بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    الذهب يقفز 55 جنيها في تعاملات اليوم الجمعة    ارتفاع اللحوم 12 جنيها.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق اليوم الجمعة (موقع رسمي)    تموين الدقهلية: توريد 2.3 مليون طن قمح منذ بدء الموسم    تنفيذ 364 قرار إزالة علي أملاك الدولة والأراضي الزراعية بكفر الشيخ    البيئة تنظم الجلسة التشاورية الأولى للشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة المخلفات الصلبة    كتائب القسام وسرايا القدس يعلنان شن ضربات موجعة ضد الاحتلال الإسرائيلي    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    كولر يحاضر لاعبي الأهلي بالفيديو استعدادًا لبلدية المحلة    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    ضبط سيدة بسوهاج لقيامهما بإدارة كيان تعليمى بدون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين    الحكومة: لا صحة لانتشار عصابات بالمحافظات تختطف الأطفال لسرقة أعضائهم    النيابة تطلب تقارير الحماية المدنية والأدلة الجنائية حول حريق شركة الإسكندرية للأدوية    إلهام شاهين: أعتز بدراستي للمسرح في أكاديمية الفنون المصرية    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    صحة الإسكندرية تفحص 1700 مريض في قافلة "حياة كريمة" بالعجمي    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    وزير العمل يتابع إجراءت تنفيذ مشروع "مهني 2030" مع "اللجنة المختصة"    اليوم.. آخر فرصة للتسجيل الإلكتروني لاستمارات امتحانات الدبلومات الفنية 2024    ضبط عنصر إجرامي بالبحيرة لقيامه بالإتجار في الأسلحة النارية وبحوزته 5 بنادق خرطوش    موعد نهائي دوري المؤتمر بين أولمبياكوس وفيورنتينا    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    قانل جارته فى النهضة باكيا: ادخل السجن ولا اشهدش زور ..هروح فين من ربنا    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    أدباء: حمدي طلبة أيقونة فنية وأحد رواد الفن المسرحي    عقب صلاة الجمعة.. يسرا اللوزي تشيع جثمان والدتها لمثواها الأخير بمسجد عمر مكرم    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    وزير الري يلتقي المدير الإقليمي ل«اليونسكو» لتعزيز التعاون مع المنظمة    د. الخشت يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: أضرار كارثية على الأسنان نتيجة التدخين    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قداسة القضاء بين الافراط و التفريط
نشر في نهضة مصر يوم 13 - 07 - 2006

العبد لله من الذين تربوا علي احترام القضاء وتوقيره والوقوف بين يدي القاضي في مهابة، نشأت علي عدم مخالطة القضاة، ورأيتهم جيلا وراء جيل لا يؤمون مجالس العامة، ولا يحضرون المناسبات الاجتماعية إلا في أضيق نطاق خاص، ألفنا عدم ممارسة القضاة لأعمال تجارية بيعا أو شراء وكل ما يصنف ضمن " البيزنس "، كان حرص القضاة علي هذه التقاليد سببا مباشرا في توفير المهابة لهم في عيون الناس من المتقاضين أو غيرهم وجاء النص الدستوري مواكبا لهذه الحالة المستقرة مجتمعيا بقوله " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة " وأكد قانون السلطة القضائية أنه لا يجوز للقاضي القيام بأي عمل تجاري كما لا يجوز له القيام بأي عمل لا يتفق واستقلال القضاء وكرامته.
لكن.. رأينا بعض القضاة يشتغلون بالبيز نس والتجارة ولو من باب خلفي باسم الزوجة أو الأقارب، مع علم المتعاملين معهم بحقيقة الموقف وملكية القاضي للمال محل التجارة، وتنامت هذه الظاهرة بعض الشيء خلال السنوات الأخيرة.
ولم تكن التقاليد الراسخة التي توارثها القضاة جيلا وراء جيل تقتصر فقط علي عدم الاشتغال بالتجارة وإنما تحظر عليهم بالضرورة عدم الاشتغال بالسياسة وعدم الإدلاء ببيانات صحفية، وحرصا علي استقلال القضاة واستقرار أحكامهم في ضمير الناس كان التقليد أيضا بعدم اشتغال القضاة بالسياسة، فمما لا شك فيه أن حياد القاضي هو ضمانة مهمة للمتقاضين وللمجتمع حكاما ومحكومين. ومن هنا نفهم النص القانوني " يحظر علي المحاكم إبداء الآراء السياسية، ويحظر كذلك علي القضاة الاشتغال بالعمل السياسي ".
والحقيقة أن هناك اختلال في التعامل مع هذه الظواهر التي اخترقت جدار التقاليد القضائية، فمنذ فترة ليست بالقصيرة نقرأ مقالات في الصحف القومية الكبري لبعض المستشارين الجالسين علي منصة القضاء ويتصدون للفصل بين الخصوم في نزاعاتهم الحياتية اليومية, واللافت أن هؤلاء القضاة الكتاب يكتبون في كل ما يتصل بأمور المجتمع ومنها قضايا الحكم والسلطة، وينتصرون للسلطة في مسارها ومنهجها، وهو أمر مستنكر رغم عدم تعرض أيا منهم للمؤاخذة أو اللوم ولم نعلم أن أحدهم حصل علي ترخيص من مجلس القضاء الأعلي، بينما إذا أثار أخرون من رجال القضاء أمورا شديدة الوثوق بمجال القضاء والقضاة وكتبوا مطالبين بضرورة احترام رأي نادي القضاة في مشروع قانون السلطة القضائية قامت الدنيا ولم تقعد، وإذا طالب نفر من القضاة داخل ناديهم بضرورة التحقيق في بلاغات تتعلق بوقوع تجاوزات أثناء الانتخابات التشريعية انتفض مجلس القضاء الأعلي ووجه اللوم وحقق وحاكم.
أيضا الظاهرة التي نحتاج لمعالجتها بطريقة مجتمعية حفاظا علي شموخ القضاء ونصاعة صفحة القضاة أنفسهم هي تصدي بعض الدوائر التي تنظر قضايا " رأي عام " و " سياسية " أو " عنف ديني " لإصدار بيانات صحفية ويعقدون مؤتمرات يدعون إليها وسائل الإعلام والفضائيات يتعرضون خلالها بالرأي لما حملته أوراق القضية، ويحملون علي المتهمين فيها بعبارات جارحة. رغم أن السبيل الوحيد الذي رسمه القانون ليعبر به عن رأيه في القضايا التي ينظرها هي منطوق الحكم الذي يصدره ثم أتاح له المشرع أن يتريث بعضا من الوقت يعد خلالها أسباب الحكم وهو جزء لا يتجزأ منه
ومن ثم وجب للمتقاضي أن يلجأ إلي وسيلة الطعن المتاحة له قانونا أمام محكمة مغايرة وهي الغاية التي توخاها المشرع من تعدد درجات التقاضي. أما ما نشاهده من سنوات من مؤتمرات وتصريحات وبيانات لبعض القضاة هو الذي سمح أيضا للمتقاضين وغيرهم من التصدي للأحكام بالرأي في الصحف وإصدار بيانات صحفية مضادة، وقد قص علي بعض أصدقائي من الصحفيين القضائيين قصصا عجيبة عن قضاة يتصلون بهم بأنفسهم هاتفيا ليبلغوهم بمعلومات عن قضايا هامة ينظرونها أو للحضور وسماع البيان الصحفي الذي يدلي به بسبب نطقه للحكم في هذه القضية أو تلك.
ربما يحتاج الأمر للتذكير.. أن العبد لله من الذين ظاهروا القضاة في انتفاضتهم بسبب تعرض اثنين من كبار المستشارين للمحاكمة التأديبية، ومن قبل في كل جمعياتهم العمومية العادية والطارئة التي انعقدت بسبب مطالبة القضاة بتعديلات جوهرية في قانون مباشرة الحقوق السياسية أو بسبب مطالبتهم بضمانات وصول صوت الناخب لمستحقه بتوفير قاض لكل صندوق، وأخيرا معركة قانون السلطة القضائية.
لكني قلق ولا أستطيع أن أخفي هواجسي أو مشاعر القلق تلك التي انتابتني من تنامي مشاركة نفر من المستشارين والقضاة الذين نجلهم ونقدرهم تقديرا حقيقيا في أمور تصنف من صميم العمل السياسي، فقد تكررت مقالات في صحف معارضة أو مستقلة لأحد المستشارين الأجلاء والمرموقين الذين يتصدرون الواجهة في نادي القضاة بما يتضمن أراء واعتراضات في شئون سياسية، وحضوره أيضا اجتماعا في نقابة الصحفيين خصص للإعداد لمحاكمة شعبية للمسئولين عن اعتداءات يوم الاستفتاء الأسود.
لست بحاجة إلي البوح بأسباب القلق والهواجس اندفاعا من حب جارف للمؤسسة القضائية ونادي القضاة وكل الذين نعلق عليهم أمالا كبارا في قيادة الأمة من خلال سيادة العدل وتحقيق أسبابه.
بل إنني في حاجة إلي أن أفهم عن السبب الذي يمنعني من صف سيارتي بجوار وأمام نقابة المحامين في الوقت الذي تصطف سيارات السادة القضاة والمستشارين صفوفا متكررة ومخالفة أمام نادي القضاة، لقد كتبت منذ سنوات طويلة سطورا عن هذه الظاهرة المعيبة في حق القضاة أمام ناديهم لكن رئيس تحرير الصحيفة التي كتبت بها مقالي منع نشره آنذاك، وإذا كانت مواقفنا مع قضاتنا علي النحو الذي رأينا مؤازرة وتأييدا ونصرة فمن حقنا أن نحرص علي تنقية الثوب الأبيض الناصع من أي بقعة سوداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.