كتب مكيافلي كتابا عنوانه "الامير" وهو قصة مضمونها مبدأ سياسي هو ان الغاية تبرر الوسيلة معني هذا ان عند السعي الي غاية مهمة او سامية فانه لا مانع من الوصول اليها عن طريق او طرق غير مشروعة او انسانية، مثلا ان مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد فلا مانع من اهدار مصلحته او حتي حياته من اجل مصلحة الجماعة. وقد تسلل هذا الفكر لافكار المسلمين حتي وقد صدرت فتاوي تبيح قتل الابرياء والمسلمين في معرض محاربة العدو باعتبار ان هذا ضرر لابد منه لامانع من تحمله لمحاربة العدو، ولننظر ان كان هذا الفكر له ما يؤيده او يعارضه في كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم فهما المرجعان الاساسيان في الحكم علي افعالنا ومبادئنا كمسلمين. ان الله تبارك وتعالي قد ارسي قاعدة وقانونا واضحا في الارض وهو "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" المائدة 32، الحكم في هذه الاية عام وشامل ليس فيه لبس او استثناء وقال تبارك وتعالي "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ" النساء 92. والقتل الخطأ لا حيلة للانسان فيه مثل حادث طريق اما ان يفعل الانسان شيئاً يعلم تماما انه يؤدي الي وفاة اخر او اخرين بدون ذنب منهم فهذا ذنب عظيم لا يبرره شيء او غرض او غاية فهذا قتل عمد قال فيه الله سبحانه وتعالي "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما" النساء 93. كل هذه النصوص القرآنية صريحة وواضحة وبدون استثناءات، ولا يوجد في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم انه استحل قتل مؤمن مسلم او غير مسلم بغير حد من حدود الله او باعتبار ان هناك مصلحة اعظم في قتله، ولنعلم ان الله تبارك وتعالي لم يجعل خيرا فيما حرم، ولو كان هناك استثناء لهذا التحريم لذكره الله سبحانه وتعالي في كتابه او علي لسان رسوله صلي الله عليه وسلم في مثل هذا الامر الخطير وخاصة ان الله سبحانه وتعالي قد ذكر الاستثناء في امور اقل مثل الطعام والشراب وفيهما الاضطرار استثناء للتحريم "إنما حرم عليكم الميته والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم" البقرة 113.