لمدربه جلن ميلز لا يحب بولت تعاطي الفيتامينات. ورغم أن الأطباء يؤكدون أن ما وصل إليه بولت يعني أقصى حدود القدرات البشرية لايزال في إمكان العدائين وخاصة البطل الجامايكي صاحب الميداليات الأوليمبية الثلاث تحقيق بضعة أرقام جديدة وإن كانت بفوارق لا تزيد عن أجزاء من الثانية. فبولت في نهاية سباقاته سواء عند تحقيقه الرقم العالمي الأول في بيكين أو عندما كسره في برلين كان يرفع يديه محتفلا قبل الوصول إلى خط النهاية ولو أنه استثمر قوته في دفعة أقوى قد يمنحه هذا بضعة أجزاء من الثانية تعني رقما قياسيا أصعب في الكسر. أبطأ الكائنات
ورغم أن بولت يحمل الآن لقب أسرع رجل على وجه الأرض بلا منازع إلا أنه في مضمار الكائنات الحية على الإطلاق يبقى واحدا من أبطأ الكائنات. وهنا يقف بولت عاجزا أمام الفهد (التشيتاه) عضو عائلة القططيات والذي يمكنه نقل سرعته من الصفر إلى 110 كيلومتر في ثلاث ثوان فقط، وهو ما لا تفعله أقوى السيارات الرياضية. ويأتي الفهد في المركز الثالث في قائمة أسرع الكائنات بعد سمك السيلفيش الذي يسبح بسرعة تتخطى 110 كيلومتر في الساعة، بينما يسيطر صقر الشاهين على عرش السرعة مع تمكنه من الطيران بسرعة 322 كيلومترا في الساعة. شاهد بولت يحقق رقما قياسيا لسباق 100 متر ويفوز بذهبية بيكين بزمن 9.69 ثانية وشاهده يكسره في بطولة العالم ببرلين بزمن 9.58 ثانية بولت يسجل رقما قياسيا عالميا لسباق 200 متر ويفوز بذهبية بيكين بزمن 19.30 ثانية وشاهده يكسره في برلين بزمن 19.19 ثانية.