أخيراً، وبعد فترة طويلة ترجع إلي بداية تأسيس شبكة الشرق الأوسط، التي روعي عند تدشينها أن تكون الشبكة التجارية لقطاع الإذاعة، لكنها لم تلتزم بهذا الخط وحده بل اشتهرت بأنها شبكة منوعات وبرامج خفيفة بأكثر منها شبكة تجارية مطلوب منها أن تحقق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي الذي يغنيها عن اللجوء إلي اقتطاع نسبة من ميزانية اتحاد الإذاعة و التليفزيون، كغيرها من الشبكات، وهو ما فعلته، بجرأة، شبكة الشباب والرياضة برئاسة سهير الباشا عندما باعت دقائق علي الهواء لإحدي الوكالات الإعلانية، التي حولتها بدورها إلي استديو تحليلي لكرة القدم تحت عنوان "جول F.M"، ولاقت الفكرة نجاحاً جماهيرياً وتجاوباً إعلانياً بدليل أن الاستديو التحليلي استمر لعامين متتاليين وارتفع سعر شراء الدقائق الإعلانية من 3 ملايين جنيه في العام الأول ليصل إلي 15 مليون جنيه في العام الثاني وكاد يصل إلي 18 مليونا في العام الثالث لولا انسحاب صاحب الوكالة الإعلانية بعد أن رسي عليه المزاد(!). حدث هذا في الشبكة التي يفترض أنها للشباب والرياضة، وليس الشبكة التجارية المرسوم لها أن تحقق هذا العائد قبل غيرها، ويبدو أن ما حدث في شبكة الشباب والرياضة ذَّكر قيادات قطاع الإذاعة أن بيع دقائق علي الهواء يقع علي عاتق ومسئولية شبكة الشرق الأوسط أو الشبكة التجارية، كما اصطلح علي تسميتها فكان أن ظهر اتجاه قوي تتزعمه إيناس جوهر رئيس القطاع، بأن يتم طرح دقائق الهواء الخاصة بشبكة الشرق الأوسط للبيع بحيث تتولي شركات الدعاية والإعلان رعاية الفترات المفتوحة والبرامج اليومية للشبكة من خلال دقائق مدفوعة الثمن علي أن يبدأ التنفيذ الفعلي للفكرة مع بداية شهر رمضان المقبل، وفي خطوة حقيقية لتفعيل الفكرة تم التعاقد مع الوكالة الإعلانية التي يملكها الإذاعي خالد حلمي لشراء دقائق علي الهواء اختار أن يبدأها بالفترة المفتوحة "ضيف علي الفطار"، التي رأي أن يحول اسمها إلي "حفل إفطار سوبر ستار" ولم يرفض الموعد القديم الذي كانت تقدم فيه الفترة من الساعة الرابعة عصراً إلي السادسة والنصف مساء موعد أذان المغرب ولحظة الإفطار التي يختتم بها لقاء الضيف. نجاح الفكرة، وبدء تفعيلها بهذه السرعة يحسب لإيناس جوهر رئيس قطاع الإذاعة لكنه يطرح تساؤلاً مهماً حول السبب في عدم إجراء مزايدة بين الوكالات الإعلانية بحيث تتنافس علي شراء هذه الدقائق بأعلي سعر، كما حدث في مزايدة دقائق هواء شبكة الشباب والرياضة التي وصل السعر فيها إلي 15 مليون جنيه؟ ولماذا تم اختيار الوكالة التي يملكها خالد حلمي من بين كل الوكالات والشركات الأخري، وكم المبلغ الذي سدده، ونجح بعده في احتكار الفترة المفتوحة التي تحولت إلي "حفل إفطار سوبر ستار"؟ الواقع الذي نستمع فيه، ونقرأ، كل يوم عن الشفافية والمصارحة، كان يقتضي من المسئولين في قطاع الإذاعة، وفي شبكة الشرق الأوسط، الإعلان عن المبلغ الذي دخل خزينة القطاع الاقتصادي من وراء هذه "الصفقة"، فمن ناحية يمكن أن يكون حافزاً لوكالات إعلانية جديدة لشراء دقائق هواء أخري "بأعلي سعر" أو تشجيع أصحابها علي تكرار التجربة والدخول في منافسة تدر عائداً مالياً ضخماً مثلما حدث في تجربة صاحب "جول F.M"، التي شجعت أصحاب وكالات أخري كثيرة علي الدخول في مزايدة شراء دقائق الهواء في شبكة الشباب والرياضة.