كل ما قرأناه تعليقا علي حادث كنيسة الاسكندرية.. قرأناه منذ عام تعليقا علي حادث كنيسة نجع حمادي. أو كنيسة النزهة ويبدو أننا سوف نقرأه في المرة القادمة تعليقا علي حادث مشابه امام احدي الكنائس! وكل ما شاهدناه من مظاهر الرفض لتلك الاعمال الارهابية من مظاهرات تهتف او مسيرات تنظم او لافتات تعلق او تصريحات تصدر او بيانات تذاع او منشورات توزع او مقالات تكتب.. كل تلك المظاهر التي رأيناها في السابق نراها ونشاهدها الان. وفي انتظار ان نشاهدها مكررة ودون اي تغيير في السيناريو والحوار - في احداث قادمة دون اي تغيير يحدث. وكل الاقتراحات التي انطلقت من هذا المصدر او ذاك علاجا للأزمة او منعا لتكرارها سوف تنطلق هي نفسها في هذه المرة وربما المرات القادمة! لقد توهم البعض منا من ذوي الضحالة واصحاب القلة ان العلاج يأتي بمأدبة تقام يتقاسم فيها المسلم والمسيحي بعض اللقيمات علي طريقة (العيش والملح) او بطريقة (صافي يالبن حليب يا قشطة) و(قوم بوس رأس أخوك)! تصورنا ان الحل في رفع بعض لافتات التنديد. او اطلاق عبارات المجاملة. ثم انتظرنا ان يحدث ذلك كله بعض الاثر المطلوب لتهدئة الاجواء او نزع الفتيل. فلم يحدث شيء من ذلك.. ولكن الذي حدث بعد كل ما قلناه او فعلناه هو المزيد من الاحداث التي كنا نطلق عليها في السابق اسم الاحداث المؤسفة. ثم تطورت ليصبح اسمها اعمال ارهابية وبعد ان كانت مجرد فتنة طائفية. فإذا بها تتطور لتصبح فتنة وطنية! والغريب انه بالرغم من تأكدنا من فشل كل الطرق والاساليب التي اتبعناها لوأد الفتنة أو التقليل من اثارها الضارة مازلنا نحرص عليها. ونتمسك بها. وكأن هؤلاء لايسمعون. واذا سمعوا لايعقلون. واذا عقلوا لا يكترثون وكأنهم اصحاب مصلحة فيما يحدث او يقع من احداث ارهابية! مازلنا نسمع من يقول لنا ان الحل في تغيير الخطاب الديني. ومازلنا نري من ينصح بتطوير مناهج التعليم ومازلنا مع هؤلاء الذين يفكرون في اي حل قفزا علي الواقع او تجاهلا لحقيقته. يقول لنا الواقع ان التشخيص الخاطئ. يؤدي الي العلاج الخاطئ فإذا لم تتحسن حالة المريض علي الدواء الذي وصفه له الطبيب في روشتته كان ذلك دليلا علي خطأ الطبيب وخطأ الروشتة. ورغم اليقين الذي وصلنا إليه الآن بوقوع الطبيب في الخطأ الا اننا لانزال نصر علي علاج المرضي بالوصفة الخطأ.. حتي وصلت الحالة - أو كادت - إلي (الموت السريري)! تعالوا نجرب مرة واحدة. تغيير الطبيب. أو حتي تغيير الروشتة. ما نحتاجه الآن هو تغيير التغيير! بدلا من تغيير الخطاب الديني دعونا نغير اصحابه أو الذين فشلوا في تغييره. وبدلا من تغيير مناهج التعليم، دعونا نغير في المعلمين وطريقة ادائهم. لم يقل لنا أحد ان الخطاب الديني الذي يستلزم التغيير لا يمكن ان يكون دينيا بالمفهوم الصحيح للدين. ولم يذكر لنا احد ان مناهج التعليم التي ندعو الي تغييرها لاتمت الي المنهجية السليمة. قلناها مرارا ولم يسمعها احد ليست فتنة وليس ارهابا دينيا. وليس قضية امنية ولاهي قضية قانونية. لا قانون الطوارئ ولا حتي قانون الارهاب الذي نفكر في اصداره ولا رجال الامن واجهزة التجسس وابراج المراقبة او كمائن التفتيش ولا رجال الدين فوق منابرهم ولابيانات الاستنكار والشجب ولا لافتات الادانة او مظاهرات الاحتجاج. لاشيء من ذلك كله يمكن ان يحدث الاثر المطلوب لأن الخطأ في التشخيص وليس في العلاج ولأننا نتعامل مع العرض. وليس المرض الذي هو (سياسي) في المقام الأول. فلنحاول ولو مرة واحدة ان نصرف الدواء من صيدلية السياسة ومن روشتة سياسية يكتبها طبيب او اطباء سياسيون. فلنستمع الي رأي السياسيين بعد ان استمعنا لرأي رجال التعليم ورجال الدين، ورجال القانون.. ففشلوا وفشلنا معهم حتي وصلنا إلي مانحن فيه الآن. فماذا تنتظرون إذن?!