بعد فوز "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي وما قاده من صدمة أولاً، في أحد اللقاءات المؤيدة لفلسطين، هناك ترحاب كبير بعودة الأسس الأولية للصراع علي فلسطين، وهي الأسس التي بهتت بسبب "أوسلو" وما تلاه، بدءا بتأكيد مركزية فكرة الاحتلال العسكري ونضال الفلسطينيين ضد ذلك الاحتلال، وخطل الاعتراف بإسرائيل من دون مقابل، وإعادة التركيز علي الحقوق الجوهرية كحق العودة والقدس، ومقاطعة إسرائيل، وربط النضال الفلسطيني بنضالات عالمية أوسع. ثانياً، ثمة ترحاب في أوساط المؤيدين لمسألة انتهاء تردد القيادة الفلسطينية (السابقة) حيال مسألة الدعوة لمقاطعة إسرائيل باعتبارها دولة عنصرية، علي اعتبار أن "حماس" لن تتردد في قضية كهذه إقليميا وعالميا. فيما التزمت السلطة الفلسطينية بالتعامل مع إسرائيل وأحبطت تضامن من أراد أن يتضامن مع فلسطين من الخارج. ثالثاً، هناك تخوفات عميقة في تلك الأوساط بسبب الجانب الديني في برنامج "حماس"، سواء علي مستوي ما تريد تطبيقه علي الشعب الفلسطيني، أو مستوي نهاية الصراع التي تطرحها "حماس" وخاصة قضية إقامة دولة إسلامية (حتي لو كان ذلك الأمر نظريا وعلي المستوي البعيد). رابعاً، في أحد اللقاءات قرأ واحد، من الغربيين، من أشد المدافعين عن قضية فلسطين نصين من "حماس"، واحد من مقال لخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي ل"حماس"، نشر في صحيفة الجارديان البريطانية بعد الفوز بعدة أيام، والثاني من ميثاق "حماس". في مقال الجارديان يقول مشعل إن معركة "حماس" ليست ضد اليهود لأنهم يهود أو أصحاب عقيدة، بل لأنهم معتدون. وإن اليهود عاشوا لقرون في العالم العربي والإسلامي وفي فلسطين أيضا بتعايش ووئام. وأن الفلسطينيين هم الضحية الآن وأبسط قواعد العدل الانتصار لهم، وليس لجلاديهم. أما النص الثاني فهو من ميثاق "حماس" وفيه مقولات مغايرة لما قاله مشعل ويفهم منها أن معركة "حماس" هي مع اليهود كيهود، وأن ما تطمح له "حماس" في نهاية المطاف إبادتهم في فلسطين، وكان السؤال هو أي من النصين يعبر عن "حماس" فعلاً؟ خامساً، يسأل كثير من اليساريين المؤيدين بقوة لفلسطين والفلسطينيين عن موقف "حماس" من اليسار العالمي المعادي للإمبريالية الأمريكية، وإلي أي مدي يمكن أن تتعاون وتتضامن "حماس" مع تيار عالمي متصاعد وفق ذلك الخط. يقولون ماذا ستبحث "حماس" مع هوغو شافيز عندما تزور فنزويلا؟ وكيف يمكن لها ولليسار العالمي التوافق علي أجندة سياسية إنسانية رغم الخلاف الأيديولوجي (ديني، علماني). سادساً، يسأل كثيرون وتقريباً في كل لقاء عن أجندة "حماس" الاجتماعية، وفيما إن كانت "حماس" ستعطي هذا الأمر أولوية علي حساب الأولويات السياسية والنضالية الأخري. سابعاً، هناك سؤال كبير مفاده كيف ستوائم "حماس" بين مسئولياتها الحكومية ومسئوليتها كحركة مقاومة، وما هو شكل المقاومة الذي ستتبناه "حماس". ثامناً، هل يمكن أن يشكل فوز "حماس" في فلسطين، وفوز الإخوان المسلمين في مصر، بداية لسيطرة تيار معادٍ للإمبريالية الأمريكية علي المنطقة، وهل يعني هذا تعزيزا لهذا المعسكر العالمي، أم أن تيار الإسلام السياسي لا يمتلك نظرة أممية ولا برنامج عمل عالمياً، وتظل نظرته محصورة بهموم المسلمين؟ تاسعاً، هل يمكن ل"حماس" أن تقبل بفكرة الدولة العلمانية الديمقراطية في كل فلسطين التي من الممكن أن يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود بمساواة وعلي قاعدة المواطنة؟ عاشراً، هل ستسير "حماس" علي المدي الطويل علي نفس الطريق الذي سارته منظمة التحرير الفلسطينية، وتخضع لضغوط الأمر الواقع وإكراهات النظام الدولي خاصة إذا ضرب حلفاؤها الإقليميون وخاصة إيران؟