في الوقت الذي يتواصل فيه التهديد النووي الإيراني، يتبين أنه لا الولاياتالمتحدةالأمريكية ولا إسرائيل لديهما الاستعداد لتلقي أي إدانة من قبل المجتمع الدولي في حال إرسالهما طائرات لقصف المنشآت النووية الإيرانية الموجودة في أماكن مختلفة تحت سطح الأرض وبشكل يصعب معه العثور عليها. وفي الوقت ذاته سيفشل الأوروبيون في جهودهم المرتبكة والتي تنقصها الجدية في إقناع الإيرانيين بالتخلي عن برنامجهم النووي. ويبقي افتراض قيام ثورة سلمية تقود إلي دولة إيرانية ديمقراطية جديدة تتخلي عن مثل تلك الأسلحة يبقي حلما طوباويا يستحيل تحقيقه. ومن ثم، فإن أفضل الحلول من الناحية العملية والواقعية التي يمكن من خلالها إجهاض الطموح النووي الإيراني هو أن يتوقف الروس عن بيع التكنولوجيا النووية للإيرانيين. فهم بوسعهم أن يطالبوا، وليس فقط أن يقترحوا، بأن تتم عمليات تخصيب اليورانيوم للأغراض "السلمية" داخل الأراضي الروسية. ولكن علي الرغم من كل ما يقولونه، فإن الروس لن يقوموا بذلك. فإلي جانب الفوائد التي سيجنونها من التعامل التجاري مع الدولة الإيرانية الثرية بالنفط، فإن الروس يجدون متعة في إثارة حفيظة الولاياتالمتحدةالأمريكية. فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وفقدانهم للنفوذ الدولي، يكتسب الروس علي الأقل رضاء معنويا ونفسيا عندما يعلمون أن الإيرانيين يمثلون شوكة في خاصرة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتستمتع موسكو كذلك عندما تلاحظ أن واشنطن لا تحصل دائما علي ما تريد وأنها قد تجد نفسها، بشكل كارثي، أمام عدو يمتلك قوة نووية يقف علي أعتاب الدولة الديمقراطية الجديدة في العراق. وتلعب الصين الدور نفسه فيما يتعلق بكوريا الشمالية. ففي الظاهر يبدو الصينيون وكأنهم ليس لديهم رغبة في أن يروا كيم يونج إل يمتلك ترسانة نووية علي جانب حدودها المضطربة في الأساس. غير أن الصينيين يرون فائدة واضحة في السماح لنظام مارق بإثارة جنون خصومها لاسيما اليابان وتايوان والولاياتالمتحدةالأمريكية. ولذا فإن القيادة الصينية، علي غرار الرئيس الروسي بوتين، ستعد بلعب "دور إيجابي". وفي الوقت ذاته يترك الأمريكيون وهم يتجرعون ويلات القلق من أن تصبح لوس أنجلوس في مرمي الصواريخ النووية. فيما يتعلق بالنواحي الأمنية علي المدي البعيد، قد يتمني الروس والصينيون بشكل سري فيما بين أنفسهم أن تنجح الولاياتالمتحدةالأمريكية في تقليم أظافر إيران وكوريا الشمالية وبث الاستقرار في العراق. فعلي الرغم من كل شيء، من هي الدولة التي تريد أن تري أمامها نظاما مارقا يمتلك أسلحة نووية وتري الإرهابيين وقد أصبحوا خارج إطار السيطرة ويتسببون في الإضرار بتجارتها؟ ولكن وجود مشكلات من قبيل تلك التي تكلف الأمريكيين إهدار الوقت والمال وتكبد الخسائر البشرية وفقدان الشعبية العالمية يشغل الولاياتالمتحدة بشكل يجعلها تترك الآخرين مستمرين في سياساتهم. فاحتمالية أن تستهدف إيران وكوريا الشمالية والمتشددون الإسلاميون الولاياتالمتحدةالأمريكية تزيد بكثير عن احتمالية استهداف الروس أو الصينيين لها. وحتي من يطلق عليهم حلفاؤنا مثل الأوروبيين فإنهم بشكل أو بآخر يمارسون لعبة غض الطرف. فتلك الأطراف هي الأخري يملؤها الفخار والكبرياء ولكنها لا تملك أي قوة عسكرية تقليدية حقيقية. ينبغي لنا أن نتوقع من الحلفاء والذين يتخذون مواقف حيادية أن يعيقونا بدلا من أن يساعدونا. وفي الوقت ذاته يتعين علي الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تكثف جهودها الرامية إلي منع الأنظمة المارقة من الحصول علي أسلحة نووية وإلي مطاردة الإرهابيين. إن صواريخ الدفاع الاستراتيجي ستثبت جدوي كبيرة للغاية في العقود المقبلة وذلك في إطار سعينا ضد الأنظمة التي لا تمتلك سوي عدد قليل من الرؤوس الحربية. ومن شأن البقاء في العراق ريثما تتحقق الديمقراطية الجديدة هناك بشكل قوي وريثما نتمكن من هزيمة المتمردين من شأنه أن يصيب الإيرانيين بالخوف من أن تصل الديمقراطية إلي أراضيهم. كما أن هناك أيضا شركاء لنا لهم قيمة أكبر مثل اليابانيين والبريطانيين والهنود والأستراليين الذين يمكن أن يكونوا في طليعة محاربة انتشار الأسلحة النووية والإرهاب.