الرحمة والعدل والحب باقة من المشاعر والقيم الانسانية التي اوجدها الله في عقل وقلب الانسان ووجدانه لذلك كان لزاما علي البشر ان يتعاملوا بهذه المنح الالهية، فكثيرا ما يفقد العقل البشري هذه الصفات او يتجاهلها وهنا يقع ظلم الانسان علي اخيه الانسان وهذا ما حدث ويحدث في بعض قطاعات مجتمعنا وهنا تكون المعاناة وما الذي يفعله المظلوم تجاه الظالم ظالما الاخير، وتحت نير هذا الظلم حيث يصبح المظلوم تحت سطوة الظالم التي تصل غالبا الي انعدام القيم وموت الضمير. ليطيح بهذا المظلوم ان طالب بحقه وهناك من المظلومين من يأمل خيرا في العدالة فيبحث بطرق مختلفة عن حقه. ليجد ان كل السبل قد اوصدتها قوة الشيطان.. وتتحطم امنياته تحت مطرقة هؤلاء الذين ماتت ضمائرهم. فما اقساك ايها الانسان حينما تظلم اخاك وفي الحقيقة انت ستظلم نفسك فيما بعد في الحياة الابدية الاخري التي كان من واجبك ان تفترش الطريق اليها بزهور الحب والمعاملات الحسنة والصالحة. وكم من ابرياء راحوا ضحايا لاقدامهم في محاولة يائسة لكشف الفساد، كم من مخلصين محتهم لعنات هؤلاء الذين حظوا بالجبروت علي الارض وكان اخر الامثلة التي تصور اضطهاد شخص في عمله تلك الاسرة التي نشرت قصتها "الوطني اليوم" في جرأة عاقلة وحياد وطني. ورب هذه الاسرة هو المواطن الشريف محمد غنيم الذي لجأ للرئيس من خلال الجريدة فقد عاني ظلما شديدا لدي محاولته كشف الفساد في موقعه، وهنا لنا ان نتساءل الم يكن بمقدور محافظ المدينة مساعدة هذا المواطن والذي ذكر غنيم انه لجأ لكل الجهات هناك؟ وللاسف كم ضاع الشرفاء الصغار تحت عباءة الكبار والمحترفين والمجاملات للمصالح المشتركة، يا اهلي في وطني الحبيب.. يا اهلي من الكبار شجعوا الشرفاء والأنقياء في كل موقع ان يساعدوا علي كشف هذه السرطانات المدمرة في جسم المجتمع. انه الفساد ذلك الاخطبوط الرهيب الذي يأكل كل بنية شريفة كذلك مع تشجيعهم ايضا توفير وسائل حمايتهم من انياب المفترسين الذين ظهرت حقيقتهم حتي لا يفتكوا بهم فيما بعد وهناك فئة فضلت الصمت ثمنا لراحة البال والحفاظ علي وظائفهم خشية مواجهة الفساد حتي لا تتشرد اسرهم ويفصلوا من وظائفهم. فاحيانا يضيع صاحب النقاء ويصبح كبش فداء، وصورة اخري من الظلم حينما يقوم فرد باتخاذ اجراءات كلها تحد لما حوله ويفتخر انه مسنود من جهات عليا بما يمتلكه من علاقات في المجتمع ترسخ لديه الاحساس بالقوة والبطش علي من حوله ليحصل علي ما يريد وقد حدث هذا مع مجمع كنائس مصر القديمة حيث تقدم الاسقف هناك بتظلم من مواطن اعتدي علي مساحة من حرم الكنيسة لاستغلالها في عمل تجاري. ويساورني احساس بالحزن تجاه ما وصل اليه الانسان من شهوة الامتلاك والرغبة في التسلط غير عابئ بانسانية اخيه في الوطن، فلماذا لا يكون العدل صديقنا الذي نحميه ويحمينا وجاء بالكتاب المقدس "سفر اشعياء 26/:9" "عندما تسود احكامك في الارض يعرف اهلها العدل" لقد ساد العدل علي الارض والمأساة في الانسان الذي يرفض العدل.. ايها الانسان امامك الخير.. وايضا الشر فلماذا اخترت الشر..؟ والنفس البشرية لن يفيدها ذلك التلقين الاداري والشهادات التعليمية بقدر ما تفرزه من خلال تربيتها الروحية فالكوادر التي تقوم باعدادها الدولة لتحتل المواقع العامة هي في حاجة الي ان تكون كاملة النضج روحيا واخلاقيا فان لم يتغير الانسان من الداخل فسيكون خارجه هوية ساقطة وقد جاء بالقرآن الكريم "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم". لقد اصبح صناع العدالة في ورطة بكل مجتمع يخيم فيه الفساد ونحن نطلب الي كل اصحاب القلوب النقية ان يشدوا بازر كل ثوابت المجتمع التي ترسخ العدالة فعندما يتوفر العدل في المجتمع لا يلجأ المواطن للحاكم. وبالتأكيد ومن خلال ما لمسناه من اهتمام الرئيس مبارك بما يصله من استغاثات ولكن لدي احساس أكيد وعميق ان لسان حال الرئيس يقول: الم يكون بوسع هؤلاء الذين ظلموا اخوة لهم ان يرفعوا الظلم عنهم ويهبوهم الامان حتي يرفعوا صوت استغاثتهم؟ واخيرا يقول سيدنا سليمان الحكيم "فوق العالي عال والاعلي فوقهما يلاحظ" سفر الامثال.