تعاون مصرى روسى لتدريب متخصصين فى الطاقة النووية    ذبح 1643 أضحية بالمجان داخل مجازر كفر الشيخ    بتوزيع الهدايا للأطفال.. محافظ الأقصر يهنئ متحدي السرطان بعيد الأضحى    منظمة الأغذية: مصر تنتج 413 ألف طن لحوم أبقار سنويًا    فسحة ب 5 جنيه.. زحام شديد بحدائق القناطر الخيرية في ثاني أيام عيد الأضحى (صور)    9 سيارات كسح لشفط المياه.. استمرار العمل على إصلاح كسر خط رئيسي بأسيوط    جهاد الحرازين: مصر تضغط بكل الوسائل المتاحة لحقن دماء الشعب الفلسطيني    الحوثيين: 5 غارات أمريكية بريطانية تستهدف مطار الحديدة غرب اليمن    تعادل إيجابي بين الإسماعيلي وإنبي في الشوط الأول    اللغة العربية تفرض «معسكرًا مغلقًا» على طلاب الثانوية خلال العيد    مصدر أمني يكشف حقيقة تغيب سيدتين بالمشاعر المقدسة    ذكرى رحيل إمام الدعاة    محمود الليثي يدخل في نوبة بكاء في بث مباشر    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    3.4 مليون خدمة لمنتفعي التأمين الصحي الشامل بالإسماعيلية    أطعمة تقضي على رائحة الفم الكريهة سريعًا.. تعرف عليها    أيمن الرقب يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    ستولتنبرج: نصف الإنفاق الدفاعي في الاتحاد الأوروبي يذهب إلى الولايات المتحدة    بترا: الأردن يثمن تنظيم مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا ويرفض الانضمام للبيان الختامى    رئيس وزراء الهند يهنئ الرئيس السيسي: عيد الأضحى يذكر بقيم التضحية والرحمة    ثاني أيام عيد الأضحى.. استمرار انقطاع المياه بالفيوم    «حياة كريمة» تتكفل برعاية بائع غزل البنات وأسرته.. ودعمه بمشروع تمكين اقتصادي    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    البابا تواضروس يستقبل عددًا من الأساقفة    «حصريات المصري».. تحرك عاجل بشأن الشيبي.. 3 صفقات في الزمالك وحقيقة مشاجرة «ناصر وزيزو»    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    لبيك اللهم لبيك    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    «رجل قسيس».. سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن أول أدوارها وسبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    عيار 21 يسحل 3140 جنيها.. أسعار الذهب في محال الصاغة اليوم    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    بيلينجهام: ألعب بلا خوف مع إنجلترا.. وعانينا أمام صربيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تدمير العراق وفلسطين.. لماذا جاء الدور علي لبنان؟
نشر في نهضة مصر يوم 09 - 08 - 2006

البعض في واشنطن وتل أبيب مبتهج بالعمليات العسكرية الجارية في الشرق الأوسط خاصة بعد التعبير الذي أطلقته كونداليزا رايس بأن آلام لبنان ستؤدي إلي "الميلاد العسير لشرق أوسط جديد". بالنسبة لمنظِّري "الفوضي البنّاءة" يجب سفك الدماء من أجل الوصول إلي نظام جديد في هذه المنطقة الغنية بالنفط، ولهذا جاء هجوم قوات تساهال ضد لبنان الذي تم التخطيط له منذ زمن طويل، ويتم الإشراف عليه من وزارة الدفاع الأمريكية.
خلال مؤتمرها الصحفي في وزارة الخارجية في الحادي والعشرين من يوليو 2006، سُئِلَت كونداليزا رايس عن المبادرات التي تعتزم أخذها معها لإحلال السلام في لبنان. أجابت: "ليس لدي اهتمام بالدبلوماسية من أجل إعادة لبنان وإسرائيل إلي الوضع السابق... أعتقد أن مثل هذا سيكون خطأً... ما نراه هنا، بمعني من المعاني، هو تطوّر الولادة العسيرة لشرق أوسط جديد، وأياً كان ما نقوم به، يجب أن نكون علي يقين من أننا ندفع نحو شرق أوسط جديد لن يؤدي إلي القديم". هناك رؤية من واشنطن تؤكِّد أن ما يحدث اليوم في لبنان لا علاقة له بأي شكلٍ من الأشكال باستعادة الجنديين اللذين أسرهما حزب الله. اللب الجوهري في الهجوم تنفيذ نظرية "الفوضي البنّاءة" التي تمت رعايتها وتغذيتها من أمدٍ طويل.
وطبقاً لما ذكره المتخصّصون بفكر الفيلسوف ليو شتراوس، الذي يعد أحد أكبر أساطين "المحافظين الجُدد"، فالسلطة الحقيقية لا يمكن ممارستها إذا ما بقي المرء في حالة ثبات، أو حافظ علي الوضع الراهن، بل علي العكس، ينبغي العمل علي تدمير كل أشكال المقاومة. الفكرة باختصار: إغراق الجماهير بالفوضي كي تتمكن الصفوة من ضمان استقرار وضعها. أيضا، حسب رأي الخبراء بفكر ليو شتراوس، بهذا العنف فقط يمكن أن تندمج المصالح الاستعمارية للولايات المتحدة مع المصالح الاستعمارية للدولة العبرية.
تفكيك لبنان
الإرادة الإسرائيلية التي نشاهدها الآن لتفكيك لبنان، وإنشاء دولة مسيحية صغيرة بدلاً منه مع ضم جزء من أراضيه، ليست جديدة. لقد أعلن هذا ديفيد بن جوريون عام 1957 في رسالة شهيرة نشرت كملحق في مذكراته التي صدرت بعد وفاته. لقد أضيفت فكرته هذه إلي مشروع استعماري واسع للشرق الأوسط كتب عام 1996 تحت عنوان: "كسر نظيف: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة (إسرائيل)". تلك الوثيقة، التي كتبتها مجموعة من مفكري المحافظين الجدد (IASPS) قد هيئت من قبل فريق من الخبراء جمعهم ريتشارد بيرل ثم أعطيت لبنيامين نتنياهو. باختصار إنها تمثل أفكار وأطروحات الصهيوني فلاديمير جابوتينسكي. تدعو الوثيقة إلي:
إلغاء اتفاقيات أوسلو للسلام.
القضاء علي ياسر عرفات.
ضم الأراضي الفلسطينية.
الإطاحة بصدام حسين لزعزعة استقرار سوريا ولبنان في سلسلة من الأحداث.
تفكيك العراق وإقامة دولة فلسطينية علي أراضيه.
استخدام إسرائيل كقاعدة تكميلية لبرنامج حرب النجوم الأمريكي.
ثم جاءت محتويات هذه الوثيقة في الخطاب الذي ألقاه بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي في اليوم التالي لاستلامه لها. جميع عناصر الوضع الحالي في الشرق الأوسط موجودة هناك في تلك الوثيقة بما فيها المطالب بضم القدس الشرقية.
هذا الرأي يلتقي مع موقف الإدارة الأمريكية المُتمثِّل بالسيطرة علي المناطق الغنية بالنفط التي حددها زكينيف برزيزينسكي، وبرنارد لويس باسم "قوس الأزمة". بمعني آخر القوس الممتد من خليج غينيا إلي بحر قزوين المار بالخليج، يتطلب إعادة تعريف للحدود والدول والنظم السياسية: "إعادة تشكيل الشرق الأوسط الكبير"، إذا ما أردنا استخدام تعبير جورج دبليو بوش.
هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي تدّعي الآنسة رايس أنها القابلة المأذونة التي تتولي شؤون مراقبة ولادته العسيرة.
الفكرة بسيطة: استبدال الدول الموروثة عن انهيار الإمبراطورية العثمانية بكيانات أصغر تتسم بأحادية الطابع العرقي، وتحييد هذه الدويلات بجعل كل واحدة منها ضد الأخري علي نحو مستمر. بعبارة أخري، الفكرة تتضمن إعادة العمل بالاتفاقيات السرية المبرمة عام 1916 بين الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية، اتفاقيات سايكس - بيكو، وإقامة سيطرة أنجلو ساكسونية مُطلقة علي المنطقة. لكن من أجل تحديد الدول الجديدة، لا بد أولاً من تدمير الدول القائمة. هذا ما تقوم به إدارة بوش وحلفاؤها منذ 5 سنوات بحماس لا نظير له مِن قِبَل السَحَرة المبتدئين في تعلّم المِهنة. لنحكم علي النتائج:
الأراضي الفلسطينية المحتلة قُلِّصَت بنسبه 7%.
قطاع غزة والضفة الغربية مفصولان بجدار. السلطة الفلسطينية دُمِّرَت، وزراؤها ونوابها خُطِفوا وسُجِنوا.
أمرت الأمم المتحدة بنزع سلاح لبنان، وطرد القوات السورية، وحل حزب الله. رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري اغتيل واختفي معه النفوذ الفرنسي. البنية الاقتصادية للبلد دُمِّرَت تدميراً تاماً، وأكثر من 500.000 لاجئ إضافي يجولون المنطقة.
ديكتاتورية صدام حسين في العراق استُبدِلَت بنظام أشد قسوة ووحشية بات مسؤولاً عن أكثر من 3000 قتيل شهريا. البلد في فوضي عارمة وهو علي حافة التمزق إلي ثلاثة كيانات مستقلة.
إمارة طالبان الزائفة فُسِحَ لها الطريق لتتحول إلي ديمقراطية زائفة تحت حكم أشد ظلامية في تفسير الشريعة، مع إضافة الخشخاش للديمقراطية الجديدة كأحد معالم الثقافة. كأمر واقع، أفغانستان قُسِّمَت أصلاً بين مختلف أمراء الحرب، والقتال يتَّسِع وينتشر. لقد تخلّت الحكومة المركزية عن سعيها أن تكون مُطاعة حتي في العاصمة.
في واشنطن، يكاد تلاميذ ليو شتراوس يفقدون صبرهم بتعميم الفوضي إلي السودان وسوريا وإيران.
مشروع تدمير لبنان
في هذه المرحلة الانتقالية، لم يعد أحد يتحدث عن "ديمقراطية السوق"، إنما عن الدماء والدموع فقط.
جاك شيراك الذي أراد أن يتدخّل في لبنان للدفاع عن المصالح الفرنسية، قام بإرسال رئيس وزرائه، دومينيك دو فيلبان إلي هناك، لكنه اضطُرَّ للتخلي عن طموحه: فخلال قمة مجموعة الثماني في سان بطرسبورج، حرمه جورج دبليو بوش من ذلك الطموح بالقول: هذه ليست عملية إسرائيلية وافقت عليها الولايات المتحدة، لكنها عملية للولايات المتحدة نفذتها إسرائيل.
وهكذا لم يكُن لدي دو فيلبان شيئاً يقوله لمحاوريه في بيروت سوي كلمات عاجزة.
بعبارة أدق، مشروع تدمير لبنان قد قُدِّمَ من تساهال إلي إدارة بوش قبل العام الماضي بقليل، طبقاً لما أفادت به سان فرانسيسكو كرونيكل. لقد كان الهجوم جوهر مناقشات سياسية جرت في المنتدي العالمي السنوي الذي نظَّمه معهد أمريكان إنتربريز إنستتيوت، في السابع عشر والثامن عشر من يونيو 2006 ببلدة بيفر كريك. لقد اجتمع بنيامين نتنياهو وديك تشيني مطولا مع ريتشارد بيرل وناتان شارانسكي لإعداد خطة الهجوم. وبعد بضعة أيام مُنِحَ الضوء الأخضر من البيت الأبيض.
وزارة الدفاع الأمريكية هي التي تشرف علي عمليات تساهال العسكرية، وهي التي تُحدِّد الأسس الاستراتيجية واختيار الأهداف. الدور الرئيسي يلعبه الجنرال بانتز كرادوك بصفته قائداً عاماً للقيادة الجنوبية. ومثلما ظهر خلال عملية عاصفة الصحراء، وقيادته القوات البرية التابعة لحلف شمال الأطلسي في كوسوفو، فإن كرادوك هو اختصاصي بالمدرعات. وهو الرجل الذي يحظي بثقة دونالد رامسفيلد وقد كان رئيساً لفريق مستشاريه، ومن أجل رامسفيلد قام بإعداد معسكر جوانتانامو. في نوفمبر المقبل سيتم تعيينه قائداً للقيادة الأوروبية وحلف شمال الأطلسي. في موقعه الجديد هذا يمكن أن يستدعي لقيادة القوات التي تعمل في أفغانستان والسودان وقوة حلف شمال الأطلسي التي قد يتم نشرها في جنوب لبنان. لقد تعلَّم جنرالات إسرائيل والولايات المتحدة كيف يتعرفون علي بعضهم الآخر منذ حوالي ثلاثين عاما وذلك بفضل اللقاءات المُتبادلة التي ينظمها المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي (JINSA) وهو مؤسسة تفرض علي كبار العاملين فيها متابعة كافة الحلقات الدراسية والندوات المتعلقة بأفكار وأطروحات ليو شتراوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.