في غضون أسبوعين فقط، شجب ستة من المارينز وجنرالات الجيش المتقاعدين خطة البنتاجون فيما يتعلق بالحرب علي العراق وطالبوا بتنحية وزير الدفاع دونالد رامسفيلد عن منصبه. يقول ديفيد اجناتيوس أحد كتاب الأعمدة بصحيفة "واشنطن بوست" الذي يسافر كثيراً إلي العراق ويدعم الحرب إن موقف الجنرالات يعكس آراء 75% من الضباط في الميدان، وربما أكثر. هذا تصويت علي عدم الثقة في قيادة القوات المسلحة الأمريكية من جانب ضباط كبار كانوا مسئولين في يوم من الأيام عن تنفيذ أوامر تلك القيادة. من الصعب تذكر موقف في التاريخ قام فيه جنرالات متقاعدون في الجيش الأمريكي وقوات المارينز، وجميعهم تقريباً تولوا القيادة في حرب لا تزال جارية، بإدانة القيادة المدنية و مطالبة الرئيس بإقالة وزير دفاعه. وكما يدرك أولئك الجنرالات، فإن ثورتهم لا يمكن إلا أن ترسل رسالة إلي الأصدقاء والأعداء علي حد سواء، مفادها أن القيادة الأمريكية العليا منقسمة تماماً، وأن السياسة الأمريكية تعاني من التخبط، وأن خسارة الحرب في العراق وشيكة ما لم تتغير القيادة المدنية في البنتاجون. أرسل الجنرالات رسالة واضحة إلي القائد الأعلي جورج بوش مفادها: تخلص من رامسفيلد وإلا فإنك ستخسر الحرب. وقد أشار اجناتيوس كاتب العمود إلي نقطة محددة: "يتعين علي رامسفيلد أن يستقيل لأن الإدارة تخسر الحرب علي الجبهة الداخلية. بالنظر إلي الأوضاع السيئة في بغداد، فإن أمريكا لن تهزم عسكريا هناك. ولكنها قد تضطر إلي انسحاب متسرع وفوضوي بسبب المعارضة الداخلية المتصاعدة لسياستها. لقد توقف الجانب الأكبر من الأمريكيين عن تصديق مقولات الإدارة حول العراق، ورامسفيلد يعد رمزا لفجوة المصداقية تلك". وباستثناء الجنرال أنتوني زيني، قائد القيادة المركزية السابق الذي عارض اندفاع بوش ورامسفيلد إلي الحرب، فإن الجنرالات الآخرين لم يعترضوا علنا إلا بعد أن أمنوا التقاعد. و مع ذلك فإنهم يضيفون مصداقية أكبر لتهمهم الموجهة ضد وزير الدفاع. وكان الميجور جنرال بول إيتون أول من عبر عن رأيه دون تردد من بين المتمردين الخمسة، فقد كان مسئولاً عن تدريب القوات العراقية حتي عام 2004 ويلوم رامسفيلد لقيامه بتعقيد مهمة الولاياتالمتحدة بإثارة عداء حلفائنا في الناتو. واتهم الليفتنانت جنرال جريجوري نيوبولد من المارينز، مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة حتي عشية الحرب، كلا من رامسفيلد و بول وولفويتز ودوجلاس فيث بالاعتباطية والتبجح، وهما صفتان ملازمتان لأولئك الذين لم يضطروا إلي تنفيذ هذه المهام قط، أو إلي إخفاء النتائج. و يتهم الميجور جنرال جون باتيست، الذي كان قائدا لفرقة المشاة الأمريكية الأولي، رامسفيلد بأنه لا يطلب مشورة القادة الميدانيين ولا يقبل بها، و يكرر الميجور جنرال جون ريجز ما قاله باتيست، وهذا يتعارض مباشرة مع ما قاله بوش لشعبه. ويعتقد الميجور جنرال تشارلز سواناك، القائد السابق للفرقة 82 المحمولة جوا، أنه بمقدورنا تشكيل حكومة راسخة في العراق، ولكنه يقول إن رامسفيلد قد أساء إدارة الحرب. ومهما كان اعتقاد المرء عن حرب العراق، فإن تنحية رامسفيلد عن منصبه استجابة إلي جلبة أثارها جنرالات سابقون ستظهر بوش كرئيس ضعيف وفي وضع خطير. وسيكون بذلك قد أذعن لانقلاب الجنرالات. فهل سيضطر بعدها إلي مناقشة مسألة تعيين خليفة رامسفيلد معهم؟ وهناك رسالة خفية لتمرد الجنرالات. فإذا سقط العراق في فوضي وحرب طائفية وبدا كهزيمة أمريكية، فإنهم يقولون: لن نتحمل المسئولية