ماذا تريد أمريكا بالضبط بعد أن أصبحت أقوي دولة في العالم. وقد تعددت اتجاهاتها وتصرفاتها للسيطرة علي مقدرات الشعوب بل تخطي الأمر ذلك كله إلي هدم ثقافات لتحل محلها ثقافات تناسبها غالبا ما تفتقد خطوطها العدالة الإنسانية وتطور الأمر إلي إفراز فكر أصولي جديد تنهل منه عقول الأجيال الأمريكيةالجديدة من الأطفال. وقد أخرج العقل الأمريكي أخيرا فيلما تسجيليا اسمه "معسكر المسيح" وقد عرض في سبتمبر من هذا العام بأمريكا مثيرا جدلا قويا بين المفكرين الليبراليين العلمانيين وبين اليمين المحافظ. وتتلخص قصة هذا الفيلم في مجموعة من الأطفال يجمعهم معسكر صيفي ويتم تجنيدهم وتلقينهم ليكونوا في حالة مهيأة ليصبحوا حملة الراية المسيحية فيكونوا جنودا في جيش بوش الذي يصفه الفيلم بأنه جيش الرب ويصنف الفيلم البشر إلي مجموعتين الأولي تؤمن بالحقيقة وتملكها من خلال كونها مسيحية والمجموعة الثانية مطلوب القضاء عليها لكفرها ويتضح لنا من ذلك احتقار مادة الفيلم للثقافة العلمانية والليبرالية السائدة وعدم التعامل من خلالها في جرأة شديدة للأصولية الجديدة التي الصقوها خطأ بالمسيحية في اصطلاح أطلقوا عليه المسيحية الصهيونية رغم أن المسيحية شيء والصهيونية شيء آخر تماما كما أطلق علي حروب الفرنجة في الشرق الحروب الصليبية والصليب منها براء. وإذا عدنا لمؤامرة المصالح المتشابكة نجد أن المصالح المشتركة بين الصهيونية واليمين المسيحي هي التي صاغت هذا المصطلح. ومن الذين يروجون للفكر الصهيوني الأمريكي الدكتور جيمس دوبسن مؤسس منظمة التركيز علي الأسرة وقد كان أستاذا لطب الأطفال ونال شهرة في أوساط المحافظين لما يمتلكه من فلسفة جديدة في أساليب تربية الأطفال وتنشئتهم كما يمتلك دوبسن علاقات قوية مع اليمين المسيحي. إلي جانب أنه بطريرك إيفانجيلكي وله أحاديث عديدة عبر أجهزة الإعلام الأمر الذي يحول المجتمع الأمريكي إلي وسط تنمو فيه الأصولية وروح التعصب. ولعل ما يحدث في باكستان وأفغانستان مع الأطفال الذين نشأوا تحت سيطرة التعليم الأصولي في مدارس دينية حيث عاشوا صباهم في تلقي فكر تعليمي واحد أبعدهم عن أهداف الحياة حيث التفاعل الاجتماعي والثقافي فدرسوا مادة الدين ولغة واحدة معها ولا يعرفون عن تاريخ العالم حولهم سوي تاريخ بلادهم فقط. فصارت الدوجماتية هي الصفة الغالبة والمسيطرة علي هؤلاء الأطفال بعد أن شبوا للحياة هذا بعينه ما يهدف إليه الفكر الجديد من خلال معسكر المسيح، ويقول دوبسون إنني أومن بشدة في وجوب تعريف الأطفال بقضاء الرب وغضبه فلم يرد بالكتاب المقدس ما يأمرنا بتخطي النصوص التي قد لا تسر في تعاليمنا. الخطيئة عاقبتها الموت ومن حق الأطفال أن يعوا تلك الحقيقة. ويعني بذلك أن خلاص الأطفال مهم جدا بالنسبة لهم ولابد أن يبدأوا حتي ولو كانوا لم يفهموا الغرض من ورائه الآن. كما أن إطلاق اسم معسكر المسيح علي قصة ابتدعها الأمريكان ليس في محله لأن المسيح له المجد قال مملكتي ليست من هذا العالم... فليس له معسكرات للقتال وما كان كذلك إبان رحلته السماوية علي الأرض.. إن ما تسعي إليه أمريكا سيدعم الجريمة في العالم وينشرها ضد أصحاب الشرائع السماوية أو حتي أصحاب العقائد السياسية والفكرية فعندما نعود للاطلاع علي الدستور الأمريكي نجده يفصل الدين عن الدولة ونسأل ما موقف الأصولية الجديدة من هذه الفقرة المهمة؟ لكن المشكلة أن اليمين المسيحي في أمريكا استولي علي مواقع عديدة حققت له العديد من القوة السياسية وثمة سؤال يلوح لنا هل تعليم أطفال أمريكا الأصولية هو الطريق الذي سينقذ أمريكا من خطاياها لتعود لحظيرة الإيمان فتردد مع السيد المسيح طوبي لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون"... أين هم من تعاليم دينهم وعلي العالم كله ألا يستهين بهذه الحركة الجديدة في أمريكا.