نترقب كشعوب عربية والتوجس يملأ قلوبنا ما تشهده الساحة الوطنية اللبنانية من احداث سريعة ومتلاحقة منذ اغتيال الحريري، ومايشاع من تعدد وجهات نظر القادة السياسيين بفضل الديمقراطية وحرية التعبير الذي يشتهر به لبنان، ومصدر توجسي هو ان الديمقراطية سلاح ذو حدين فقد تنفلت وتتحول الي فوضي تربك كيان الدولة. وبالرغم من مرور خمس عشر عاما علي انتهاء الحرب الاهلية فانني اعتقد انه لم تقم حكومة وطنية حقيقية وخالصة، بسبب تعدد الاطياف السياسية والمذهبية والحزبية، ينتمي كل طيف وحزب منها لدولة اخري خارج الوطن اللبناني فهناك من ينتمي لسوريا ومن ينتمي لايران ومن ينتمي لاسرائيل ومن ينتمي لامريكا.. وغيرها من الانتماءات وهو مايجعل الوضع السياسي في لبنان اشبه بالعراق الآن، وان كان ما يحدث من انقسام في الصف العراقي بفعل المذهبية بين سنة وشيعة وعرب وتركمان وغيرها، يمكن التماس الاعذار له خاصة في ظل الاحتلال الجاثم فوق انفاس الشعب العراقي، اما لبنان فوطن يتمتع بالحرية والاستقلال ومن ثم لايمكن التماس الاعذار امام انقسام طوائفه العرقية لانها من المفترض انها ذابت علي مدار السنين في جغرافية محددة وتحت سماء وقمر واحد، وكان اجدر باللبنانيين ان يفتخروا كما افتخر انا بالمقاومة اللبنانية الشريفة المتمثلة في حزب الله الذي حرر الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي. وامام الوضع المقلق في لبنان فان الحوار الوطني الجاري يمثل خطوة علي الطريق نحو انفراج الازمة باعتباره عملا لبنانيات خالصا لكن التحدي الاكبر امام هذا الحوار هو تحديد مصير الرئيس اميل لحود الذي يري البعض انه عميل لسوريا في حين البعض الاخر يري انه جاء بشكل دستوري، حيث تم التمديد له لمدة ثلاث سنوات ولذلك فانني اتصور ان المشكلة الرئيسية امام مستقبل لبنان هو وجود الرئيس لحود علي سدة الحكم حيث ان اغتيال الحريري وما تبع ذلك من تدويل للازمة اللبنانية والذي لم تنغمس يداه بالدماء جاء كنتيجة لعدم رضا الكثيرين عن التمديد للرئيس لحود. لذلك اعتقد ان لبنان يجب ان يكون الابقي من اي شخص في لبنان واذا كان وجود لحود يشكل رمزا للفرقة والطائفية فعليه ان يرحل ليبقي لبنان كما اتصور انه علي الواقفين في صف المعارضة ضد لحود، الا يرتمون في احضان المخصصات الدولية التي لن يكون هدفها يوما مصلحة الوطن اللبناني، ويبقي ان يتحمل كل زعيم مسئوليته تجاه لبنان في اطار البحث عن طريق ثالث يخرج لبنان من نفق الطائفية المظلم، لان عرقلة لبنان سوف تضر بالجميع وستدخله سلة التهميش. فالاجدي ان تبحث جميع الاطياف السياسية عن مستقبل لبنان الواحد الذي يضم الجميع تحت سمائه وترابه الوطني ويحتضن مختلف التوجهات السياسية مع السعي لعدم التصادم مع الجيران باعتبار ان العلاقات الدولية علاقات متشابكة ولاتستطيع دولة ان تعيش بمفردها. وتطل بارقة الامل في اجتماع اكثر من قائد لبناني تحت مظلة المجلس الوطني في 14 مارس، واتمني ان يؤدي ذلك الي ايجاد ارضية مشتركة بين الجميع لوضع سيناريو المستقبل الافضل للبنان الذي يحتاج اكثر من اي وقت مضي لوطنيين حقيقيين يحبون لبنان من اجل لبنان وليس من اجل مصالح شخصية.