بعد أقل من 24 ساعة من انتصار حرية الصحافة وسقوط عقوبة حبس الصحفيين انتصرت حرية الإبداع بعد أن رفض البرلمان أي مساس بفيلم "عمارة يعقوبيان"، وقالت لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشعب في اجتماع عاصف أمس برئاسة أحمد أبو طالب إنها ترفض اعتبار أن فيلم "عمارة يعقوبيان" يتجاوز قيم وعادات المجتمع، وفي جلسة برلمانية انعقدت أكثر من ساعتين ونصف الساعة أجمع أعضاء اللجنة خلال الاجتماع الذي حضره الإعلامي عماد الدين أديب رئيس شركة جود نيوز سينما المنتجة للفيلم علي أن فكرة مصادرة الفيلم مرفوضة تماما وأكدوا أن حرية الإبداع مكفولة للجميع شريطة عدم المساس بقيم المجتمع. وقال علي أبو شادي رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية خلال الاجتماع إننا هنا في منبر الديمقراطية، نحترم كل الآراء، فنحن بصدد عمل فني ويجب أن تكون محاكمة الفن بقانون، وقال إن الفيلم أشار إلي الفساد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي، وأضاف أنه عادة لا ينكشف الشيء إلا بنقيضه ويجب أن نتعامل أساسا مع حصاد العمل الفني، وأشار إلي أنه في الفيلم فساد سياسي واقتصادي وفكر عميق شرير وعلينا معالجتها كالأمراض. ولقد جعلنا الفيلم "للكبار فقط"، حتي لا تلتبس بعض الأمور علي الأطفال. وأكد أبو شادي ضرورة معاقبة الفساد السياسي الذي استشري مشيرا إلي أن الفيلم يطلق صرخة للأهالي.. خدوا بالكم من عيالكم.. وفي النهاية لابد أن يعاقب الشر. ولا يوجد أحد داخل الفيلم ارتكب خطأ الا وعوقب دراميا، وأكد أبو شادي أن الفيلم دعوة صريحة ضد القهر والفساد والفسوق، وتساءل لماذا تضع الصحافة الملح علي الجرح والرقابة يحكمها قانون والصحافة يغيب القانون الذي يحكمها؟! ووصف السيد راضي رئيس اتحاد النقابات الفنية ما يحدث ضد الفيلم بانه موقف غريب وشاذ لقد وقف الفنان المصري بكل قوة في المواقف الوطنية وعالج جميع القضايا، ورفع الشعارات التي شحنت الجندي المصري علي الجبهة، وأشار إلي فيلمي صلاح الدين وفجر الاسلام. ونحن قدمنا قدوة للمواطن المصري ومن حقي كفنان أن اقدم الفساد الذي أراه وكل له رأيه في أن يقول ما يراه إن كل ورقة في الفيلم مختومة بختم النسر وقال.. أليس الشذوذ موجودًا اننا منفتحون علي العالم وكان الفيلم درسًا كبيرًا لكل من يمارس مثل هذه التصرفات. وقال السيد راضي إن منتج هذا الفيلم صرف كل هذه الأموال لكي يقول إن في مصر شجاعة وحرية وديمقراطية، وهذا الفيلم كتاب أمام الجميع في الشارع ونشر وترجم، لدينا 35 ألف فنان في مصر وأربأ بمجلس الشعب الذي اعطي الحرية للابداع أن يقف ضد هذا الفيلم والفنانون لهم تاريخ وأولاد ناس. وأضاف بأن وحيد حامد كاتب النص السينمائي درس وحلل الحالة المرضية في مصر والتي يجب معالجتها. وطالب السيد راضي بعدم اغتيال الفن المصري والابداع مؤكدًا أن الفنانين كتيبة وطنية ضد الفساد. وقال ممدوح الليثي رئيس نقابة المهن السينمائية انني اري أن هناك ضغوطا شديدة علي السلطة التنفيذية ولذلك أصبحت اياديها مرتعشة، وليست لديها القدرة علي توقيع قرار واصبحت البلد بلا انتاج واؤكد لكم أن مصر اكبر بلد عربية متمسكة بالاسلام هل الأمر يحتاج إلي عرض كل الأمور علي رئيس الجمهورية مثلما حدث في فيلم الكرنك الذي عرضته علي الرئيس الراحل السادات؟ وقال أمين سر اللجنة محمد البنا إن الفيلم أراد أن يجسد حالة مرضية في المجتمع نسعي للتخلص منها ولابد من مواجهتها ونعالج قضايا اجتماعية شائكة.. وقال مصطفي الجندي لقد شاهدت الفيلم أنا وزوجتي. بينما وصف هشام خليل وكيل اللجنة الفيلم بأنه من أعظم الافلام في تاريخ السينما المصرية مثل ثرثرة فوق النيل والكرنك، ونحن لدينا سلبيات في المجتمع لابد أن نقاومها. وحيا أحمد سيف عضو اللجنة عماد الدين أديب وقال إنه فجر قضية هامة في حاجة إلي علاج جذري. وكان عماد الدين أديب قد أكد أن جميع العاملين الأبطال في الفيلم قد تسابقوا من أجل تقديم عمل فني شجاع يحارب الفساد متجاوزا العديد من الأفلام التي تنتجها السينما المصرية والتي لا تحترم عقلية الشعب المصري. وقال أديب إن هذا العمل منقول عن رواية "عمارة يعقوبيان" للروائي علاء الأسواني والتي حققت إيرادات ضخمة أثناء طرحها في الأسواق وتمت ترجمتها إلي أربع لغات أجنبية. وأضاف أن الفيلم لم يقصد الإساءة إلي المجتمع ولكن سعي للكشف عن بواطن الفساد، مشيرا إلي موافقة الرقابة علي عرض الفيلم بما فيه من مشاهد خاصة بشذوذ أحد النماذج التي يناقشها العمل الفني، وتساءل أديب عن الإساءة التي قدمها الفيلم في معالجته للمجتمع المصري بينما يحتشد الجمهور علي دور العرض لمشاهدة الفيلم وهو ما يدل علي نجاحه وجرأته في التصدي للفساد والقهر الاجتماعي والسياسي.