منذ الساعات الأولي للغزو الأمريكي للعراق الذي باركه الشيعة والأكراد كانت كل التحليلات تحذر من صدام آت لاريب فيه بين الشيعة العراقيين وقوات الاحتلال نظرا لتناقض مصالح الحليفين في المنظور البعيد.. ولم يطل بنا الانتظار حيث حدثت صدامات دامية بين التيار الصدري الذي يقوده الزعيم الشاب مقتدي الصدر في 2004 سرعان ما أعقبها هدنة بعد تدخل آية الله السيستاني لكن هذه الهدنة توشك علي الانهيار بعدما أمر الصدر بتشكيل "مجموعات خاصة" من جيش المهدي تتولي "مقاومة الاحتلال الأمريكي" الامر الذي وصفه ناطق باسمه بمثابة "تحديد انشطة جيش المهدي". وقال في بيان تلاه الشيخ عبد الهادي المحمدواي امام جمعة مسجد الكوفة (150 كلم جنوب بغداد) "الي اخوتي في جيش المهدي والي كل العراقيين الرافعين شعار المقاومة، يجب ان تعلموا ان المقاومة ستكون حصرا علي مجموعة خاصة سيتم الاعلان عنها من قبلنا". واضاف "اننا لا نحيد عن مقاومة المحتل حتي التحرير او الشهادة". واشار الصدر الي ان هذه الجماعة "من ذوي الخبرة ولهم اذن مسبق من الحاكم الشرعي ومن القيادة العليا (للتيار الصدري) وسوف يكون السلاح حصرا بيدهم ولا يوجهونه الا ضد المحتل"، مشددا علي "منع استخدام السلاح ضد اي عراقي". وقال متوجها الي انصاره "ستصدر عدة توصيات سيتم الاعلان عنها من قيادة التيار، فعليكم يا اخوتي اطاعة هذه التوصيات وهذه الاوامر ومن يخالف ذلك فهو ليس مني بشيء". وطالب الصدر بقية عناصر جيش المهدي الاهتمام بالقضايا العقائدية والاجتماعية والابتعاد عن العسكرة. وقال "علي الاخوة في الجيش العام (بقية افراد جيش المهدي) الاهتمام بالقضايا العقائدية والاجتماعية"، مطالبا اياهم بالابتعاد "كل البعد عن السياسة والعسكرة". وقال الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري ان "القرار تأكيد لموضوع تجميد جيش المهدي وان الصدر (بهذا القرار) يخطو خطوة اخري علي طريق مقاومة الاحتلال بصورة جديدة". وكان الصدر امر في منتصف اغسطس 2007 بتجميد جميع انشطة جيش المهدي علي خلفية الاشتباكات التي وقعت في كربلاء واسفرت عن مقتل 52 شخصا واصابة اكثر من 300 اخرين من الزوار الشيعة الذين قدموا لاحياء ذكري ولادة الامام المهدي. وتهدف خطة الزعيم الشيعي الي تحديد دور جيش المهدي العسكري، واشغاله بالامور الثقافية والانشطة العقائدية. وقال: ان "الصدر يري ان توجيه جيش المهدي باتجاه ثقافي واجتماعي بعيدا عن التوجه العسكري، هو بمثابة اعادة هيكلة للجيش وتحديد لمهامه". واكد العبيدي "سوف يقتصر العمل العسكري علي عدد محدد من عناصر جيش المهدي الذين حدد الصدر صفاتهم في البيان". وكان الصدر اعلن العام الماضي العمل علي اعادة هيكلة جيش المهدي. وخاض التيار الصدري معارك مع قوات أمريكية وعراقية في البصرة (جنوب العراق) ومدينة الصدر في بغداد استمرت نحو شهرين وانتهت بفرض القوات العراقية السيطرة بعد التوصل الي اتفاق بين الطرفين. وتفيد تقديرات متفاوتة ان جيش المهدي الذي اعلن الصدر عن وجوده بعيد سقوط بغداد، يضم بين عشرة آلاف وستين الف عنصر. ويشغل التيار الصدري 32 مقعدا من اصل 275 في البرلمان. وبرز مقتدي الصدر الي واجهة الاحداث فور سقوط النظام السابق في ابريل 2003 وتولي مذاك قيادة تمردين ضد القوات الأمريكية في ابريل وفي اغسطس 2004. ومعارضته للوجود الأمريكي جعلت منه رمزا داخل الطائفة الشيعية في حين يطالب الائتلاف الشيعي الحاكم ببقاء القوات الأمريكية حتي استقرار الاوضاع في البلاد.