في الوقت الذي تضطرم فيه الصراعات داخل المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل جراء الاخفاقات التي تبدت في الحرب، طفا علي السطح سؤال اسرائيلي واحد: هل انتصرنا أم هزمنا؟. وقد حاول رئيس الحكومة إيهود أولمرت وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو استخدام اقصي البلاغة لوصف ما حدث، غير أن كلمة النصر أو الانتصار غابت عن خطابيهما. أما قادة الجيش وزعماء السياسة، فبدا أن لا هم لهم سوي إخفاء حقيقة الخشية من نتائج لجنة التحقيق التي لن تمس الحكومة أو القادة الحاليين، وإنما ستصيب من سبقهم أيضا. ويري مراقبون سياسيون إسرائيليون أن الأزمة الداخلية التي تبدت في الحرب هي من الشمول بحيث لا يبالغ من يقول أنه سوف تكون لها نتائج الهزة الأرضية. فالأمر يتعلق بمجتمع وقيادة سياسية وبنية عسكرية لا تستطيع مواجهة أخطار لو كانت أشد من الخطر الذي يمثله حزب الله. وأنه رغم حماس الإسرائيليين للحرب فإن نتائجها كانت مذهلة: أظهر استطلاع جلوبوس سميث أن 52 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن الجيش لم يفلح في تحقيق أهدافه وأن 58 في المئة يعتقدون بأنه حقق قسطا يسيرا أو لم يحقق شيئا من أهدافه. وفقط 3 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أنه حقق أغلب أو كل أهدافه. وفي كل الأحوال توجد اليوم في المؤسسة الإسرائيلية مدرستان تجاه وقف النار: واحدة تري أنه ليس بوسع إسرائيل تحقيق إنجازات أكبر ولذلك ينبغي بذل كل جهد ممكن من أجل صيانة وقف النار وتثبيته، لكن الأيام القريبة المقبلة وما سيتبدي علي الأرض من حضور لحزب الله سيحسم الخلاف بين المدرستين. ومع ذلك فإن ما يسهل علي القيادة السياسية تحمل أثار وقف النار هو أن سماحها للقيادة العسكرية بتنفيذ مخططاتها دل علي أن العجز كان عسكريا أيضا. وقد تحدث وزير من حزب العمل حول أن الحكومة منحت الجيش المهلة التي طلبها والتفويض الذي أراده للوصول الي الليطاني ولكنه عجز بأربع فرق عسكرية عن تحقيق ذلك. وليس وقف النار هو من أوقف الزخم العسكري، وإنما الجمود علي الأرض. سيناريوهات محتملة وكان موقع يديعوت أحرنوت قد نشر، وفقا لمصدر عسكري، السيناريوهات التي يتوقعها الجيش الإسرائيلي وآثار ذلك المستقبلية. وتتلخص السيناريوهات المتوقعة في ثلاثة: وقف نار كلي وناجح، وقف نار جزئي، وفشل اتفاق وقف النار. ويشير السيناريو الأول، إلي سريان وقف النار وتوقف إطلاق الكاتيوشا وتقليص حوادث إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. وفي وضع كهذا ستخرج القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية بالتدريج حتي نهاية الأسبوع. وسيتم تسريح القوات الاحتياطية بالتدريج أيضا، ولكن الجيش سيبقي قوات كبيرة من جنود الخدمة النظامية علي الحدود لأسابيع مقبلة تحسبا لكل طارئ. ويتيح هذا الوضع للجيش الإسرائيلي إعادة تخطيط سياسة الفعل الإسرائيلي في لبنان لمنع تعاظم قوة حزب الله. وبحسب السياسة الجديدة، فإن الجيش الإسرائيلي سيفتح النار تجاه كل مسلح يقترب إلي مسافة كيلو متر واحد من السياج الحدودي، وذلك فضلا عن مواصلة هدم مواقع حزب الله. وحسب المصدر العسكري فإن ""هذه السياسة ستجعل من المتعذر اختطاف جندي أو قيام حزب الله بجمع معلومات استخبارية، ولكن من أجل الحيلولة دون وصولهم إلي ما وصلوا إليه من قوة عشية الحرب، ينبغي اتخاذ تدابير كثيرة أخري. أما السيناريو الثاني فهو أن وقف النار لن يحقق إلا الهدوء الجزئي علي الحدود وأنه بين حين وآخر ستنطلق صواريخ الكاتيوشا نحو إسرائيل، وستتطور معارك قاسية علي الأرض اللبنانية. ويتقرر في إسرائيل أن أحدا لا يريد الانسحاب والذيل بين الرجلين ويتمدد التواجد. ويوضح المصدر العسكري أن هذا يمكن أن يؤجل انتشار القوة الدولية. ولكن وضعا كهذا يوجب التفكير. فليست لدينا نية في السيطرة علي المنطقة، ولكننا نريد للاتفاق الذي تقرر في مجلس الأمن أن يتحقق علي الأرض. ويتمثل السيناريو الثالث في استمرار إطلاق النيران بعد سريان مفعول الاتفاق، أو بعد فترة هدوء تستمر لأيام. ولكن هذا الوضع رغم أنه يبدو سيئا فإنه يمنح الجيش الإسرائيلي الشرعية للرد بشدة كما يسمح لإسرائيل بالإعلان عن أنه جراء انتهاك الاتفاق لا تري نفسها ملزمة به. وتشير يديعوت إلي أن الجيش يمنح الفرصة للسيناريو الأول ولكن بكثير من الحذر. وفي التعليمات التي أصدرت للجيش تم التركيز علي عدم مهاجمة حزب الله، إلا في حالة التعرض للخطر.