منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية علي لبنان عام 2006، وساسة تل أبيب يتسابقون في توجيه رسائل التحذير والتهديد للبنان بشكل عام وحزب الله بشكل خاص، في محاولة منهم لتعويض إخفاقهم في القضاء علي الحزب أو إضعاف قدرته الصاروخية. الجديد في التهديدات الإسرائيلية الأخيرة أنها اتخذت بُعدا غير مسبوق لناحية المزج بين حزب الله كمقاومة ولبنان كدولة. فرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت اعتبر قبل أيام أن جيشه سيتحرك من دون أي قيود عسكرية إذا تحول لبنان إلي "دولة لحزب الله". كما أعلن وزير البيئة الإسرائيلي جدعون عزرا أن إسرائيل ستعتبر "كل الدولة اللبنانية هدفا" وستهاجم البني التحتية المدنية إذا قام حزب الله اللبناني بشن حرب عليها. وأضاف عزرا أنه اعتبارا من اللحظة التي أعطت فيها الحكومة اللبنانية شرعية لحزب الله يجب أن تدرك أن كل الدولة اللبنانية تشكل هدفا بالطريقة نفسها التي تشكل بها كل إسرائيل هدفا لحزب الله. أما حزب الله فوصف التهديدات بأنها نتيجة العجز الإسرائيلي والإحباط الذي حلّ بإسرائيل بعد هزيمة يوليو وعملية الرضوان في تبادل الأسري. وقال محمود قماطي نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله إن الجانب الإسرائيلي بات في موقع المهزوم أمام الرأي العام الداخلي والعالمي، وهو الآن يحاول أن يستعيد بعض معنوياته عبر إطلاق هذه التهديدات. ولفت قماطي إلي أن الكيان الإسرائيلي أعجز من أن ينفذ التهديدات التي يطلقها لأنه يدرك أن معادلة "توازن الرعب" أثبتت جدواها عن طريق قوة المقاومة، وهو يدرك أكثر من غيره أن هذا الضغط لن يؤثر في المقاومة. وأضاف أن من أهداف هذه التهديدات أيضا محاولة إيقاع فتنة في الداخل اللبناني بين الفريقين المشتركين في الحكومة، أي بين ما كان يسمي المعارضة والموالاة، عبر الإيحاء بأن حزب الله هو السبب في أي ضربة قادمة للبنان. كما طمأن قماطي بأن التهديدات الإسرائيلية "مجرد ضغوطات، فالكيان الإسرائيلي لم يتمكن حتي الآن من التقاط أنفاسه، وهو الآن في موقع الخائف والمتردد وليس في موقع القيام بأي هجوم، خاصة أنه يعلم أن المقاومة والجيش اللبناني معا في حالة جاهزية تامة لصد أي عدوان وتحقيق انتصار جديد عليه". من جانبه اعتبر الخبير العسكري العميد أمين حطيط أن إسرائيل تدرك حصول تغير إستراتيجي جذري في لبنان بعد أحداث السابع من مايو الماضي. وأضاف أن هذا التغير وقع في القراءة الإسرائيلية تحت عناوين تعاكس ما كانت بنته في ثلاث سنوات بذلت هي والولاياتالمتحدة والدول الإقليمية والعربية المنتظمة في ركبها الكثير من المال والجهود في سبيل إقامته. وأوضح حطيط أن الولاياتالمتحدة كانت نجحت في إقصاء المقاومة منذ خريف العام 2006 عن القرار السياسي اللبناني، فسقط التحالف الرباعي الذي قام علي التفاهم علي القرارات الرئيسية، ثم جري إحراج حزب الله للخروج من الحكومة، وكانت القرارات محصورة بيد الفريق الذي تُملي عليه أمريكا أوامرها. وأضاف أن "الخطة كانت حينها تقضي بقيام حكومة مركزية قوية في لبنان علي عداء مطلق مع حزب الله، لكن هذا المخطط جري إحباطه من خلال اتفاق الدوحة الذي قاد إلي حكومة وحدة وطنية يشكل فيها حزب الله العمود الفقري". وأشار حطيط إلي أن إسرائيل غير قادرة علي شن حرب علي لبنان في ظل الإجماع الإستراتيجي لدي المفكرين الإسرائيليين بأن أي حرب جديدة هي حرب حمقاء ولن توصل إلي نتيجة. وأضاف أن حزب الله استفاد من عدوان يوليو فعزّز مواطن قوته وعالج مواطن ضعفه لدرجة الإلغاء، كما أن وضع الحزب الداخلي أفضل بكثير مما كان عليه الحال في العام 2006.