رغم مرور أربعين عاماً علي النكسة فلا تزال قنوات التليفزيون المصرية والعربية تخصص ساعات طويلة من إرسالها عن هذه المناسبة الحزينة .. عشرات الأفلام التسجيلية والبرامج المأساوية والتحليلات الاستراتيجية تعرض في مختلف القنوات وبعضها مسجل منذ سنوات ولا شك أن اكتساب العبرة هو أحد الدوافع الإيجابية لعرض مثل هذه المواد، لكن الأمر المثير للدهشة هو أن المواد التي عرضت خلال السنوات الأخيرة لم تقدم أي جديد من حيث المعلومات أو التناول مما أصاب المشاهد والمراقب بالممل.. إن هزيمة مصر في حرب يونيو 97 لم تكن هي الهزيمة الوحيدة التي منيت بها بلد أو أمة، فقد تعرض كثير من البلاد إلي هزائم وانكسارات عديدة استفادت منها في الانطلاق إلي افاق المستقبل بعد دراسة كل السلبيات التي كانت وراء هذه الهزيمة أو تلك، ولا يستطيع أي منصف أن ينكر أن مصر قد استفادت من هزيمة 67 وسلبيات ما حدث بها لتحقق نصر أكتوبر 73،ولتسود روح الفخر مشاعر المصريين والعرب حتي اليوم. لقد تعجبت كثيراً من قرار مجلس الجامعة العربية والبرلمان العربي بالمطالبة بإحياء ذكري 5 يونيو وارتداء ملابس الحداد (!!) .. ولا أعرف من بالتحديد كان وراء هذا الاقتراح العبقري الذي أراد به أن يعيدنا بشكل مأساوي إلي ذكريات حزينة، وأن تتشح ملابسنا بالسواد وقلوبنا بالألم .. وهنا أسجل تقديري للدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الذي رفض القرار (العبقري) معلنا أن الشعوب تحتفل بأيام الانتصارات وليس بإحياء الهزائم ..وأطالب كل من يعنيه الأمر بأن نغلق ملف هزيمة 67 إلا قليلاً، وأن تنتهي مظاهر إحيائه والا ، وبمناسبة الحديث عن الدكتور فتحي سرور.. لا أعرف لماذا غضب البعض من غضبته عندما صرح بأن مجلس الشعب له أنياب ومخالب وأنه سيتخذ موقفاً حازماً تجاه غياب الوزراء المختصين عن الحضور بمناقشة القضايا المختلفة التي يثيرها المجلس، ،والذي اعتبره إهانة للبرلمان يرفضها باسمه وباسم المجلس.. وفي غضبة الدكتور سرور التي اراها منطقية جاء سؤاله المرير: كيف تناقش الموازنة دون أن يحضر وزير المالية مبكرا بل إنه لا يواظب علي البقاء في الجلسة إلي نهايتها؟! .. وكان تأكيد سرور حازماً بأن كرامة المجلس من كرامة الشعب مطالباً الحكومة بالأ تستهزئ بكرامة هذا الشعب .. ويبدو أن الدكتور سرور الذي يتسم بالخبرة والحكمة والصبر قد فاض به الكيل بعد تكرار غياب الوزراء عن الجلسات خاصة تلك التي تناقش قضايا تتعلق بمسئولياتهم .. وأعتقد أن الوزراء فقدوا الحماس في متابعة واجباتهم ودورهم أمام البرلمان، الأمر الذي يتمثل في كثرة الغيابات وانشغال الوزراء بالتوقيع علي طلبات النواب أثناء انعقاد الجلسات، وهو أمر معيب لا يشهده برلمان من برلمانات العالم، ناهيك عن الصور التي تنشرها الصحف للسادة الوزراء أثناء مناقشة قضايا حيوية، وهم يتسامرون أو يقزقزون اللب ويتناولون الحلوي والمسليات ويتحدثون في التليفون، بل إن بعض الصور ترصدهم وهم يتثاءبون، كل ذلك وغيره من سلوك الوزراء يفتح ملف مسئولية الوزير أمام البرلمان، وطبيعة العلاقة بينهما، كما يطرح سؤالا مهماً حول ما يمكن ان يتخذه رئيس المجلس مع من يتقاعس من الوزراء في أداء واجباته تجاه البرلمان الذي يضم نواب الأمة، وما هي طبيعة الأنياب والمخالب التي عبر عنها رئيس المجلس وكيف سيستخدمها مع الوزراء؟! .. كما أن خلو القاعة من النواب سواء بالغياب أو بالانصراف المبكر أثناء مناقشة قضايا غاية في الأهمية أمر يحتاج إلي كثير من المخالب والأنياب وكثير من حسم رئيس المجلس الذي أشعرتني غضبته ببداية مرحلة من الانضباط أرجو أن تتم سواء للحكومة أو للنواب ذاتهم .. وبهذه المناسبة أذكر د. فتحي سرور بأنه طال انتظار المواطنين لمناقشة قانون المرور الجديد، وكذلك قانون اتحاد الشاغلين اللذين يبدو أنهما قد تاها في سراديب المجلس واستقر في زاوية النسيان ولا أقول الإهمال. وإذا كان المجلس قد تجاهل طوال الفترة الطويلة الماضية مناقشة هذين القانونين، فإن الجماهير ستظل تطالب بمناقشتهما مهما طال الزمن. والله من وراء القصد