أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية الوادي الجديد والواحات .. صور    غدا .. بدء تلقي طلبات التصالح على القانون الجديد بالغربية    البيت الأبيض: نتنياهو وافق على ضمان فتح معبر كرم أبو سالم    مفاجأة.. صهر زين العابدين بن علي يخوض الانتخابات الرئاسية في تونس    غارة إسرائيلية تدمر منزلا في عيتا الشعب جنوب لبنان    خبير تحكيمي عن عدم تحديد مواعيد لمؤجلات الأهلي والزمالك: لعل المانع خير    أكبر أندية إفريقيا.. تصريحات نارية لنجم نهضة بركان قبل مواجهة الزمالك بالكونفدرالية    قدم تعازيه لأسرة غريق.. محافظ أسوان يناشد الأهالي عدم السباحة بالمناطق الخطرة    جثة في المنور| شاب يعتدى على والدته وينهى حياتها بالمرج    رخيص الثمن بمواصفات ممتازة .. مواصفات هاتف BL9000 Pro    بعد إصابته بالسرطان.. هاني فرحات يدعم محمد عبده بهذه الكلمات    بإطلالة شبابية.. ليلى علوي تبهر متابعيها في أحدث ظهور    الصحة: تكثيف الخدمات الطبية والتوعوية بالحدائق والمتنزهات في شم النسيم    بعد فوز ليفربول على توتنهام بفضل «صلاح».. جماهير «الريدز» تتغنى بالفرعون المصري    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    ثقافة الإسماعيلية تحتفل بأعياد الربيع على أنغام السمسمية    محمد عدوية يتألق في أولى حفلات ليالي مصر للربيع بالمنوفية    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    مائدة إفطار البابا تواضروس    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    دورنا مجتمعي ولسنا حزبًا سياسيًا.. مصطفى بكري يكشف أهدف اتحاد القبائل العربية    خاص| مستقبل وطن: ندين أي مواقف من شأنها تصعيد الموقف ضد الشعب الفلسطيني    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    غداً.. «التغيرات المناخية» بإعلام القاهرة    المخلفات الصلبة «كلها خير»| فرص استثمارية واعدة ب4 محافظات    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    الأهلي يُعلن تفاصيل إصابة عمرو السولية    رفع الرايات الحمراء.. إنقاذ 10 حالات من الغرق بشاطئ بورسعيد    لسهرة شم النسيم 2024.. طريقة عمل كيكة البرتقال في المنزل    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    خالد الغندور: علي معلول ليس نجما في تونس.. وصنع تاريخا مع الأهلي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    ميدو يوجه رسالة إلى إدارة الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخطاء "بريمر" تشعل العراق
نشر في نهضة مصر يوم 07 - 04 - 2004

من المؤكد أن المواجهات التي تفجرت منذ بداية الاسبوع الحالي بين الشيعة العراقيين من انصار الزعيم الشاب مقتدي الصدر، وقوات الاحتلال متعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة، واسفرت عن مقتل واصابة المئات خاصة من الجانب العراقي لم تقع الا نتيجة احتقان مزمن ربما يعود إلي لحظة الاحتلال ذاتها، وما تلاها من احداث حولت الكثير من الشيعة الذين كانوا يساندون المساعي الأمريكية لاسقاط نظام صدام حسين إلي اعداء للاحتلال. فالشيعة الذين كانوا مهمشين في زمن صدام حسين وجدوا انفسهم مهمشين أيضاً علي ايدي الفاتحين الذين وعدوهم بالحرية والديمقراطية ومنحهم حقوقهم، واكتشف الشيعة أن تهميش صدام لهم افضل من تهميش الامريكيين فصدام كان يهمش الجميع بلا استثناء سواء كانوا شيعة أو سنة أو اكرادا أوتركمانا لصالح فكرة الدولة القومية التي ينصهر الجميع فيها، والتي يتساوي فيها الجميع ماداموا ملتزمين بتوجهها القومي أما الأمريكيون فقد واصلوا تهميش الشيعة ولكن لمصلحة الاكراد فقط.
وكان الشيعة من اكثر الناس تضرراً من التخريب المتعمد الذي قام به الأمريكيون في العراق فرغم أنهم لم يقاوموا الغزو الا أن مئات الالاف منهم وجدوا انفسهم بلا عمل بعد القرارات الأمريكية الجائرة باغلاق الكثير من الوزارات والمرافق الحيوية.
وتضرر الشيعة مثل غيرهم من عمليات السلب والنهب التي تعرضت لها العراق عقب الغزو.
وإذا كانت الاحداث الحالية قد تفجرت نتيجة اعتقال القوات الأمريكية للشيخ مصطفي اليعقوبي أحد كبار مساعدي رجل الدين الشيعي الشاب مقتدي الصدر من منزله في مدينة النجف مساء يوم السبت الماضي بحجة أنه سبق أن شارك في اغتيال رجل الدين الشيعي المعتدل عبد المجيد الخوئي في أبريل الماضي فإن هذا الحدث لن يكون سوي القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون.
والمواجهات التي تفجرت بقوة يوم الأحد الماضي أحدث حلقة في سلسلة الاخطاء الكبيرة التي ارتكبها السفير بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق منذ وصوله إلي بغداد في منتصف العام الماضي تقريباً، وادت إلي انقلاب معظم انصار أمريكا عليها سواء في داخل العراق أو خارجه، كما أدت إلي انفلات أمني واضح ازداد حدة عما كان عليه قبل أن يتولي بريمر منصبه خلفاً للجنرال المتقاعد جاي جارنر. وكان الخطأ الأول للسفير بريمر ذلك القرار الذي اتخذه علي مسئوليته الشخصية بعد اسابيع من وصوله بحل وزارات الدفاع والداخلية والإعلام وتسريح العاملين بها، وحرمانهم من رواتبهم، وهو ما أدي إلي ظهور 400 الف عاطل عن العمل يجيد معظمهم استخدام السلاح، وبالتالي انقلب الكثيرون منهم علي قوات الاحتلال، وانضموا لصفوف المقاومة.
وارتكب السفير بريمر الخطأ الكبير الثاني عندما رفض مطالب الاغلبية الشيعية بعدم إقرار الدستور العراقي المؤقت والمعروف باسم قانون إدارة الدولة بشكله الحالي وأجبر اعضاء مجلس الحكم الانتقالي بالتوقيع عليه رغم أن خمسة منه كانوا قد رفضوا علناً هذا الدستور لما فيه من بنود اعتبرها معظم العراقيين كفيلة بتفتيت وحدة البلاد، وتمهد لقيام دولة انفصالية كردية في شمال البلاد.
والخطأ الكبير الثالث الذي ارتكبه السفير بريمر هو إصراره علي تجاهل مطالب آية الله علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلي في العراق بعدم تسليم السلطة في البلاد إلا إلي حكومة عراقية منتخبة، حيث أخذ الحاكم المدني الأمريكي يتفنن في إضاعة الوقت، وعندما اقترب الموعد الذي حددته الإدارة الأمريكية لتسليم السلطة للعراقيين، وهو 30 يونيو المقبل قام بمسرحية شكلية لاشراك الأمم المتحدة في المفاوضات مع السيستاني بهدف إقناعه باستحالة إجراء الانتخابات العامة العراقية خلال الوقت المتبقي، ورغم تسليم المرجع الشيعي بالأمر في نهاية المطاف بشرط إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي إلا أن بريمر رفض هذا المطلب الجديد أيضاً.
وبدهاء رجل المخابرات حاول السفير بريمر اللعب علي التناقضات التي يزخر بها المجتمع العراقي، ولكنه لم يكن ماهراً أيضاً في هذا الخصوص فبدلاً من أن يحاول استمالة الاغلبية الشيعية التي يشكل افرادها ما يقرب من 65% من تعداد الشعب العراقي اغدق في العطاء علي الاكراد فمنحهم امتيازات في تشكيل مجلس الحكم والحكومة المؤقتة والدستور أثارت حفيظة بقية الطوائف الأخري من شيعة وسنة وتركمان.
ولعب بريمر علي التناقضات داخل الطائفة الشيعية أيضاً فتجاهل التيار الصدري واسع الانتشار، والذي يقوده الزعيم الشاب مقتدي الصدر، وفي المقابل حاول علناً استمالة آية الله علي السيستاني، وهذا برغم أنه لم يعطه شيئاً تقريباً، وإنما اقتصرت استمالته له علي محاولة التحاور معه فقط.
والمواجهات الأخيرة فجرها خطأ آخر لمسئول مكافحة الإرهاب السابق في الخارجية الأمريكية السفير بريمر الذي أمر القوات الأمريكية باعتقال رجل الدين الشيعي الشيخ مصطفي اليعقوبي مساعد مقتدي الصدر من مكتبه في مدينة النجف الاشرف رغم أن انصار الصدر كانوا انذاك مشحونين يتظاهرون في بغداد والنجف وغيرهما احتجاجاً علي قرار سابق لبريمر باغلاق صحيفة "الحوزة" التي يصدرها الصدر بحجة أنها تحرض علي قوات الاحتلال والخطأ الأكبر الذي ارتكبته قوات الاحتلال متعددة الجنسيات المعروفة بأسم قوات التحالف هذه المرة يتمثل في اساءة اختيار توقيت اعتقال مصطفي اليعقوبي، والافراط في استخدام القوة ضد المدنيين حيث استخدمت طائرات الهليكوبتر والعربات المدرعة في التصدي لمظاهرات الاحتجاج علي اعتقال اليعقوبي، والتي كانت سلمية في بدايتها.
كما أن الأمريكيين وضعوا حلفاءهم الاسبان والسلفا دوريين، وغيرهم في مأزق كبير عندما قاموا باعتقال اليعقوبي بقوة ارسلوها خصيصاً لهذا الغرض من بغداد دون أن يعلنوا ذلك مما حدا بالشيعة في جنوب العراق للظن بأن الذين نفذوا العملية هم الاسبان فينقلبون عليهم. وفي خطوة تكشف مدي اندفاع السفير بريمر أعلن أن مقتدي الصدر ورفاقه رجال خارجون عن القانون، وهو ما يعني مباشرة أنه اصبح مستهدفاً من الأمريكيين، وبالتالي وضعه في مأزق لاخيار فيه سوي مواصلة القتال حتي النهاية، وجاءت خطوة بريمر بينما كان بعض المعتدلين من الشيعة، واعضاء مجلس الحكم الانتقالي يحاولون دفع مقتدي الصدر إلي التهدئة، والبحث عن حل وسط.،
وفي تصرف آخر يدل علي الاندفاع أيضاً والحماقة السياسية اقدم السفير بريمر علي ارسال عشرات الالاف من الجنود لاقتحام مدينتي الفلوجة والرمادي اللتين تعدان من معاقل المقاومة السنية، وذلك بينما كان جنوده يشتبكون مع الشيعة في بغداد والنجف والعمارة البصرة، كأنه اراد تأليب الجميع علي الاحتلال، ودفع الشيعة والسنة للتحالف ضد الوجود الأمريكي في العراق.
وإذا كانت الحجة التي ساقتها القوات الأمريكية لمحاصرة ومحاولة اقتحام الفلوجة هي البحث عن الاشخاص الذين قتلوا اربعة عناصر أمن أمريكيين الاسبوع الماضي، ومثلوا بجثث اثنين منهم فإن الافراط في استخدام القوة في هذه العملية ايضاً وتوقيتها من شأنه ان يؤدي إلي نتائج عكسية.
وفيما يتعلق بالمواجهات مع انصار مقتدي الصدر فالواضح الآن أن كل شيعة العراق اصبحوا من انصار الصدر فإن الشاب الذي لايتجاوز عمره ثلاثين عاماً استطاع اجتذاب الشباب الشيعي الذي مل من زعمائه التقليديين الذين التزموا الصمت ربما عملاً بمبدأ التقية الشيعي، ولم يحرك أحدهم ساكناً في مواجهة الاحتلال متعدد الجنسيات لبلاده وتبرز الشعارات التي رفعها انصار الصدر في مظاهراتهم في بغداد والنجف والعمارة والبصرة خلال اليومين الماضيين حقيقة واضحة هي أن مقتدي الصدر، ودعواته للتصدي للاحتلال، وتشكيل مجلس حكم جديد يمثل العراقيين تمثيلاً حقيقياً ولايضم أمريكيين واوروبيين يحملون أسماء عراقية كما هو الحال في المجلس العراقي قد اجتذبت الشبان الشيعة المعدمين والبائسين واليائسين فالتفوا حوله لدرجة التقديس حتي ان بعضهم رفع شعارات تقول "عذراً ياعلي.. مقتدي هو الولي" وهو مايعني انهم اصبحوا يضعونه في مرتبة تفوق مرتبة الأمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه.
وتنذر تطورات الأمور خلال اليومين الماضيين وقوة المواجهة الشيعية لقوات الاحتلال بصيف ساخن قد يكون الأخير للأمريكيين وحلفائهم في العراق فبعد ان ثار الشيعة، وهي ثورة لانعتقد أنها ستخمد تماماً، وإن هدأت بعض الشيء فالمتوقع ان تبادر دول التحالف الأخري لمن لاناقة لها ولا جمل في العراق بالاعلان عن انسحابها مثلما حدث مع أسبانيا ونيوزيلاندا في الاسابيع الماضية.
وخلاصة القول هي انه اذا كان رفض السنة وحدهم للاحتلال كلف الولايات المتحدة حياة 600 من جنودها علاوة علي 100 من جنود الدول المتحالفة معها فإن هذا الرقم مرشح للتضاعف الآن وبقوة بعد أن تسبب غباء وغرور سفير مكافحة الإرهاب في انقلاب الشيعة ايضاً علي هذا الاحتلال، وبالتالي اصبح عمره في العراق قصيراًَ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.