آثار فيلم "نمس بوند" عاصفة وليست مجرد أزمة عندما قيل إن الرقابة اختارت أن تحيل الملف الخاص به لوزارة الداخلية للنظر في أمر إجازته أو حظره أو تخفيف بعض حواراته ومشاهده لمجرد أنه يقدم في إطار كوميدي لا يخلو من سخرية شخصية ضابط بوليس يدعي "شريف النمس" يطبق نظريات جيمس بوند في عمله بكل ما يترتب علي هذا من مفارقات كوميدية خشيت معها الرقابة أن تتسبب في أزمة مع الداخلية فأوكلت إليها أمر "النمس"!! ولأنها ليست المرة الأولي التي يتعرض فيها فيلم من تأليف طارق عبدالجليل لأزمة حيث سبق له أن تعرض لهذا في فيلميه السابقين، "عايز حقي" "ظاظا رئيس جمهورية" ومع النجم هاني رمزي أيضا كان هذا الحوار الذي كشف فيه كل تفاصيل وملابسات أزمة "نمس بوند". بداية لماذا اخترت اسم "نمس بوند" عنوانا للفيلم؟ لأن الشخصية الرئيسية عندي لضابط يهوي مغامرات جيمس بوند، ويحاول تطبيق نظريات في حل طلاسم الجرائم وكان عنوان الفيلم في البداية "يا ضابط يا خابت" لكنني فوجئت باتصال هاتفي من الكاتب بلال فضل يرجوني فيه أن أتنازل عن هذا الاسم لأنه كان يعد لاختياره لنص من تأليفه... وتنازلت بأريحية كاملة وذات يوم شاهدت أفيش فيلم ضمن سلسلة جيمس بوند في الشارع فقلت: لماذا لا أطلق علي الفيلم اسم "نمس بوند" ومن دون تردد عرضته علي هاني رمزي فتحمس له وأبدي إعجابه به فاخترناه للفيلم. وما سر صدامك المتكرر مع الرقابة؟ لقد فوجئت بالرقابة ترفض إجازة الفيلم أو تمنحه ترخيص العرض بحجة أن الفيلم لابد أن يعرض علي جهة أمنية وهو موقف مماثل لما تعرضت له مع فيلم "ظاظا رئيس جمهورية" عندما طلبوا موافقة جهة سيادية التقيت علي أبوشادي رئيس الرقابة علي المصنفات فأبلغني أنه يتعرض لضغوط قوية وأن قرار الموافقة علي عرض الفيلم من عدمه في أيدي الداخلية وكانت المفاجأة أن الوزارة قالت: لم نطلب الفيلم، فلماذا أرسلتم به إلينا"؟ وبالتالي اضطررت لمشاهدته وقررت حذف جملتين صوت فقط دون الاقتراب من الصورة التي تخلو من أي شيء خادش للحياء وحتي الجملتان كانتا من شخص في الفيلم يوجهها للضابط وانتهي الأمر بالتصريح بالفيلم وكنت مقتنعا تماما بقرار الداخلية لأنني بالفعل كنت جريئا عندما كتبتهما وأحسست أنني زودتها شوية وماكانش ينفع أقولهم. اعتراف منك بالخطأ أم محاولة لكسب ود الداخلية فاعترافك هذا يؤكد الاتهام بأنك أهنت السلطة وأنك السبب في تأخير عرض الفيلم وليس الرقابة؟ إهانة السلطة.. وهل مناقشة الواقع بحرية يصبح إهانة للسلطة ألا تري ما يحدث في السينما الأمريكية من عصابات تخطف رئيس الجمهورية ويلطشوا فيه كما حدث في " air force1 " أو طائرة الرئيس، الذي قام ببطولته هاريسون فورد في دور الرئيس الأمريكي؟ ومر الفيلم دون أن يثير غضب الرقابة أو حتي مؤسسة الرئاسة في أمريكا؟! وهل هناك مقارنة بين جملتين لم ينطق بهما الضابط والمثال الذي ضربته بحيث يلجأ رئيس الرقابة إلي تحويل الفيلم إلي جهة أمنية؟ وهل نجح علي أبوشادي في اختيار سيدة اسمها سناء سعد لا تملك أي مقومات تؤهلها لشغل منصب مدير عام الرقابة علي الأفلام المصرية وفي الوقت الذي ينتاب الرقابة الذعر بسبب جملتين تفتح السوق علي الغارب لعرض أفلام الدعارة والشذوذ لخالد يوسف والتي تحطم قيم المجتمع وعادات وتقاليد أبنائنا الشباب؟ لقد كنت أطمح لتقديم جرعة كوميدية ولم أقصد إطلاقا سب اللواء في الفيلم وخطئي ناتج عن سوء فهم وكانت المفاجأة المذهلة أن الداخلية فهمت وتفهمت المشهد الذي سب فيه الضابط اللواء وكان يظنه لصا وعندما أدرك ما تورط فيه قبله علي رأسه معتذرا وسمحت الداخلية بالمشهد لكن الرقابة برئاسة الست سناء طلبت مشاهدة المشهد ثانية وأصرت علي حذفه. وأرسلت تقارير تبلغ فيها علي أبوشادي بهذا واقترحت عليها أن نجلس ونتفاهم لكنها رفضت بشكل غريب! لماذا التحفظ علي سناءسعد وحدها بينما الحقيقية أنها تطبق لوائح رقابية موضوعة سلفا؟ اعتراضي ناتج عن كونها في منصب حساس تحكم فيه علي فن وفكر وهي لا تصلح لقراءة جريدة ولذا أنتهز الفرصة من خلال نهضة مصر الأسبوعي" وأبعث برسالة مفتوحة لعلي أبوشادي وأؤكد له أن وجود سناء سعد في منصبها في عصر أصبح فيه المجتمع أكثر تفتحا واستنارة حتي أن السينما اقتربت من أفكار وموضوعات كثيرة كانت تابوهات أو محظورات حتي وقت قريب لم يعد معقولا لأنها لا تصلح وأعلنها الآن أنني سأعتزل الكتابة إلي حين يتخلي علي أبوشادي عن منصبه أو يغادره. لماذا علي أبوشادي الذي تراه مسئولا عن كل نكباتك؟ "بغضب" بعد كل ما فعله ويفعله بأفلامي حين يتشبث بعرض أفلام علي الداخلية والجهات الأمنية علي الرغم من أنها لم تطلبها، وبعد إصراره علي اختيار أشخاص غير مؤهلين لشغل مناصب حساسة يصادرون جملة أو اثنتين في الوقت الذي يصرحون فيه بأفلام الدعارة والشذوذ والسفالة التي حولت دور السينما إلي بيوت دعارة؟ لقد قال لي بالنص: "انت رجعت تكتب ثاني يا طارق.. وتقرفني". لكني واجهت نفس المشاكل تقريبا في فيلم "ظاظا رئيس الجمهورية" الأكثر جرأة وحساسية ولم يصل الأمر إلي هذا الحد؟ لأن "ظاظا" كان من إنتاج نجيب ساويرس ولأن علي أبوشادي كان في فرنسا مع وزير الثقافة وأجري معهما نجيب ساويرس مكالمة انتهت بالتصريح بعرض الفيلم فهل يشترط لكي يمر الفيلم من دون مشاكل أن يكون من إنتاج نجيب ساويرس؟ ألا يثير الشك أن "ظاظا" لا يعرض في أي فضائية منذ أن غادر دور العرض علي عكس بقية الأفلام الأخري؟ أنا نفسي لا أعرف السبب بل إن نجيب ساويرس لا يعرضه حتي علي قناته الفضائية الخاصة ربما لأنه يدرك أن الفيلم سيثير ردة فعل قوية عقب عرضه. بصراحة هل بينك وبين الدولة حالة من العداء المستحكم لسبب ما؟ أبدا لكن الحكومة هي التي رفعت الأسعار ومصاريف المدارس وضاعفت الضرائب ولم أختلق هذا لأنني واهم ومنذ أول أفلامي الذي كان يحمل عنوان "زمن الكلاب" وأصرت الرقابة علي تحويله إلي "الزمن والكلاب" وموقفي واضح. ربما لأنك غاوي شهرة ومثل هذه المواجهات والصدامات تحقق لك هذا الهدف؟ "بغضب" وهو أنا اللي بأعمل المشاكل؟ وأنا الذي تسببت في تأخر عرض "نمس بوند" أربعة أيام؟ ولو لم أكتب عن النظام والحكومة فماذا أكتب إذن؟ أنا لا أحب مناقشة موضوعات سطحية أو مكررة ولا تهم الناس. ومع ذلك فأنت مقل؟ لأنني لا أفعل مثل غيري وأقتبس من الأفلام الأجنبية وإلا كنت كتبت أكثر من فيلم في العام الواحد... لكنني أعتبر الاقتباس سرقة... وأنظر للقيمة وليس الكم. لكن تمرير الجرعة السياسية من خلال الكوميديا أمر صعب؟ وأنا أهوي الصعب وبمقدوري أن أقدم من خلال الأكشن، أو الإثارة لكنني أؤمن أننا "شعب دماغ" والنكتة هي سلاحه في مواجهة أزماته لذا اخترت أن أقترب إليه من هذه الزاوية. هل تعلمت الدرس وتبت عن التفكير في الاقتراب من السياسة في أفلامك القادمة؟ "بثقة" بالطبع لا... فأنا لم أرتعش وما حدث معي لم يرهبني والرقابة تظن أنها بذلك تحمي النظام وأن ضرورة مهمة للسلطة بينما هي "مالهاش لازمة" ولا يوجد الفيلم الذي تسبب في قيام ثورة ضد سلطة أو نظام في العالم فأسقطه فالسينما خيال وتسلية وربما تنفس عن الناس عندما تلعن الحكومة بدلا منهم... وإذا كنت أفكر بالفعل في الاعتزال إلي حين تغير الأوضاع في الرقابة فإن مشروعي القادم سيكون أكثر جرأة من كل أفلامي السابقة لأنه يتحدث عن المنطقة العربية ومشاكل الرؤساء العرب وجامعة الدول العربية... وأحتفظ لنفسي بالتفاصيل.