فوجيء امين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسي بان مذيعة في قناة المنار اللبنانية ترفض مصافحته لانها "لا تسلم باليد!" كان عمرو موسي الذي يحمل هذه المرحلة فوق كتفيه من الهموم والاحباطات العربية ما تنوء به الجبال يمد يده مصافحا جميع الصحفيين والمراسلين وغيرهم من المحتشدين حوله في دمشق لالتقاط اية كلمة منه يمكن ان تفيد في عملهم، لكن سلوك فتاة المنار يحمل دلالات تحتاج الي تفسير وربما الي تحليل.. منها علي سبيل المثال: اذا كانت الفتاة تعتبر ان مصافحة اي رجل من المحرمات فهل يعني ذلك ان كل الرجال في جميع انحاء الارض وبمختلف اعمارهم ومستوياتهم العلمية وتحصيلهم الدراسي وثقافتهم وحتي خلقهم وملامحهم وهيئاتهم العامة واجناسهم ومعتقداتهم واخلاقهم، سواء بسواء.. أليس هناك ادني اختلاف بين رجل واخر؟ اما السؤال الثاني فهو عما بات يسكن العقل "الاسلامي والعربي".. فهل يا تري اصبح "الجنس" يحتل 99،99% من حيز هذا العقل؟ هل اختزلنا كل مشاكلنا ومآسينا وضياع اوطاننا وهوان رجالنا الذين يزعجنا ان نراهم يبكون ويذرفون الدموع عجزا وقلة حيلة حتي عن حماية اطفالهم، في ان هذا الرجل العربي والمسلم، المهزوم او المقهور او الثائر او المتمرد الشهم او الجبان الشاب او الطاعن في السن هو فقط وفقط فقط، مجرد الطرف الاخر في علاقة جنسية؟ ولماذا "حذفت" فتاة المنار كل ما في عمرو موسي وحصرت رؤيتها له في انه "رجل بالمعني البيولوجي" بغض النظر عن تاريخه وسجله الدبلوماسي ومكانته وعمق رؤيته ومسئولياته السياسية الوطنية والقومية. كما تثير حادثة فتاة المنار سؤالا ربما كان محرجا لكنني اعتمد علي مبدأ انه لا حياء في الدين كما انني اؤمن بان فوق كل ذي علم عليم ومن ثم فانا مستعدة لان يبصرني من لديه الجواب علي سؤالي وهو: أليس للحظات الوفاق بين حبيبين او لحظات التوافق الجنسي بينهما، شروط خاصة منها توفر ظروف معينة، تسمح بان ينطلق الخيال الي رحاب واسع من الاحلام او الرغبات؟ فهل يعقل مثلا ان تقتحم الرغبة الجنسية روح امرأة او رجل وسط حشود من الناس وفي مكان عام وفي وضح النهار، ناهيك عن ظرف قمة دمشق الذي ايقظ ابناء الامة العربية علي كابوس خلافات القادة وضغوط القوي الاجنبية وكثرة المتحدثين باسم العرب ومصالحهم بكل اللغات باستثناء اللغة العربية فهل خشيت فتاة المنار ان تصافح عمرو موسي فيحدث ما لا تحمد عقباه؟ وهل طاف بخيالها ان عمرو موسي قادر علي اقامة علاقات "محرمة!" مع كل النساء والفتيات اللاتي يصافحهن يوميا؟.. وهل يدخل في عداد ما تؤمن به فتاة المنار وجود علاقات- بين رجل وامرأة- تبدأ من الاخوة مرورا بالصداقة وانتهاء بالابوة او البنوة؟ ومرة اخري.. هل للرجل في مفهوم فتاة المنار اية وظيفة خارج وظيفته البيولوجية؟ أليس في تصرف فتاة المنار وكل فتاة منار ما يحط من قدر الانسان المسلم رجلا كان او امرأة؟ وهل يعتبر "القفاز" اكثر قدرة علي صون العفاف والوقاية من ارتكاب "الفعل الفاضح" في الاماكن العامة، شارع، بيت، سينما، مسرح الخ، من العقل والقلب والارادة؟ العقل عندما يدرك ان ممارسة الجنس او حتي تبادل القبلات يستحيل حدوثه وسط حشود الناس والقلب عندما يوصد ابواب الحب والغزل وكل توابعهما اذا كان "مشغولا" بساكن معين او حتي اذا كان خاليا وحتي يعثر علي توأم الروح، فمن غير المتصور ان يخفق القلب لكل من اختلف معه في الجنس.. اما الارادة فهي الشرط الذي لا غني عنه لتطويع النفس الامارة بالسوء.. فبالإرادة.. نصوم عن الطعام لساعات طوال ونهذب النفس حتي لا تنجرف الي المغريات بالثراء الحرام مثلا او نفاق المجتمع او السلطة لمجرد توقي او اتقاء شر اي قادر علي الحاق الضرر بها، ان الارادة الحقيقية تهزم الجبال وتنتصر علي كل العقبات والمصاعب فما بالك بمصافحة عمرو موسي وسط عشرات وربما مئات المصافحين والساعين الي اخذ تصريح منه.. واستطرد في "الفضفضة" بما في قلبي وعقلي لاسأل: أليس مسيئا.. بل مهينا لنا- ان نقول نحن ونؤكد للعالم الخارجي ان الرجل العربي او المسلم "وحش لا يؤمن جانبه" الي درجة.. ان المرأة "تتسلح" في مواجهته بعدم لمسه ولو بالمصافحة.. واضيف: اننا نقول ونؤكد ايضا.. ان المرأة العربية والمسلمة تحتاج الي ارتداء "مدرعات" تساعدها علي الاحتفاظ بمظهرها الانساني، وهي تتواجد بحكم عملها في نفس مكان تواجد رجل او رجال؟ وكأنه لولا عدم المصافحة وارتداء "القفاز" ل....؟! ليتني افهم سر هذا التغير العجيب الذي طرأ علي دولنا في نفس توقيت الحرب الامريكية منذ الاتحاد السوفيتي السابق في افغانستان بالوكالة طبعا، حيث جيشت الشباب المسلم، بتواطؤ بعض الحكام في العالم العربي والاسلامي وقدمته قربانا علي مذبح اطماعها بالانفراد بالسيطرة علي العالم واستغلال كل هذه الضبابية في اختلاط الاولويات- اذ كنا نتطوع لتحرير افغانستان قبل تحرير فلسطين؟- فقامت الاجهزة الاستخباراتية والمتخصصون في العلوم النفسية وغيرهم برسم "نمط" للمسلم او المسلمة انتشر في المنطقة كانتشار النار في الهشيم وانجرف بنا بعيدا عن القضايا الحقيقية لنغرق في بحور من التخلف والتزمت وانعدام الرحمة والتراحم وهو ما تدل عليه صفحة واحدة من الحوادث في يوم واحد والاقتتال حول قضايا سطحية وكأننا في بيزنطة.. والجدل حول جيش الملائكة.. اقصد.. جيش الشياطين!!