.د. مصطفى النبراوى كارستن جيست هو رئيس تحرير جريدة "يولند بوسطن" Jyllands posten النماركية الذي طلب من مجموعة من الرسامين وضع تصور كاريكاتوري للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، ثم نشر الرسوم التي تلقاها بتاريخ 30/9/2005 دون أى تقدير للمسئولية والعواقب و المتوقعة من جراء هذا النشر تحت دعوى حرية التعبير. بداية أحب أن أوضح أولاً أننى أنتمى للفريق الذى يؤمن بحرية التعبير رغم بعض سلبياتها كون أن التجربة الأنسانية أثبتت ان سلبيات حرية التعبير لا تقاس أو تقارن بمساوىء منع التعبير أو وضع أسقف لحريته من خلال الاكثار من المناطق المحرمة التى يحرُم على التعبير الخوض فيها ثانياً أننى أنتمى أيضا للفريق الذى يؤمن بحق الاحتجاج على أى فعل سواء كان فعلاً سياسياً / اقتصادياً / اجتماعياً / دينياً.... فالحتجاج أحد أهم أساليب ابداء الرفض والتعبير عنه بصورة سلمية راقية. ايماناً منى بأن حقى هو البحث عن أسباب المشكلة وليس الحكم عليها - وبعد الاطلاع على الرسوم أتصور أن المقصود ليس هو الرسول (الذى أرسل رحمة للعالمين) بل المقصود فئة من المسلمين انعكست سلوكياتهم وأفعالهم على الشارع الدنماركى بصفة خاصة والشارع الأوروبى بصفة عامة بأن المسلمين بصفة عامة يميلون الى العنف ورفض الآخر وغيرها من السلبيات التى أشارات إليها الرسومات وقد علمت من صديقة عادة للتو من الدنمارك أن بها جماعات مسلمة تنتمى لجنسيات عربية مختلفة خرج أفرادها من بلدانهم لأسباب عديدة لا داعى لذكرها الأن ووجدوا فى بلاد الدنمارك وشعبها الملاذ الآمن والحياة الكريمة... هؤلاء أنفسهم يصدرون نشرة كتب عليها شعار "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" هل هذا معقول؟ هل هذا مقبول؟ ورغم كل هذا أود أن أوكد للشعب الدنماركى وشعوب العالم أن ظاهرة العنف هذه لا توجد إلا فى شريحة ضيقة من شرائح مسلمى المنطقة العربية أما باقى شرائح هذه المنطقة والمسلمين فى المناطق الأخرى من العالم فهم بعيدين كل البعد عن العنف بل قل هم أكثر سكان العالم تصديراً للسلام وأن هذا العنف لا يرجع الى الدين الذى يعتنقوه بل هو بالدرجة الأولى يرجع الى مناخ الاستبداد والتخلف والقهر الذى يعيشون فيه. سوف أرسل رسالتين الأولى الى الصحفى الذى نشر الرسومات وبالتبعية الى الصحيفة التى نُشرت الرسومات على صفحاتها... أتفق معك يا سيدى على حقك فى حرية التعبير خصوصاُ لكونك تعيش فى بلد لا توجد به أسقف للحريات . بلد يأتى دائما فى مقدمة بلدان العالم الأقل فساداً طبقاً للتقارير الدولية. ولكن هل تسمح لى أن أختلف معك قليلاً فى أنه لايجب على حرية التعبير وهى كما ذكرت سابقا حق لا يجب التنازل عنه أن تُفقد التعبير أحد أهم خصائصه وهو "المسئولية" - أين ياسيدى مسئولية التعبير؟ إن الأساءة لمشاعر جماعة أو طائفة بل إلى فرد واحد بدعوة حرية التعبير دليل على رداءة التعبير ويظل السؤال الدائم أمام كل مبدع كيف أمارس حرية التعبير دون الأساءة الى أو جرح مشاعر الآخرين. ورغم هذا الاختلاف أو الاعتراض لا يفوتنى أن أشكر والصحيفة على فضيلة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، واتوجه للشعب الدنماركى والى المسيرة الاحتجاجية الصامته التى التأمت أمام الجريدة وحمل أفرادها لافتات كتب عليها عبارة "sorry" بالشكر والتقدير على تقديرهم الراقى للمسئولية. أما الرسالة الثانية فأوجهها الى المسلمين وخصوصاً فى الشارع العربى اتضامن معكم فى ضرورة ابداء احتجاج على فعل اساء إليكم ولكن اسمحوا لى أن اختلف على طريقة الاحتجاج وسوف أعبر عن اختلافى بسؤال هل حققت طريقة الأحتجاج هذه مقاصدها؟ أم اصابت المسلمين بأضرار أكثر وأكدت الانطباع المكرس فى ذهنية الأوروبى عن المسلم؟ اما كان من الأجدى أن نبدى اعتراضنا واحتجاجنا بصورة وطريقة تنفى ما جاء فى الرسومات حتى تتعاطف معنا شعوب العالم وخصوصاً الأوروبى منها بدلاً من أن تعلن الأخيرة على لسان اتحادها دعمها وتأييدها للصحيفة فى ممارسة حرية التعبير. وأصبح علينا بدلاً من أن نطالب الدنمارك أن تعتذر أن نطالب العديد من دول العالم بتقديم الاعتذار. هل كان من الصواب أن حولنا خطأ صحفى فى جريدة متواضعة الى خطأ قومى نطالب لتصحيحه اعتذار الدولة وشعب الدنمارك بل شعوب أوروبا مجتمعة؟ " إن الفعل الذى لا يحقق مقاصده فعل فاسد". رغم أننى لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولكن ألا يفطن الشارع العربى الى أنه قد يكون هناك من هو مستفيد من تعكير صفو الحال بين المنطقة العربية والاتحاد الأوروبى.... الاتحاد الأوروبى الذى وقف كثيراً مع الحق العربى.... الاتحاد الأوروبى الذى يعد التبادل التجارى معه هو الأكبر.... الاتحاد الأوروبى الذى وقف كثيراً ضد مصالح اسرائيلية.... الاتحاد الأوروبى الذى يقدم قروضا ومنحا ومعونات عديدة للمنطقة العربية؟ يبقى لى سؤالان أوجههما الى